الأربعاء، 21 مارس 2012

سيناريو الخيانة "الحلقة 4 "


سيناريو الخيانة
ثورة الأمل تتحوّل بمرور الوقت إلى ثورة الخيبة
الحلقـــــة(  4  )                                                                بقلم : إبراهيم السنوسي إمنينه
14/1/2012 م             

خيار وسيناريو إحتواء وسرقة ثورة 17 فبراير
ملخص الحلقات الثلاث الماضية :
ذكرنا أن الطاغية كان قد أوفد السيد المستشار إلى شيوخ وعقلاء وحكماء مدينة البيضاء وحملّه بضع مئات من الملايين من الجنيهات الليبية ليعطيها لشيوخ البيضاء كهدية لشباب المدينة الذين كانوا قد تنادوا عن طريق الفيس بوك للتظاهر بمناسبة مرور خمس سنوات على التظاهرة أمام مبنى السفارة الإيطالية في بنغازي يوم 16/2/2006م ، وكان قد سقط بعض الشهداء والجرحى ، برصاص قوات الشرطة والأمن العام بإيعاز من الشناقه (هـ . ب) غير أن حكماء البيضاء رفضوا ذلك العرض قائلين للمبعوث : شعب مدينة البيضاء لا يريدون من النظام شيئاً إلا أن يتنحى أو يرحل ...
تلك كانت الخطة المبدئية . وكنا قد ذكرنا بأن لكل خطة خطة  بديلة عن الخطة المبدئية في حالة فشلها ، وأطلقنا عليها الخطة " B " " ب " وهي اللجوء إلى السلاح بالرصاص الحيّ وكافة أنواع الردع بالقتل والحرق ، في حالة ما إذا تحولت التظاهرة إلى تخريب وعنف ورفع شعارات تمسّ عناصر النظام أو         " العائلة" ، أو الهجوم على مؤسسات النظام المدنية والعسكرية والأمنية ، فإنه لا مجال لإستعمال أدوات الردع التقليدية مثل الرصاص المطاطي والعصيّ والغازات المسيلة للدموع ، وخراطيم المياه الساخنة ، لأن مثل هذه الاسلحة تلجأ إليها فقط الأنظمة العاجزة والتي يطلق عليها (الديموقراطية) ، وتعتبر ضمن الحلول التلفيقية ، ولذا ، فإنه يتوجب سحق هؤلاء المتمردين ومحوهم من على وجه الأرض ، وذلك بعد فشل خطة (العصا والجزرة) أي " الترهيب والتأديب بالرشوة والترغيب " لإحتواء الحراك مقدمة لإجهاض الثورة المحتملة ، ومن ثم صمود النظام وبقاؤه وإستمراره .
وذكرنا أنه لما فشلت الخطة المبدئية ، والخطة " ب " وإنتصر الثوار وتحرّر الشرق وإنطلقوا غرباً وبدأ كبار الضباط في الجيش والأمن في الإنشقاق والإنضمام إلى ثورة 17 فبراير ، كان على النظام أن يبدأ في تنفيذ الخطة " ج " - " C " وكانت الأوامر قد صدرت من الطاغية إلى السيد المستشار ، وهي تتلخص في تنادي جماعة " سيف الأزلام " وذكرناهم بالإسم وهم السيد المستشار ، بصفته صهر الطاغية وموضع ثقته ، وبما أنه كان قد فشل في تنفيذ الخطة المبدئية أي خطة العصا والجزرة أي الترهيب والتأديب والترغيب بالرشوة ، ثم د. علي العيساوي ، ود. محمود جبريل ، ود. علي الترهوني وعبد الحفيظ غوقة لتكوين مجلس إنتقالي للتكنوقراط ، يحركهّم الطاغية وسيف الأزلام الذين كانوا يعملون معه ويأتمرون بأمره في يوم من أيام مشروع ( ليبيا الغد ) قبل أن يتفرقوا أيدي سبأ .



لكن الأوامر التي صدرت من الطاغية أو سيف الأزلام بتشكيل هذا المجلس العتيد كانت واضحة بقدر ما كانت صارمة بأن هذا التشكيل هو " مع وقف التنفيذ " ولا يجب أن يعلن قبل يوم (19-3-2011م) والمعنى في بطن الشاعر . وتساءلنا ما السرّ في تاريخ يوم السبت 19- مارس 2011 .
جلس الطاغية مع مواليه لوضع خطة لتدمير مدينة بنغازي وتسوية مبانيها بالأرض ودفن أهلها تحت الركام بعد إطلاق مرتزقته على الحرائر مثلما فعل في مدينة إجدابيا وذلك إنتقاماً منه لسقوط الكتيبة وفرار الجرذين عبد الله السنوسي والساعدي معمر يوم السبت 19- فبراير 2011م .
وكان هذا التاريخ هو اليوم الموعود وساعة الصفر ... وكان هو يوم " الأرتال" ...وبقية القصة باتت معروفة للجميع !! وهذا هو ما دفعه لإصدار أوامره خلال شهر فبراير بعد سقوط الكتيبة ، التي تقضي ، بعد تشكيل المجلس الإنتقالي وتسمية أعضائه ورئيسه ، تقضي بتجميده أي مع وقف النفاذ وعدم الإعلان عنه إلى حين صدور الأمر من قبل الطاغية أو سيف الأزلام المتوقع يوم السبت 19-3-2011م . إذ كان يظن أنه ، أي الطاغية أو إبنه سيف الأزلام ، سوف ينتصران على الشعب في ذلك اليوم ، وإذا ما حدث ذلك الإنتصار فلا حاجة للإعلان عن تشكيل ذلك المجلس ، إذ سوف يترتب على قصف بنغازي وتدميرها الزحف نحو الشرق لتأديبه وإحتلاله من جديد " وعودة الإبن الضال " بإسترداد ما قد حازه المتمردون في كامل الشرق ولا حاجة بالطاغية إلى المجلس الإنتقالي أو تشكيله .
لكن حدث مالم يكن في الحسبان ....
إن الذي لم يكن في حسبان الطاغية : غضب الذي يمهل ولا يهمل شديد العقاب عزيزٌ ذُو إنتقام ، وغضبُ الشعب ... (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فأخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فإنقلبوا بنعمةٍ من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضلٍ عظيم) صدق الله العظيم.
آل عمران 173-174.
فلا تؤاخذوا الحليم إذا غضب فإن الله سوف يُرسل عليكم من يأخذكم أخذ عزيزٍ مقتدر ، وبالفعل ، فكان هناك جنود لم تروها تقاتل معهم وتشدُ من أزرهم ، وكان السحاب يظلّلهم من فوقهم وهم يزحفون مكبّرين مهللّين فرحين بما آتاهم .
وقيّض الله لهم من يرسل عليهم طير أبابيل فيدمّر أرتالهم ويحرق آلياتهم عن آخرها ، وتتفحم جثامينهم فتصبح رماداً تذروه الرياح ، ويتصل الطاغية بقائد الأرتال الغاشمة متسائلاً : اعطني التمام !! فيردّ عليه أبرهه قائد أرتال الفيلة قائلاً : سيدي ، إن الأرتال قد دُمرّت عن آخرها تقريباً والقليل مما تبقّى منها ها هو يتقهقر طالباً النجاة بجلده وراضياً من الغنيمة بالإياب . عند ذلك سقطت سمّاعة الهاتف من يد الطاغية وسقط هو جاثياً على ركبتيه وكأنه يتوسل للشيطان ، وأجهش في البكاء حتى إبيضت عيناه وراح في غيبوبة ، وعندما أفاق إكتشف أنه لم يعد بإستطاعته السيطرة على أدوات إخراج ما في السبيلين ، وتذكّر عند ذلك قول الله المنتقم الجبّار في فرعون : ( فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلَفَكَ آية وإن كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون ) صدق الله العظيميونس 92 .


غير أنه لم يتّعظ ولم يستغفر ربه ويطلب العفو والمغفرة والنجاة من النار ، ومضى في غيّه وطغيانه وكفره حتى ُقتل شرّ قتلة ، وشاء الله ألاّ يُلهمه النطق بالشهادة ، وحضره الموت والشيطان إلى جواره يبتسم ، والطاغية يتوسل ويستصرخ طالباً النجدة فيما هو فيه فجاءت الآية الكريمة تكاد تخرق أذنيه : (وقال الشيطان لما قُضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلاّ أن دعوتكم فأستجبتم لي ، فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمُصرخكم وما أنتم بمُصرخيّ إني كفرتُ بما أنتم أشركتمون ِفيه من قبل إن الظالمين لهم عذابٌ أليم ) صدق الله العظيم.إبراهيم 22 .



؛؛؛؛؛ وإلى اللقاء في الحلقة القادمة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق