الأربعاء، 21 مارس 2012

ذاكــرة الأيــام (حلقة 11 ج 7)


ذاكرة الأيام
الحلقة 11 الجزاء 7

بقلم : إبراهيم السنوسي امنينه

     كنا قد تحدثنا في الحلقة السابقة عن التجارب العلمية والسرية التي كانت تجريها وكالة المخابرات الأمريكية C.I.A في العام 1953 في مجال التأثير والسيطرة عن سلوك الإنسان THE HUMAN BEHAVIOR وكانت هذه الوكالة قد أعطت لهذا المشروع الاسم الك,دي ULTRA-MK واليوم نواصل فنقول :
  وكانت جريدةNEWYORK TIMES  (نيويورك تايمز) أول من نبّه الرأي العام الأمريكي في ديسمبر 1974 عن وجود هذه التجارب غير القانونية حيث كانت تـُجرى على آلاف الأفراد من المدنيين والعسكريين دون علمهم بماهية التجارب والغرض منها ولا عن نوع العقاقير التي كانت تعطى لهم. وشكلّ الكونغرس عام 1975 لجنة تحقيق برئاسة السيناتور FRANK CHURCH  والتي أمرت آخر المطاف بإيقاف التجارب وتعويض المتضررين. وذكر مايلزكوبلاند   MILES COPELAND مؤلف كتاب "لعبة الأمم" GAME OF NATIONS  وكتب أخرى عن المخابرات إذ كان يشغل مكانة رفيعة في الــ CIA  في وقت من الأوقات، ذكر أن أغلب المعلومات عن مشروع MK- ULTRA قد حُجبت عن لجان التحقيق، وكان من بين أنواع المخدرات الموصوفة لأولئك الذين خضعوا للتجارب هو عقار"LSD" وهو عقار شهير في السبعينات للهلوسة والشعور بالطيران والانسلاخ عن الواقع الأرضي، وكان الطاغية قد اتهم الثوار بتعاطيها– بالإضافة إلى التنويم المغناطيسي HYPNOTISM   وفي عام 1966 تم الاتفاق ما بين الأمريكان والقذافي على ما يلي :
الاتفاق THE AGREEMENT :
1)  جلاء القواعد الأمريكية مع تحييد بريطانيا NEUTRALIZE وإقناعها بإخلاء قواعدها في ليبيا بأسرع وقت EVACUATE
2)  أن يخرج من ليبيا عند الانقلاب كل من مصطفى بن حليم، رئيس الوزراء الأسبق، والسيد يحي عمر سعيد، وأن ينقلا إلى قاعدة الملاحة BASE WHEELUS وحّذروا من تعرضهما لأي أذى
3)  البحث عن أي ضابطين برتبة رائد أو مقدم للمجموعة المختارة : أحدهما يقوم بالسيطرة على الأمن (وزير داخلية) والآخر يتولى شئون الجيش مثل: أدم الحواز والأول موسى أحمد.   
( بعد نجاح الانقلاب وبتاريخ 07/12/1969 – تم القبض عليهما أي وزير الدفاع ووزير الداخلية، حيث لفقت لهما تهمة التخطيط والاشتراك في محاولة انقلابية على معمر القذافي أي التآمر على الثورة ). 
الاحتجاج THE PROTEST :
والمثير في الأمر أنه عند القبض على المقدم آدم الحواز، نهض العقيد أحمد المدفعي  (آمر صنف المخابرة في معسكر قاريونس) وكان جالساً في زنزانته بطرابلس وصاح بصوت عالي قائلاً: ((لقد تم القبض على من اختارته أمريكا ومن كان يسايرهم. إن أمريكا يا عالم لها اليد الطولي في هذا الانقلاب)) وكان العقيد المدفعي والحواز عضوين في لجنة الاتصالات الأمريكية الليبية لتوحيد واستكمال خطوط الاتصالات المدنية والعسكرية وقبل الانقلاب تم تنحية العقيد من اللجنة (؟) لماذا
4)    عند ساعة الصفر يقوم الأمريكان بضمان تزويد الانقلابيين بالسلاح والذخيرة
5)  يتعهد الأمريكان بتسهيل مهام الاستطلاع والتدريب للطيران الحربي الليبي المتركز بقاعدة المّلاحة WHEELUS BASE
6)    إعطاء الانقلابيين مطلق الحرية في تحديد سياستهم الداخلية والخارجية
7)    التعهد بتشكيل حكومة مدنية خلال مدة أقصاها سنة واحدة .

باختصار لقد تم الاتفاق على تبادل المصالح SCRATCHING BACKS :
"الضباط الأحرار" لهم السلطة وللأمريكان المصالح الغربية الكاملة في ليبيا
  ولضمان تنفيذ هذه الاتفاقيات قامت المخابرات الأمريكية بزرع عملاء وبث عيون لها في كل مكان مستخدمة كافة الوسائل والإمكانات، ومن بينها الاستعانة بعشرات المتطوعين الأمريكيين بفرق السلام (PEACE CORPS) المتواجدين على الأراضي الليبية وبالعديد من الموظفين الليبيين والعرب بشركات النفط والمراكز الثقافية الأمريكية فمثلاً قامت شركة بكتل لخدمات البترول BECHTEL عام 1963 قامت بتعيين عميلين تابعين للـ : CIA بإدارة شئون الموظفين*.
PENETRATION OF ENEMY LINES  :
 وقد تم عام 1966، نتيجة لما تقدم، اختراق تنظيم عبد العزيز الشلحى وتم زرع ضباط عملاء في مكتبه، وكان مصطفى كمال المهدوي الزنديق  على علم تام بهذا الأمر الخطير، كما قامت أمريكا عام 1966 بتعيين ضابط بسلاح الجو الأمريكي في طبرق ليتجسسّ على الملك إدريس وعلى تحركات عمر الشلحى- ناظر الخاصة الملكية ومستشار الملك وشقيق العقيد عبد العزيز الشلحى، وكذلك التجسس على تحركات الانجليز حيث توجد قاعدتهم الجوية في مطار "العدم" .
  
         (وإلى اللقاء في الحلقة القادمة)Ü .....



 في تلك الأعوام ومنذ عام 1959 إلى سنة 1962 كنت أعمل في السفارة الأمريكية في وظيفة كاتب قنصلي "CONSULAR CLERK" وكانت السفارة وهي القابعة أمام الكاتدرائية وفي الميدان الذي شنق فيه معمر الشهيدين الأستاذين بن سعود ودبّوب بتاريخ 7 أبريل 1976، كانت تعجّ بالفلسطينيين وعلى رأسهم من كان يدعى محمد صلاح الدين وكان عمله عبارة عن حلقة وصل مهمّة بين الحكومة والسفارة، والكل يعمل له ألف حساب رغم قصر قامته واستكباره وأنا لا أستبعد أن يكون عمله الرئيسي هو التجسسّ لصالح الاستخبارات الأمريكية والسفارة تعرف ذلك، وتخشاه.
وهناك مؤسسات أخرى مثل USOM، LATAS و LAJAS ومنها ما يتبع السفارة الأمريكية ومنها ما يتبع "مجلس الإعمار"              و "لجنة البترول" الذي كان يرأسه المرحوم عبد الرازق شقلوف وأبو السيفاط، وفي هذه المؤسسات الخمس يعمل موظفون مزيج من الجنسيات والديانات المختلفة مثل الأرمن واليهود والطليان واليونان والمالطيين والليبيين بخبراتهم المختلفة ومهنهم التي تراوح بين أمينات سرّ، ونجارين، وميكانيكيين، وسائقي سيارات وكتبه وطباعين ومحاسبين، وأترك التقدير للقارئ عن الاحتمالات الواردة لزرع العملاء والخلايا من قبل المخابرات الأمريكية في هذا المزيج من الثقافات التي تحتاج إلى من ينقذها من وعثاء الحياة في أواخر خمسينيات ذلك القرن وتقوم بأي عمل يطلب منها في المقابل عن طيب خاطر، لأنه في مثل تلك البيئة ومن تلك النوعيات تنمو وتتكون خلايا العملاء والجواسيس في سهولة ويسر.    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق