السبت، 24 مارس 2012

إحياء علوم السياسة (الحلقة 1)


إحياء علوم السياسة
الحلقـــــة (1)                                                             بقلم : إبراهيم السنوسي إمنينه
29/2/2011 م             


أترحم على روح الفقيه العلامة الإمام الشيخ الجليل الفيلسوف والمصلح الديني والاجتماعي الصوفي ، حجة الإسلام ، زين الدين أبو حامد الغزالي ، وأستميحه عذراُ لاستعارة كلمتين من عنوان كتابه ، وهو "إحياء علوم الدين" ، ليكون عنواناً لهذه المقالة (احياء علوم السياسة) وهو من أجلّ وأشهر كتب المواعظ ، وغايته إنماء وإحياء الناحية الروحية في الفرائض الشرعية وإيصال النفس البشرية إلى ذرى محبة الله الخالق ، وهو الذي كتبه أثناء إعتزاله الناس في الشام عندما افتقد فيمن حوله من الخلق الناحية الروحية ، وحال التدبّر والتفكّر والتأمل والتعقل في كنه العلاقة بين الخالق والمخلوق ، بقصد الوصول إلى تلك (الحال) بسلاسة واقتناع ومن ثم ارتياح.
وكان هذا الإمام قد حدّد في هذا الكتاب مفهوم الخلق وميّز عناصره في معرفة وإرادة وعمل (وهيئة) راسخه ، واشار بضرورة ترابطها والإنسجام بينها والكشف عن الأصول التي تنبثق عنها الصفات الأخلاقية – مدافعاً عن إمكانية بل وضرورة تهذيب الأخلاق ، وله في ذلك المجال ، وهو علم الكلام أكثر من ستة مصنفّات .
وكان قد قام بشرحه مشكورينْ ، ولهما كامل الثواب كل من إبن الجوزى وإبن يونس .
كان لابد من هذه المقدمة لتقديم هذا الشيخ وتقريظ أعماله والشكر له دائماً موصول لإستعارتنا جزءاً من عنوان كتابه (أحياء علوم الدين) ، وذلك لشرح مفهوم السياسة في هذا العصر ، وكذلك لتبيان حال ساستنا من الجهل والتوه والضياع ولو عن غير قصد كجهل تلك الدبة التي قتلت صاحبها بينما كان " قائلاً " في ظل شجرة ذات يوم قائظ ، وكانت قد استقرت على خدّه ذبابة أعيته وأقلقت منامه ، فقامت تلك الدبة وألقت عليها حجراً صلداً حيث كانت مستقرة فوق خدّ صاحبها فطارت الذبابة وُقتل صاحبها ... وهكذا يفعل بنا بعض ساستنا فهم يقتلوننا بتصرفاتهم من فرط محبتهم لنا ، كل يوم ألف مرة – ولكن عن غير  قصد ، فمن الحب ما قتل !!


ونبدأ بالحديث عن أبسط مبادئ علوم السياسة وألف بائها فنقول :-
أولاً :- يجب أن نلاحظ وألاّ يفوتنا تداخل كل علوم الإجتماع والسياسة والإعلام والإقتصاد  مع بعضها البعض وبشكل متلازم لا إنفصام له ، ولا يجب أن نتعامل مع أي منها بشكل منفرد .
فمثلاً فإن وسائل الإعلام تتجنب دائماً على نحو منظم التطرق لبعض المواضيع فهي تمارس ما يمكن تسميته نوعاً من (الحياء السياسي) ، فهي ، أي وسائل الإعلام نادراً ما تتلفظ بكلمات مثل كلمة " المال " و " الطمع " ، وبذلك تتجاهل حقيقة واقعة وهي أن (المال) و (الطمع) يلعبان دوراً مهماً في السلوك السياسي ، وهكذا يتآخى موقفها مع موقف علم السياسة أساسياً لذا فإنه يتوجب أن تكون لدينا الإمكانية لمقارنة الحقيقة السياسية مع الصورة التي تعطيها عنها وسائل الإعلام ، ويجب أن يُحفظ هذا الوضع حاضراً في الذهن .
ثانياً :- إن أدبيات علم السياسة تنمو بوتيرة سريعة جداً ، وذلك بسبب إتساع موضوعه فإن ميدانه شاسع ومتمدد ومتجدّد .
إن الوقائع السياسية ليست محايدة . فهي لا تتلائم تماماً مع عرض رصين وموضوعي وحقيقي ، لأن الطريقة التي تُعرض بها هي نفسها منتجه للسياسة ، فمثلاً فإن طريقة عرض سياسة حزب أو رئيس جمهورية هي قابلة أن تغيّر بإتجاه دور فعل المواطنين بالنسبة لهذه السياسة ، وبالتالي تغير نتائجها وحتى طبيعتها ، وهنا يبرز سؤال حول موضوعية أجهزة الإعلام والتي يقال أنها مستحيلة .
إن بلوغ الحقيقة قد يكون متعذراً ، لكن بلوغ الكذب يمكن أن يتم بسهولة .



؛؛؛؛؛ وإلى اللقاء في الحلقة القادمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق