السبت، 24 مارس 2012

نبش القبور حكر على أهل الفجور عبر الدهور (ج 1 )


نبش القبور حكر على أهل الفجور
عبر الدهور
الحلقـــــة (1)                                                              بقلم : إبراهيم السنوسي إمنينه
1/3/2011 م             

كنا قد تحدثنا في حلقة سابقة حول نظرية تقول بضرورة "تغوّل" الثورة بقصد حمايتها من أعدائها من الصراصير المستوطنة، فكان السؤال : هل من ضرورة لتغّول ثورة 17 فبراير، تقتضيها المصلحة الوطنية ؟ قلنا ربما تكون الاجابة بنعم حالة كون التغوّل إقتضته حاجة البلاد الملحة لفرض النظام ومن ثم الأمن والاستقرار ثم تفعيل القضاء وتطبيق العدالة الاجتماعية وبعث السلطات التشريعية القضائية والتتنفيذية ومن ثم سد الفجوات أمام الصراصير الناقلة لعدوى العقائد المريضة (ولا أميل إلى استعمال مصطلحات كان قد تبناها الطاغية في زمنه مثل مصطلح (الزنادقة) لأنها مسميات حقيقية لكن أريد بها باطل، قصد من ورائها التمسك والتشبث بكرسي وعرش العدوان فقط لا غير) تلك الصراصير النابشة للقبور، والهادمة للتماثيل والأضرحة، والرافعات لرايات ما أنزل الله بها من سلطان، وذلك لتولي زمانها إذا كانت تماثيلاً، وأما إذا كانت أضرحة لأولياء صالحين ﴿ألا فإن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنونيونس 62
أما إذا كانت تلك القبور لأشخاص عاديين شيد لهم بعض الناس أضرحة تبركاً بهم ليس توسلاً فلا ضرر ولا ضرار في ذلك، لأن زيارة المقابر وتلاوة الفاتحة على ساكنيها طلباً للرحمة ليس منهياً عنها وليست من المحضورات إذا لم تكن بقصد التوسل وقضاء أمر دنيوي بعينه . بالإضافة إلى أنه جرت العادة في مدينة بنغازي على وجه الخصوص، أنه كان يحل بها البعض من قاصدي بيت الله الحرام بغرض قضاء فريضة الحج ويستريح في البلدة إبتغاء الراحة من عناء الترحال ويكونون أحياناً من سكان اقاصي المغرب، ومنهم من تأتيه المنيّة هنا في بنغازي إما قبل قضاء الفريضة أو في طريق العودة، وفي الأغلب أيضاً فهم شأنهم شأن غالبية الحجاج من سكان المغرب يكونون أحياناً من حملة كتاب الله الكريم، فيصلّون بالناس، ويتهجدون بالمساجد يقيمون الليل ، ويؤوهم السكان ويتسابقون ويتسارعون في الخيرات لخدمتهم فإذا توفاهم الله فإن الناس يقيمون لهم الأضرحة المتواضعة إكراماً لهم في غرفة ملحقة بمسجد الحي تخليداً لذكراهم وللتبرك والعرفان بما قدمه هذا الغريب للسكان من إمامة في الصلاة ورفع للآذان وأحياناً تحفيظهم بما يكفيهم من قصار السور لإقامة الصلاة، ومن هؤلاء امثال سيدي غازي وهو الولي الصالح الذي حملت مدينة بنغازي اسمه ، وضريحه موجود بمقبرة سيدي خربيش ، وسيدي الشابي، وسيدي اغريبيل وسيدي سعيد، وسيدي سالم وسيدي داود وسيدي بالخير وسيدي عبد الجليل وسيدي حسين وسيدي بوسديرة وسيدي الشريف، وسيدي الدراوي وسيدي المسطاري، وسيدي علي لوحيش وسيدي مومن، ومجموعها حوالي 16 ضريحاً سميت بها حوالي 16 محلّة في التقسيم الاداري لمدينة بنغازي وأن اكثر من نصف أصحاب تلك الأضرحة كانوا قد أتوا من غرب ليبيا والبعض الآخر حسب ما يقوله المؤرخون الليبيون ترجع أصولهم إلى قبائل فرجان، أو فواخر، أو خدام الزروق أو مصراته والله اعلم . اما خارج مدينة بنغازي فقد نبشت مقبرة الكويفيه، وسيدي خليفة وسيدي عبيد والسؤال المطروح الآن هو : هل يجوز نبش قبور أمثال هؤلاء الكرام البرره، والذين كانوا قد قضوا ودفنوا منذ أكثر من قرنين من الزمان ؟ ومن أجل ماذا تنبش لحودهم بعد هذا الزمن ؟ بل ماذا فعلوا لتنبش قبورهم ؟ وماذا تحقق من كسب للنابشين ؟؟
والآن نعرض فئة أخرى تعرضت للإهانة بالنبش بعد أن مرّ زمن ليس بالقريب على وفاتهم ودفنهم . ونحن الآن نتحدث عن الإمام محمد بن علي السنوسي وولده السيد محمد المهدي .
فالأول نبش قبره على يد المقبور حسن اشكال وأعوانه بأمر من المقبور الطاغية في الكفره في العام 1985م بعد ان كان قد مرّ على وفاته ودفنه قرن وربع قرن من الزمان والقي بجثته في الصحراء إلى أن عثر عليها أحد الرعاة فأبلغ عنها الحكومة وقد ملأه الذعر ولم يتعرف على الجثة لأنه وجدها غير متحللة وشعر اللحية ابيض كما هو فخشى أن تكون هناك جريمة قتل فابلغ عنها فوراً، فحضر ما يسمى بالخويلدي الحميدي وأزلامه إلى المكان الذي كان فيه الجثمان ملقى هناك فنقله طبقاً لأوامر الطاغية ولم يعرف له مكان حتى اليوم .
أما الثاني فكان السيد محمد المهدي الذي كان قد توفي ودفن  في زاوية التاج بالكفرة بتاريخ 02/06/1902م الموافق 24/صفر/1320هـ فقد نبش قبره في نفس التاريخ الذي نُبش فيه قبر والده الإمام أي في العام 1985م، أي بعد وفاته بـ 83 سنة، وهناك قول آخر انه نبش قبره هذا العام 2012م حسب الإعلام الغامض والمتواطئ لثورة 17 فبراير أي بعد فاته بـ 101 سنين .
حتى النابشين في هذا العام لم يوفروا نبش قبور نسوة هن الأخوات المؤمنات من زوجات وبنات لأولئك الصالحين الأبرار .
ويجدر بنا أن نورد أسطراً قليلة عن الأثر الذي تركه هذان الصالحان وذلك بإعطاء فكرة موجزه لهؤلاء الذين لا يعلمون فويلهم من الذي يعلمون :
إن باعث الحركة السنوسية كان قد أكد في كل مناسبة وكتاب ومكان سافر إليه إن السنوسية حركة دينية وفكرية ثقافية ودعوية اصلاحية وسلفية وسطية أفرزتها جملة من العوامل الداخلية والخارجية التي المت في بالمنطقة الشمال افريقية المغاربية في القرن التاسع عشر الميلادي وقد نشأت وتشكلت هذه الحركة الدينية على الصعيد الداخلي بتأثير العوامل التالية :-
1- الضعف والانهزام السياسي والعسكري الذي آلت إليه الكيانات الحاكمة في المنطقة المغاربية بداً من سقوط "إيالة" الجزائر العثمانية فريسة في يد الاستكبار الفرنسي عام 1830 .
2- انتشار الخرافة وسيطرة الوهم وتسلط عقيدة الجبر الفاسدة وشيوع المفاهيم الخاطئة المعطلة لتعاليم الدين الاسلامي .
3- التراجع والأفول الحضاري العربي الاسلامي أمام الهيمنة الاستكبارية الصليبية الغربية .
4- الفساد الاجتماعي والاخلاقي مع التراجع الاقتصادي والصناعي التجاري والزراعي المزري الذي ألم بشعوب المنطقة ، ولقد شكلت الحركة السنوسية على الصعيد الخارجي حلقة منيرة في سياق سلسلة الوعي واليقظةالحضارية الاسلامية التي بدأت تعرف طريقها إلى العالم الاسلامي في العصر الحديث بدأً من حركة الإمام الشوكاني المتوفي عام 1835م، والأمير عبد القادر الجزائري المتوفي في العام 1883م .وقد سعت الحركة السنوسية للعودة بالإسلام والمسلمين إلى أصوله السلفية والسلف الصالح من الأولين وفق تصور نظري وعملي بسيط ومتواضع ومتكامل القوام للأركان الاتية :-
1- تطهير العقيدة الاسلامية مما علق بها من الأوهام والخرافات والبدع .
2- توحيد العالم الاسلامي على الصعيدين المعتقدي والمذهبي ونبذ التعصب الأصولي والفرعي كما هو حاصل الآن في العالم العربي (سوريا- العرق-لبنان- ليبيا – البحرين – السعودية - اليمن واقطار عربية واسلامية أخرى) .


؛؛؛؛؛ وإلى اللقاء في الحلقة القادمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق