الثلاثاء، 20 مارس 2012

ما هكذا تورد الإبل يا هيكل ! (الحلقة 16)


هيكــل : المــزوّر       الحلقـة (16)   
The Forger  : HAIKAL
16/12/2011 م                                                           بقلم : إبراهيم السنوسي إمنينه

قال حكيم : عندما يُكتب التاريخ بهدف إخفاء جريمة فإنه ينحط إلى مجرد تزوير في أوراق وطنية .
وعوداً على بدء : فعندما يتحدث هيكل عن ثورة 17 فبراير في ليبيا ويقول أنه لولا الناتو NATO لما كتب لها النجاح ، وأن الذي حدث في ليبيا ليس بثورة شعبية ، وتنبأ بسوء المآل وضياع الأموال ، فإنه لا يستقرئ التاريخ وتعتبر تنبؤاته موضوعة بناءً على أسس واهية ومزّورة وتحليلات شابها القصور ، وإستدلالات يعوزها الإستقراء والبناء الجيّدين .
وعندما يعود هيكل بنا 42 عاماً للوراء (في الحلقة 12. آخر الصفحة الأولى) ويسترسل في كتابه (الطريق إلى رمضان) المشحون بالكذب والإفتراء والتجنّي : إذ يصف قادة إنقلاب سبتمبر 1969 في ليبيا بالأطهار والأبرياء !! وفي الحلقة 13 ، بعنوان (الكاذب المتجنّي) في صدر الصفحة الأولى حيث قلنا له بالنص : منذ 42 عاماً كنت قد وصفتهم بالأطهار وبالأبرياء إلى حدّ مذهل ، ومنذ     أيام وصفت الشعب الليبي بالذل والخنوع طيلة أربعة عقود .. (ولولا تدخل طيران الناتو لما سقط النظام ...إلخ ) كانت هذه الواقعة في الماضي القريب ، أي منذ أربعة عقود أو يزيد .
ونحن اليوم نستقرئ التاريخ الذي يعود بنا إلى 55 عاماً أي في العام 1956 ، عندما كان عمرك بالتحديد ثلاثة وثلاثين عاماً وستة وثلاثين يوماً عندما وقع الإعتداء الثلاثي على قناة السويس يوم 29 أكتوبر 1956 ، وبدأت في كتابة سلسلة من الكتب حول هذا الإعتداء الذي لا أسمّيه حرباً .
ولدي سؤال حول هذا الموضوع وهو :
هل انتصرت مصر في تلك المنازلة أو المعارك التي وقعت عام 1956 في مدن السويس وبور سعيد والإسماعيلية والإنزال الذي تم وهل انسحب الإسرائيليون والانجليز والفرنسيون أثر هزيمتهم وانتصار المصريين أم أن ذلك الانسحاب الذي أسميتموه نصراً وكتبتم عنه العديد من الكتب بالعديد من اللغات ، حوت الكثير من التزوير والتزييف ، سوف نعرض لها في حينها ، أقول إنني لأتساءل هل انهزم الغزاة وانتصرتم بنهاية شهر ديسمبر 1956 ، أم كان انسحاب الغزاة رضوخاً لأوامر وإنذارات نيكولاي بولغانين رئيس الوزراء السوڤيتي الأسبق ودوايت ايزنهاور الجنرال السابق ورئيس الولايات الأمريكية المتحدة آنذاك التي وُجّهت إلى قادة الدول المعتدية الثلاثة ؟ تلك الإنذارات التي كانت تستوجبها ضرورات استراتيجية لها علاقة بالسياسة والاقتصاد وضبط موازين القوى في العالم.
على فكرة في تلك الآونة كان كاتب هذه الحروف لم يتجاوز السابعة عشر من عمره .
ونحن لم يكن بأيدينا ما نفعله إلا التصفيق والتهليل والهتاف وترديد أغانيكم وشاركناكم نشوتكم وأيدناكم وجاملناكم وقلنا " نصر 1956 " وكذلك لم نقل " هزيمة 1967 " ، بل رددنا ما أسماه عبـد
الناصر (نكسة) ولا ندري !! فمفهوم النكسة هو شفاء من مرض ينتكس بعده المريض فيصاب بنفس المرض مجدداً .. أما بالنسبة للحروب والشعوب فإن النكسة تكون بعد انتصار مرحلي في حرب من الحروب ، وسؤالنا هو : متى انتصر عبد الناصر لينتكس ، وما الانتصار الذي حققه ثم انقلب إلى هزيمة ؟ وفي مفهومي ، وحسب ما يرويه التاريخ الحقيقي وليس المزيّف فإن " نصركم المزعوم " عام 1956 والذي طبّل له أحمد سعيد ومحمد عروق وهما من أساطين إذاعة صوت العرب وأنشدت له جوقات عبد الوهاب ، وأم كلثوم ، وعبد الحليم ، ونجاح سلام ، وأنت تعلم بان هذه الإذاعة كانت تموّلها وتوجهها الـ CIA الأمريكية ، أقول بأن عبد الناصر كان قد أدخل اليأس في قلوب المصريين والعرب وقتل روحهم قبل أن يغادر ، فضرب الله عليهم الذلّ والمسكنة وباءوا بغضب من الله . أنت أول من يعلم أن مستشار عبد الناصر عندما قام انقلاب 23 يوليو (وليس ثورة) كان نائب مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية Kermit Roosevelt في القاهرة ونقتبس ما ورد على لسانه في كتاب " حرب الأيام الستة " من تأليف راندولف آند ونستون تشرشل ، الناشر
  William Heinremann Ltd . London 1967
Randolph s. Churchill and Winiston S. Churchill
وكذلك ما ورد من تصريح شخصي منه إلى Stephan Barber – جريدة  Sunday Telegraph,  في وقت سابق ، نقتبس ما يلي : " عندما أطيح بمحمد نجيب أول رئيس لجمهورية مصر عام 1954 بعد انقلاب يوليو 1952 ، قررت وكالة الـ CIA ، تعيين مستشار دائم لرئيس الوزراء المصري جمال عبد الناصر ، وهو مايلز كوبلاند " Miles Copeland " ، يكون مكتبه مجاوراً وملاصقاً تماماً لمكتب ناصر ، ذلك لأن عبد الناصر في سنواته الأولى بعد الانقلاب ، كان صانعو القرار في الولايات الأمريكية المتحدة يعتبرونه معتدلاً وصديقاً محتملاً للغرب ، ومن هنا كان تعيين كوبلاند كمستشار له لتحقيق الإرشاد والتوجيه المطلوبين لهذا الكولونيل الشاب عديم الخبرة السياسية والقيادية " انتهى الاقتباس " ومن لا يعرف " مايلز كوبلاند " يا هيكل فهو مؤلف " كتاب لعبة الأمم " Game of Nations ، وكتاب " العالم الحقيقي للجوسسة والجواسيس " The Real Spy world ، وهكذا فقد كان عبد الناصر يستمع لمشورة المخابرات الأمريكية منذ العام 1954 ، فهل تراه يرفض لهم طلباً يتعلق بالحفاظ على السلام بل وتحقيقه مع الجارة إسرائيل مثلاً ؟ وفي المقابل فقد ردّت له أمريكا الجميل وأثبتت له أنها فعلاً تستحق التبعيّة والعمالة مقابل الرعاية والحماية ، بعد إنذار آيزنهاور لإسرائيل وفرنسا وبريطانيا عام 1956 وإجبارهم على الانسحاب ، وإنقاذه من مأزق كان قد وقع فيه وكان قد أشرف على الانهيار . أما اليوم يا هيكل ولكم في مصر كل هذا التاريخ الموغل في العمالة للـCIA  من رئيسكم الراحل وحسن التهامي مروراً بسكرتيره سامي شرف عميل الـ KGB هو وعلي صبري ، وصولاً إلى شخصكم الكريم ومصطفى أمين الذي بسبب وشايتك وُجهت إليه تهمة التخابر مع دولة أجنبية وحكم عليه بالمؤبد مع الأشغال الشاقة ، وغيرهم كثر من عملاء ووكلاء للمخابرات الأجنبية .  
أما نحن في ليبيا فإننا عملاء ووكلاء للوطن لا غير ، ولم يكن من الواجب أن تتقوّل وتتبوّل بأنه لولا حلف الناتو ، ما نجحت الثورة في ليبيا ... إلى آخر الإسفاف الذي صدر عنك .

ولعلمك فإن حضور الناتو كان بطلبنا وبصدور قرار من مجلس الأمن رقم 1973 لحجب الطيران الذي سخّره الطاغية القذافي لقصف المدنيين بل كان في نيته تسوية مدن شرق ليبيا بالأرض ، وكان من ضمن مهامّه اي الناتو قصف كتائب القذافي ومخازنه من الذخيرة وجيوشه من المرتزقة ، ورصد الإحداثيات والاتصالات الالكترونية وقصف الألغام التي زرعها الطاغية وجيوشه المرتزقة ، وليس الناتو فقط هو الذي وقف إلى جانبنا بل وهناك قطر والأردن والإمارات واتخذتم منا موقفاً سلبياً بل عدائياً بتسخيركم ما يقرب من 16 قناة للنيل تابعة لكم للدعاية والإعلام الأسود ضد ثورة 17 فبراير ، وذلك رغم صدور حكم قضائي واجب التنفيذ لإبطال ذبذبات تلك القنوات كذلك فإن طنطاوي الحاكم العسكري لمصر اليوم قد رفض تجميد الأموال والأصول العائدة للشعب الليبي والتي هي تحت تصرف قذاف الدم الذي يعبث بها كيفما شاء ، كذلك فقد فتح نظام مصر صدره لإستقبال وإيواء أزلام القذافي ممن تلطخت أيديهم بدماء أبناء هذا الشعب على مدى أربعة عقود ومنهم السنوسي الوزري ، والطيب الصافي ومبارك الشامخ ومفتاح بوبكر وغيرهم كثر من اللجان الثورية الدموية والباطشة وأخيراً جاء إعترافكم بثورة 17 فبراير بعد خراب البصرة بزمن ... فلا حاجة لنا به . فالأشراف فقط هم المطلوب اعترافهم .. وبالفعل حصل إعترافهم والحمد لله ولا حاجة بنا للمخلّفين والقاعدين من الشرق والغرب .
استكثرت يا أيها الهيكل المتهالك على شعب ليبيا أن يثور بعد 42 عاماً من القمع والظلم والقهر وتنبأت بفشل ثورته لولا تدخل الناتو ... ألا شلّت يمناك .. وتبّت يداك .
وحول تزويرك يا هيكل للتاريخ ، نستعرض بعض أكاذيبك وبعض الأمثلة عن الإستهتار الذي تتعامل به مع التاريخ والقراء من خلال المقارنة بين وقائع محدّدة ذكرتها في كتاب " ملفات السويس " الصادر باللغة العربية ثم عدت فأوردتها بصورة مخالفة وذلك في " نفس الكتاب " الصادر بالإنجليزية تحت عنوان (السويس : قطع ذيل الأسد) مع الإشارة أحياناً إلى الخلاف بين "ملفات السويس" العربية وأصلها الذي صدر منذ سنوات قليلة بإسم "قصة السويس" مع أن كتابيّ : "ملفات السويس" و "قطع ذيل الأسد" كانا قد صدرا في وقت واحد ، ولا مجال للحديث عن ضعف الذاكرة أو ظهور حقائق جديدة ، وأن الطبعة العربية صدرت في 928 صفحة من القطع الكبير أما الطبعة الإنجليزية فلم تتجاوز 242 صفحة أي الربع تقريباً ... وكان عذرك في الإطالة في الطبعة العربية بأن بعض التفاصيل لا تهم القارئ الأجنبي ، ولأن إنعدام المصداقية في العالم العربي ، فرض عليك التوضيح والتوثيق على حساب الإختصار ، ومن هنا كان يفترض أن تكون الطبعة العربية هي الأحفل بالتفاصيل ، وإذا وقع حذف أو إختصار فسيكون من نصيب طبعة "التصدير" ، ولكننا سوف نثبت أو نكتشف معاً ، العكس تماماً ، فإن الطبعة العربية على طولها . هي التي سقطت منها وقائع وحقائق في غاية الأهمية ، وأنها طالت بشقشقة اللسان والتهريج ببطولات كاذبة إستحى هيكل أن يعرضها للقارئ الأجنبي أو إضطر ناشره الإنجليزي إلى حذفها تمسكاً بشرف الكلمة وإحتراماً لهذا القارئ الأجنبي . إن الإختلاف كما سنرى هو في وقائع وليس مجرد صيغ ، وإن الخلاف دائماً في خدمة الهدف أو التهمة التي نتهمه بها ، وهي محاولة تضليل للقارئ العربي بإخفاء حقائق العهد الناصري وخاصةً بما يثبت العلاقة بين عبـد
الناصر والمخابرات الأمريكية أو الترويج   للولايات المتحدة والفكر الصهيوني .... ومن ثم فالمصلحة واضحة في الإختلاف مما يؤكد تعمد التزوير .... هذا سبب ، أما السبب الثاني هو إعترافه بأنه هو الذي قام بالترجمة قائلاً : " ترجمت الكتاب الأصلي بنفسي إلى اللغة العربية إلا أنني توسعت في التفاصيل فهناك كثير مما سيهتم به القارئ العربي بدرجة أكبر من القارئ الإنجليزي أو الفرنسي أو الألماني أو الياباني ..." ومن ثم فمن حقنا إزاء ذلك ....


   ؛؛؛؛؛ وإلى اللقاء في الحلقة القادمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق