الخميس، 22 مارس 2012

نظرية تقول بضرورة تغوّل الثورة (الحلقة 2)

نظرية تقول بضرورة تغوّل الثورة
الحلقـــــة (2)                                                                  بقلم : إبراهيم السنوسي إمنينه

14/2/2011 م             

عوداً على بدء ، فإنه لولا فرض الإنقلابيين في ليبيا عام 1969م لنظام حظر التجول لفترة معينة من الزمن ، وحصول قائد الإنقلاب على تعاليم من ذلك المستشار إستمر تعليمها للقذافي على مدى 21 شهراً ، ثم من بعد ، أهلنّه تأهيلاً كفيلاً بفرض السيطرة الكاملة وترهيب الناس بدءاً بتجييشهم مروراً بفرض نظام إرهابي إستخباراتي صارم أفقد الشعب ثقتهم بأنفسهم وإضطرهم إلى الإستسلام ، وإنتهاءً بتدمير الجيش الذي كان مدربّاً فأصبح مفككاً مهزوماً منكفئاً مقهوراً جرّاء المعارك الذي ألقى في أتونها دون أية دواعي ولا ناقة ولا جمل إلا الإذلال وقهر الرجال وإفلاس البلاد .
ونصل الآن إلى نظرية التغوّل :

علمنا في ما سبق من حديث أن النظام الذي هوى كان قد تعلّم كيف يتغوّل فأوقع ببلده وشعبه الكثير من الضرّر من تخلّف وأمراض نفسية ويأس يدفع لقتل النفس على مدى 42 سنة والسؤال هو :-
هل من ضرورة لتغوّل ثورة 17 فبراير تقتضيها المصلحة الوطنية ؟
ربما تكون الإجابة بنعم حالة كون التغوّل اقتضته حاجة البلاد الملحّة لفرض النظام ومن ثم الأمن ثم تفعيل القضاء وتطبيق العدالة الإجتماعية والقضائية وسدّ الفجوات أمام الصراصير الناقلة لعدوى العقائد المريضة والنابشة للقبور وهدم التماثيل والأضرحة والرافعة لرايات ما أنزل الله بها من سلطان ذلك لتولي زمانها ، وأنه قد عفى عنها الدهر ولا وجود لضرورة لها ولا نفع عائد منها إلا لأصحابها الساعين للسلطة والحكم الشمولي ، وهو نفع مؤقت وآني ، وزواله قادم لا محالة كما قدم على العباسيين على يد التتر في عهد المستعصم آخر ولاة العباسيين عام 656ه بعد حكم دام أكثر من خمسة قرون وكان أول خلفائهم أو ولاتهم في العام 132ه حينما دخل الكوفة وهو أبو العباس عبد الله الملقب بالسفاح لأنه عندما دخل الكوفه وبويع في مسجدها ألقى خطاباً بيّن فيه حق بني العباس في الخلافة وجاء فيه مخاطباً إياهم (......ولقد زدتُ في أعطيائكم مائة درهم فإستعدوا ، فأنا السفاح المبيح ، والثائر المبير) ومنذ ذلك اليوم طُوى علم بني أميه الأبيض وارتفع علم بني العباس الأسود .
وكان ملك بني أميّه قد دام نحو واحد وتسعين عاماً تقوّص وعمل على تقويضه أبو مسلم الخراساني حين بدأ دعوته للعباسيين في خراسان ، وحينما دانت الخلافة للعباسيين ونجحت دعوتهم أخذ أقارب السفاح يطاردون بني أمية بعد هزيمة مروان بن محمد (الملقب بالحمار) آخر خلفائهم والقبض عليه بمصر وقتله ، فنبشوا قبور بني أميه في دمشق وأحرقوا ما تبقى من رفاتها وغدروا بجمع كبير لبني أميه في فلسطين وتشتت من نجا منهم في الآفاق ، وتشردت نساؤهم حتى باتوا من السائلين "فلمن الملك اليوم لله الواحد القهّار"  .
وإن كانت هناك حاجة أو ضرورة أو مبرّر (للتغوّل) بالنسبة لثورة 17 فبراير – وأنا أرى وأقول نعم هناك ضرورة – فإن التاريخ  ملئ بتغول الثورات فمصر والعراق وسوريا أمثلة حية وماثلهكذلك ليبيا قضت 42 سنة من (التغوّل) ، والمغرب من حولنا وتونس تغوّلتا منذ العام 56 إلى وقتنا هذا ، أما الجزائر فجزاء شعبها الذي خاض غمار معارك التحرير ضد فرنسا زمناً طويلاً وقدم نحو مليون شهيد ، سُرقت منه ثورته من قبل العسكر أمثال ناصريّ الهوى بن أحمد بن بله ، وهواري بو مدين وكريم بالقاسم ومحمد خيضر ورابح بيطاط ، وعبد العزيز بوتفليقه وغيرهم .
وأنا أخشى أن تسرق ثورتنا كما حاول أن يفعل الكونت ميرابو وهو الملقب بخطيب الثورة الفرنسية وهو الذي كان ينتمي لطبقة النبلاء في فرنسا وكان يتمتع بنفوذ كبير في البلاط الملكي أيام الملك لويس 16 ، ولما قامت الثورة في فرنسا في 14 يوليو 1789 ركب الموجه وتظاهر بتأييدها ، وفي العام 1793 عندما حُكم على الملك بالإعدام وُضع في سجن باريس توطئةً لإعدامه في وقت لاحق – قام الكونت ميرابو بمحاولة تهريبه إلى مكان آخر بفرنسا حيث يوجد فيه خلاياه النائمة وأزلامه ومريدوه ، والغرض من ذلك إعادته لعرش فرنسا من جديد غير أن هذه المحاولة أُحبطت في المهد ، وتم قتل هذا الميرابو بطريق دس السمّ في طعامه . وأمثاله في الثورة الفرنسية نماذج مثل روبسيير وجورج دانتون وكالبسترو ودي لاكلو وكلهم زعماء في الثورة الفرنسية وتم إعدامهم بالمقصلة لمحاولتهم سرقة الثورة من الثوار الحقيقيين ، وفي ثورتنا يوجد أكثر من هذا العدد ولهم نفس الطموحات لإحضار الأرملة عائشة وإخوتها الباقين على قيد الحياة ، وقانا الله شرورهم وشرورها .

              ؛؛؛؛؛ وإلى اللقاء في الحلقة القادمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق