السبت، 24 مارس 2012

إحياء علوم السياسة (الحلقة 3)

إحياء علوم السياسة
الحلقـــــة (3)                                                             بقلم : إبراهيم السنوسي إمنينه
5/3/2011 م             
 


أرجو النشر بدون حذف أو ترميز لكي لا تفقدفحواها
والغرض منها وذلك على مسؤوليتي الشخصية ولكم خالص الشكر
صــورة منقحــه

ذكرنا في الحلقتين الماضيتين كيف تطور علم السياسة منذ الفيلسوف أرسطو (الممنهج والمحرّك الأول) مروراً بالمفكرين والفلاسفة النصارى والمسلمين في العصر الوسيط ومعظمهم كان لا يرى في السياسة إلا زاوية من التعاليم المنزلة والمبادئ الأخلاقية ، وإنتهاءً بنيقولا ميكافيللي منذ خمسمائة عام بإنشاء طريقته الواقعية في وصف سياسة الحاكم ، كما اوردنا تعليقاً ناقداً لهذه النظرية للديكتاتور بينيتو موسوليني في أطروحته التي كان قد قدمها في صدر كتاب (الامير) لميكافيللي وذلك في العام 1924 ، لنقد هذا الكتاب ، ونواصل :
علمنا اليوم من وسائل إعلامنا الرشيدة أن سعادة النائب العام في النظام الليبي المستشار عبدالعزيز الحصادي ، وهو بدرجة وزير كان قد شدّ الرحال إلى العتيدة الرشيدة جارتنا مصر وبيده قائمة بها حوالي 30 أو أكثر من أسماء أزلام النظام السابق الذين وقع طلب تسليمهم من قبل المجلس الإنتقالي لمحاكمتهم كلصوص أو قتلة أو الإثنين معاً.
وتفاءلنا نحن الشعب وقلنا ها قد عادت الذكورة إلى مجلسنا أخيراً !! غير أن سعادة النائب العام قد رجع بخفيّ حنين (وقفاه يقمّر عيش) ، وان نظيره المصري (الفوّال) قد أعطاه (زومبه) .
كان هذا خبراً وفيما يلي التعليق :
ضيفنا في هذا المقام هو المرحوم الحاج عبد الرحمن آغا ، عاش في القرن الثامن عشر (1720-1792) ومثّل ليبيا كسفير في عدد من عواصم أوروبا الكبرى ، وفاوض وعقد بإسم بلاده معاهدات واتفاقات . إن الحديث عن سفير ليبي في القرن 18 له دلالة خاصة ،فهو يعكس واقعا غير مرئي من تاريخ هذه البلاد ، فليس هيناً ولا عادياً أن يكون لليبيا سفراؤها وممثلوها في لندن وڤينا ولاهاي ولدى السويد والبندقية وأسبانيا والدانمرك في ذلك الزمان وقبل أن يولد نابليون بونابرت وقبل ان تتحد إيطاليا وتصبح روما عاصمة لها بأكثر من نصف قرن من الزمان ، وقبل الثورة الفرنسية بحوالي نفس الفترة الزمنية ، ثم بعد ذلك تعود البلاد وأهلها إلى الدرك الأسفل مندرجات التخلف والجهل والامتهان والذل . والحاج عبد الرحمن آغا رحمة الله عليه ، رجل آمن بوطنه واخلص له كل الإخلاص ، وضحى في سبيله بكل شيء : أسرته ، راحته ، حياته حتى قضى شهيد الواجب غريباً عن بلاده وفي سبيل إنقاذ شعبه من شرور المجاعة في ذلك الوقت , فهل هناك مجال للمقارنة بين هذا السفير والاستاذ عبد العزيز ؟ تا الله لا !!
وليس هذا المجال لذكر تفاصيل أو ترجمة لهذا المثال الرائع من الدبلوماسية والشرف الرفيع والقوة ، وأنا أنصح من يريد المزيد من التفاصيل عنه أن يقرأ في كتاب " عشر سنوات في بلاط طرابلس " الآنسة توللّي Miss Tully– ترجمة د. عبد الجليل طاهر – منشورات الجامعة الليبية – دار ليبيا – بنغازي 1967م .
إن القصد من هذا المثال والتنويه به هو ما ذكرته آنفاً فإنه والحسرة تعتصرني أتساءل : أبعد كل هذا المجد والعُلا في التمثيل والتاريخ والدبلوماسية في ليبيا وإتمام المفاوضات وإبرام الإتفاقيات والمعاهدات مع أعتى الدول الأوربية الإستعمارية في العالم ، أبعد كل هذا نفشل ونضعف ونعجز أمام رمم وحثالة ونفايات مثل النيجر وتشاد ومصر وتونس والجزائر وغيرها ؟ فبينما  كانت ليبيا تزمجر وتعربد بأساطيلها التي تمخر عباب البحر الأبيض المتوسط وتغرق الباخرة الأمريكية (فيلادلفيا) في يونيو 1805 أمام شواطئ درنة ، فإن هذه النفايات لم يكن لها حتى قنصليات أو ممثليات في أوروبا ، ولم تكن حتى دولاً في الأصل ولم تكن قد انقشعت عنها سحائب الإستعمار بعد ، فهل نعجز اليوم أمامها عن المطالبة برؤوس أعداء الشعب الليبي التي تحتضنهم هذه الرمم من الدول طمعاً في أموالنا التي كانوا قد سرقوها وحملوها معهم واستثماراتنا لديهم – أعداؤنا من أزلام الطاغية وذريته الشقية ؟
أما والله قد هزلت حتى بدت منها كلاها !!

ألا أيها المجلس : ألم يحن الوقت لتقول لنا وداعاً وسامحونا !! فلقد طفقت في العروق الدما .


؛؛؛؛؛ وإلى اللقاء في الحلقة القادمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق