الأربعاء، 21 مارس 2012

سيناريو الخيانة "الحلقة 2 "


سيناريو الخيانة
ثورة الأمل تتحوّل بمرور الوقت إلى ثورة الخيبة
الحلقـــــة(  2  )                                                                بقلم : إبراهيم السنوسي إمنينه
7/1/2012 م             

ثورة الشك وسيناريو الخيانة
نواصل الحديث من حيث إنتهينا إلى قرار مجرمي السلطة وقائدهم بعد فشل الخطة B " ب " بالتحول إلى الخطة C " ج " وذلك في حال كانت تلك الكتيبة مستهدفة بالفعل من قبل هؤلاء المتمردين ، وهذه الخطة تقضي بإعدام أولئك المتمردين (حسب توصيف الطاغية) في التوّ واللحظة بواسطة من سيتم تكليفهم بالفعل ، وهم عناصر الحرس الثوري واللجان الثورية وكتائب القبعات الصفراء وعلى رأسهم عبد الله السنوسي، والساعدي معمّر وناصر الحسوني والبغدادي المحمودي ، وعمر اشكال والحجازي وآخرون كثُر كانوا قد إجتمعوا في بنغازي يوم الأربعاء 16/2/2011 م وناقشوا الحدث وأتخذوا القرار الدموي ، وكان قد تم تصوير ذلك الإجتماع وتسجيله ، في مقاطع فيديو إستطعت الحصول عليها .

قلنا أن الخطة "ج" تقضي حسب القرار الذي اتخذه الطاغية ومساعدوه بلغتهم (باعدام هؤلاء المتمردين في التو واللحظة ، وإذا لا قدّر الله وانتصر هؤلاء المتمردين وتراجعت ثورة الفاتح العظيم ، فإنه يتوجب علينا تطبيق نظرية احتواء التمرد) Containment of the Rebels وهكذا كان ، وبالفعل ، كانت الكتيبة أو حصن القهر والذعر والعهر مستهدفة من قبل ثوار 17 فبراير ، وبدأت المسيرة والهتاف ورفع الشعارات التي تنادي بسقوط النظام من أمام مبنى البريد بشارع عمر المختار والعبور في محورين هما شارع الاستقلال وطريق جسر جوليانا في الطريق إلى هدفها المرسوم منذ البداية . وبدأ الالتحام بين الثوار وجنود النظام المسلحين بالأسلحة الفتاكة ، بينما كان سلاح الثوار ، في أحسن الأحوال – وفي أقلّها المتفجرات المصنعة محليّاً مثل قناني الملوتوف ، والجولاطينة التي تستخدم في صيد الأسماك ، وسقط العديد من الشهداء وأصبحت ثلاجات مستشفيات المدينة غير قادرة تماماً على استيعاب الجثث ، والقوى المتحاربة غير متكافئة ، واستمرت المعركة ، وازداد عدد الضحايا من جانب الثوار بشكل يدعو إلى اليأس لكن قوة الإرادة والإصرار على النصر وقهر العدو دفعت الشهيد الثائر المهدي زيو إلى تنفيذ خطة كان قد وضعها بنفسه ولم يشرك بها أحد ، إذ وضع في سيارته عدداً من اسطوانات الغاز المضغوط وكرّ على بوابة الكتيبة وكان في آخر لحظة قد قال لزملائه الثوار الذين يطلقون "الجولاطينة" أن يواصلوا إطلاق المتفجرات على سيارته حينما يقترب من البوابة لتنفجر السيارة وتتطاير الشظايا وينهار السور والبوابة والبناية الداخلية وتتناثر أشلاء الثائر الشهيد لتسقط الكتيبة ويسقط النظام ويفرّ القادة المدافعون عن ذلك الحصن مذعورين وأولهم الجرذ الكبير عبد الله السنوسي وولده ، والساعدي الذي كان قد جمع عدداً محدوداً جداً من متشردي المدينة وحثالتها ومرتادي سجونها ومروّجي المخدرات لحسابه وقال لهم "أنا جاي لأحكم بنغازي وأعيد بناء النادي الأهلي" .
وبصفته وزيراً للداخلية والأمن العام فإن اللواء المرحوم عبد الفتاح يونس كان قد أصدر أوامره لمراكز الشرطة في المدينة ومكاتب الأمن كذلك بان يضعوا أسلحتهم ولا يقاوموا الثوار معلنا بذلك انشقاقه عن النظام

وانضمامه لشباب 17 فبراير فكان إضافة نوعية غاية في الأهمية أحدثت أثراً يُحمد في انتصار الثورة واستعارها واستمرارها  ، إذ يقال أن الطاغية كان قد أجرى اتصالاً بالمرحوم اللواء بصفته وزيراً للداخلية والأمن العام يهدّده ويتوعده بقصف مدينة بنغازي بالطيران وتسوية مبانيها بالأرض لو مسّ إبنه الساعدي وعبد الله السنوسي أي ضُرّ ، وأنهى مكالمته بهذه العبارة : "وأنت تعرفني جيداً يا عبد الفتاح" !! وكانت ردة فعل المرحوم اللواء في منتهى التعقل والحكمة والمنطقية وهو أن قام أو ساعد في تهريب هؤلاء المجرمين القتلة عن طريق مطار بنينة – مضطراً ، وذلك حفاظاً على مدينة بنغازي وحقناً لدماء سكانها بعد أن عاشت ليالي لا تنسى من الذعر والرعب وإرهاب الآمنين وإطلاق الرصاص الحيّ عشوائياً حتى على المحلاّت المغلقة ، واقتحام المنازل في البركة واقتياد السكان وسجنهم في سجن الكتيبة ، كذلك قصف مسجد "بوغولة" واقتحامه واقتياد ثلاثة صبيان لا يتجاوزن سنّ الخامسة عشر كانوا يقرءون القرآن في الخلوة ، اقتادوهم إلى سجن الكتيبة ولم يروا الشمس إلا بعد سقوط هذا الحصن في اليوم التالي وفي حادثة أخرى في نفس المسجد دخل احد المسلحين التابعين للكتيبة إلى المسجد في فترة ما قبل صلاة الظهر ، وأخذ يطلق النار على جدران المسجد من الداخل ، بعد أن أطلق صليات على الصومعة من الخارج لازالت آثارها موجودة حتى اليوم أي بعد مرور حوالي أحد عشر شهراً ، وفي داخل المسجد أخذ في إطلاق الرصاص على الجدران وكان هناك رجل يقرأ القرآن ويصلّي قبل أن يؤذن لصلاة الظهر فوقف في مواجهته قائلاً : حرام عليك يا إبني هذا بيت الله وكان رد هذا المسلّح ان قال : "خلّيه ينفعك الله توّه ويمنع الرصاص على بيته" !!
كان هذا تفصيلاً لازماً لمجريات ما حدث وما قام به شباب الثورة دون سابق تخطيط ولا سلاح متكافئ إلا من تشجيع وتكبير في المساجد وزغاريد النسوة من فوق الشرفات لهؤلاء الشباب وهم يتساقطون مثل الذباب ويهرع إليهم الأحياء فيحملون الجرحى للمستشفيات والشهداء إلى المقابر وفي طريق العودة يهاجمون مديرية الأمن والبحث الجنائي وينتصرون عليهم بإرادة الله ويطردونهم ويحتلون مبانيهم "ونصر من الله وفتح قريب" وفي اعتقادي ، وبما أن مديرية الأمن هذه وملحقاتها تتبع المرحوم اللواء عبد الفتاح يونس ، فإن الأمر الذي كان قد صدر منه إلى هذه المديرية جاء في الوقت المناسب فرضخوا له وأخلوا المبنى ووضعوا أسلحتهم حسب التعليمات ، ولولا تلك الأوامر لغرقت بنغازي في بحر من الدماء ولكن قّدر الله ما شاء .
لكن كل ذلك كان مخططاً له من قبل الطاغية في اجتماعه مع المبعوث الراشي وقام أزلامه بتنفيذه بالضبط كما أمرهم قبل أربعة أيام تبعاً للخطة البديلة التي أُطلق عليها بـ " ب " .


   ؛؛؛؛؛ وإلى اللقاء في الحلقة القادمة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق