الأربعاء، 28 مارس 2012

في الفيدرالية ( الحلقة 5 )


في الفيدرالية
الحلقة (5)                                 27/3/2012                  بقلم : ابراهيم السنوسي امنينه

وباشروا التفاهم معهم تارة باتصال الزعماء وطوراً بواسطة الرسل من دعاة الخير ممن لا ينتسبون لأي من الفريقين "المحايدين" ، ولكن صف الغرب كان قد استضعف صف الشرق وأخذت الغطرسة والكبر منهم كل مأخذ ، وكان آخر رسول بعث به صف الشرق هو (الفقي الفزاني) الذي كان يعلّم أولاد علي الطيوش وكان محل احترام كل من يعرفه وهكذا من كان يحفظ القرآن ويتلوه يكون محل احترام الغير فأرسله صف الشرق ومعه رجلاً آخر إلى الشيخ بن رزق الله يطلب منه باسم صف الشرق التفاهم للوصول إلى تحسين العلاقات والجوار .
والمقصود من طلب التفاهم هو أن يبقى صف الشرق ببرقه حتى إ
تمام الحصاد بدون قتال بين الطرفين ويطلب أيضاً صف الشرق من الآخرين أن يراعوا حرمة الزراعة ويمنعوا حيواناتهم من العبث بها، ولكن الشيخ بن رزق الذي هو لا يعبأ بصف الشرق وأيضاً هو قائد لصف الغرب ، ويعتبره الطرف المستضعف في نظره أبى أن يستجيب لذلك الطلب المتواضع ورفض أن يسمعه ويا ليته وقف عند هذا الحدّ بل تعداه إلى ما هو أبشع وأفظع ، فقد أمر بعض رجال قومه بذبح الفقيه المرسل إليه ورفيقه – ذبحهما كما تذبح الشياه وحملهما على جمل وأرسل من يرسلهما مصلوبين إلى منتجعات صف الشرق كتهديد وإنذار إذ أرفقوا بالجثامين كتاباً يقول :
فقيهك اللي قراك إن جيت يالطيوش تلحقه
 فاشمأز صف الشرق من هذه العملة النكراء ، وهذا التهديد المر، وأراد رجاله أن يبادلوا صف الغرب بالجزاء من جنس العمل والمعاملة بالمثل ، غير أن المفكرين منهم رأوا أن يتخذوا طريقاً وسطاً يضمن النجاح في المستقبل القريب بالتؤده والصبر وليس بالعجلة التي تأتي أحياناً بالضرر ، فأراد شيوخ صف الشرق أن يذهبوا بأنفسهم .
كان الشيخ أحمد اللواطي قوياً شديد الانفعال عصبي المزاج فطلب منه أخوانه ألا يذهب معهم تفادياً للشر وخوفاً من بادرة تبدر منه يصعب ردها لكنه حتم رأيه أن لا بد من مصاحبة قومه في تلك المهمة إلى زعماء صف الغرب ، لكنهم اشترطوا عليه ألا يشترك في المفاوضات وأن يحضر كمستمع فقطع على نفسه عهداً بذلك . ولما وصلوا إلى منتجعات صف الغرب تباطأ الشيخ بن رزق الله عن قصد في مقابلتهم . وبعد فترة قابلهم مقابلة تكلّف وكان ممسكاً بيد عصاة صغيرة من ذهب يداعبها بيديه ويدون أن ينطق ببنت شفة ، وكان ملثماً ، يترك الكلام لأعوانه . لما وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود ، أزال ابن رزق الله لثامه عن وجهه ونطق قائلاً: (اسمعوا يا سعادي : برقه ظهر حمار لا تسعنا جميعاً) المقصود بهذه العبارة بأن برقه مساحتها مثل مساحة ظهر الحمار فإنها لا تسعنا جميعاً، عند ذلك أجابه الشيخ احمد اللواطي قائلاً : (إن كانت برقة ظهر حمار فلا يمتطيه إلا نحن)، وأردف بالقسم "بالطلاق" ، ويعتبر هذا القسم بمثابة اليمين الحاسم في ذلك الوقت ، وانفض الاجتماع عند ذلك في شيء من الاضطراب فركب أهل برقه خيولهم وذهبوا سراعاً إلى أهليهم وبقي شيوخ صف الغرب في محلاتهم . وكان ابن رزق الله قد أرسل إلى قبائل الجوازي – وكانوا قد هاجروا عنوة وقسرياً – أرسل إليهم بن رزق الله يطلب منهم القدوم إلى برقه ليتحالفوا سوّياً على محق هذه القبائل البرقاوية ثم بعد محقهم يتقاسم مع الجوازي ملكية برقه . عندما علمت قبائل برقة بذلك تأكد لهم أن لا حيلة للبقاء في برقه دون القتال وخشوا أن تصل قبائل الجوازي (وهم أبناء عمومتهم إذ هم أبناء جبريل أيضاً) التي تريد الانتقام ممن تسبّب في هجرتهم إلى مصر – فتقوى عندئذ شوكة بن رزق الله، فاتفق شيوخ برقه على إرسال الشيخ بوخريص الكزة إلى زعيم قبائل (الحرابي) ، وهم أولاد حرب : أولاد حمد ويطلق عليهم تجاوزاً "البراعصه"

؛؛؛ إلى اللقاء في الحلقة السادسة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق