الثلاثاء، 31 يوليو 2012

على هامش الفيدرالية ( مذكرات فيدرالي حتى النخاع ) حلقة مستقلة بقلم : إبراهيم السنوسي أمنينه 30-7-2012 حالة "صفّ الغرب" في العام 1947 في ظلّ القحط الذي أصاب إقليم طرابلس في ذلك العام ﴿ وهل جزاء الإحسان إلاّ الإحسان ﴾ صدق الله العظيم هذه الترنيمة مهداة إلى سيف الأزلام الذي ظهر على شاشة التلفاز يوم 20/11/2011 مهدّداً شعب (برقه) بالذات بحرب أهلية وحرق النفط والغاز مستعملاً سبّابة يده اليمنى للتأكيد على نواياه بالترهيب : يا لويـلا من بـاب الله إتحّجي بيـت رسول الله لا تكشّـي ولا اتنشّـي ولا اتقولي ما عندك شيّ وراس اوليدك ما نمشي نين نأخـذ من حـق الله شرح الأبيات : (المتسوّلة، وهي من صف الغرب، وقد أتى بها الجوع القارص الكافر من غرب البلاد في العام 1947 عندما أصاب القحط والمجاعة تلك النواحي – تخاطب هنا في بنغازي صاحبة المنزل، ويفترض أن اسمها "ليلى"، (ولويلا هو تصغير لإسم ليلى) وأنها تقف أمام منزلها الذي فتحت بابه لتجيب الطارق والذي هو امرأة في حالة يرثى لها ترتدي رداءً على لحم التصق بعظام مكتسباً لونها الرمادي الشاحب، وهي تترنمّ : يا بُنيتي يا ليلى إعطني مما أعطاك الله، وأنا سوف أدعو الله أن يسهّل لك زيارة لبيت الله وقبر رسوله . أرجو ألاّ تقولي أن ليس عندك ما تعطيني، كما أرجو ألا تنهريني أو تعبسي في وجهي وتتولى وأنا أحلف برأس إبنك هذا بألاّ أبرحَ حتى نأخذ نصيبي مما رزقك الله) . وأنا كنت قد سمعت هذه الترنيمة وعمري لم يتجاوز الثامنة في شوارع وأزقة العقيب وبن زبلح والدرفيلي وبسيكري وطرابلس والحشر وفياتورينو، ومحمد موسى سمعتها من نسوة كنّ يرتدين أردية على جلود برزت من تحتها عظام نخرة بفعل أثر الجوع الكافر، وينتعلن نعالاً (سبابيط) مصنوعة يدوياً من الدواليب المطاطية لعربات جيوش رومل المحترقة التي دمّرها جيش المارشال مونتغمري الانجليزي. كان ذلك بسبب القحط الذي أصاب الغرب الليبي عام 1947 وكان والدك في تلك السنة لم يتجاوز عمره العاشرة، غير أنه كان أسعد حظاً من غيره من أفواج المتسولين والمتسولات من (صف الغرب) ولا أخال الكثير من هذا الجيل بما فيهم أنت يعرف ممن كان يتركب (صف الغرب). وأنا أقول لك لعلّك تذكّر وتتفكر وتتعلم إنهم من قبائل الحسون والقذاذفة والفرجان والمعدان والزواوات (غير الزاوية غرب طرابلس) يعني سكان واحة مراده جنوب مرسى البريقة، وكذلك تجدهم من سكان الهيشة وتاورغا وقادتهم كانوا بالترتيب هم صالح بن رزق الله الحسوني، ثم حمودة بوصوكايه الفرجاني ثم بن اقدوره المعداني ثم الضبع الزواوي ، هؤلاء هم كانوا رءوس القبائل الغازية لبرقة بغية احتلالهما في العام 1811 ، وكان عام قحط أيضاً أصاب غرب طرابلس - ظناً منهم أنهم مستضعفون وهم من يدعوهم "صف الشرق" نسبةً لموقعهم شرق طرابلس ويتكونون من قبائل العلايا أي المغاربة والعواقير والعريبات، ومن بين رءوس وشيوخ هذه القبائل : الشيخ أبو شنيف الكزّه ، والشيخ محمد الباسل والشيخ صالح الحول والشيخ حسن قادربوه والشيخ علي لطيوش والشيخ حمد اللواطي والشيخ الكاسح الكيلاني والشيخ بوخريص الكزّه وغيرهم كثر. أقول أن والدك كان أسعد حظاً من هؤلاء المتسولين وتلكم المتسولات الذين غزوا الشرق كالجراد بحثاً عن سدّ الرمق – ذلك لأن الكنسية في بلدة سرت – لا عُمرت – كانت توفر له العيش الطيّب الرغد والرعاية والحنان في كنف عجوز من الغابرين تدعى عائشة بالنيران زوجة الأعور بومنيار جدك لأبيك ، وذلك بناء على توصية أبويه العاشقين سفاحاً قبل رحيلهما من ليبيا في العام 1943 مع فلول جيش الاحتلال . أقول : حاولتم غزو الشرق ظلماً وعدواناً وردّكم على أعقابكم خاسئين في العام 1811 . ولمن يريد المزيد من التفاصيل حول جزئية الغزو الغربي الغاشم للشرق الكريم القوي أن يرجع لمقالنا بعنوان : " في الفيدرالية – نحن لم نستخدم القوة بعد" الحلقة الرابعة على مدونتنا هذه . ونكتفي في هذا المجال أن نقول فقط : برقة تموت قعصاً ولا تموت حتفاً ، كما يموت البعير واسمح لي يا سيف الأزلام أن أذكّرك بما ورد على لسانك على شاشة التلفاز ليلة 20/11/2011 بعد نجاح الثورة في شرق ليبيا عندما قلت : سوف تكون هناك حرب أهلية، سوف لن يكون هناك بترول ولا غاز، ونحن معنا الجميع الجيش بتشكيلاته، فتراجعوا خير لكم يا "عرب برقة" فنحن لم نستخدم القوة بعد ! والسؤال هو : من الذي هدّد بالانفصال وباستعمال القوة؟ ويحبذه يوم 20/11/2011 ؟ إنه أنت طبعاً . والأنبياء أنزلت عليهم الكتب السماوية في الشرق - وليس في الغرب والتاريخ يعيد نفسه . لو عدنا إلى غزوة الغرب العدوانية الغاشمة في العام 1811، وما جرى في بداية المفاوضات، نجد قائد الجيش المعتدي وهو صالح بن رزق الله الحسوني يقول – بعد أن عرض عليه مشايخ الشرق أن يتقاسموا معاً المرعى والكلأ والماء على الرحب والسعة ويعيشون إخوة – قال صالح رزق الله عندئذ : " برقه ظهر حمار لا يتسع لأكثر من واحد " . عندئذ رد عليه أحد شيوخ قبائل الشرق بعد أن فاض به ولم يعد يحتمل صلف هذا الرجل ، قائلاً : صدقت إن ظهر الحمار لا يتسع لأكثر من واحد، والواحد هم نحن ... "وعليّ الطلاق" ما يقعد في برقة إلا نحن .. واشتعلت الحرب وانهزم طابور الغرب وقُتل قائده صالح بن رزق الله الحسوني وولداه فرّت فلوله تجر ذيول الخيبة أبداً . حتى الشمس تشرق من الشرق والخير في أعماقه كامن فانظروا أيها الأخوة: حاول إقليم الغرب إحتلالنا عام 1811 ففشل ونكص على عقبيه . ثم حاول سيف الأزلام أن يهدّد بالسلاح ليحتل الشرق بعد قرنين من الزمان ففشل قتل أبوه وأخوه وتفرقت عائلته أيدي سبأ . وبترت سبابته في اليد اليمنى التي كان يهدّد بها وهو الآن قيد المحاكمة . ومنذ 65 عاماً أي عام 1947 ابتلاهم الله بالقحط فجاءوا يتسولون سد الرمق من الشرق : أرأيت ؟! انه غضب الرحمن دائماً The Wrath of God ﴿واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً﴾ صدق الله العظيم أرأيت يا سيف الشيطان !! إنها برقة الصامدة المنتصرة العظيمة دوماً ، ولا تنسى يوم الأرتال – يوم السبت 19/3/2011، وان ذلك الجيش العدو كان طابوره يمتد عشرات الأميال، والبعض يقول أوله في ريف بنغازي يعني قاريونس وآخره في أجدابيا (عاصمة برقه) في زمن مضى . وكانت نواياه سيئة ومبيره مهلكة، أهلكك الله كما أهلك ذويك، أو تعرف يا سيف أبيه ممّ كان يتركب ذلك الجيش الغازي ؟ كان يتركب من نفس العناصر والقبائل التي كان قد تركب منها جيش الغزاة القراصنة في العام 1811، وأنها ليست صدفة بل هو معدنكم الخبيث الحسود على مر الزمان وازدادو عبيداً مأجورين مزودين بأشد الأسلحة فتكاً جسدياً واجتماعياً، وأن غايتهم كانت – حسب وصية أبيك المقبور – تدمير الحجر البشر عن طريق تسوية المباني بالأرض، وقتل النفوس وكسر الأنوف ولكن ما شاء الله، والحمد له، فعل، رغم كيد الكائدين. والحكمة المراد والواجب استنباطها من كل هذا هي : المشرق هو موطن الإبتلاءات وشرّها، وأولها الحملات الصليبية الظالمة والمبيره على الشام وفلسطين وبيت المقدس التي بدأت مع مستهل القرن الحادي عشر الميلادي انظر كيف دُحرت وكيف كان الله مع المسلمين بريادة البطل صلاح الدين الأيوبي . وكان ثانيها وآخرها إن شاء الله قدوم عدوّ الله المارق والمبير الذي كان يطلق عليه اسم معمر القذافي، وانظر كيف كانت نهايته. بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كُذبوا جاءهم نصرنا فنُجّي من نشاء ولا يُرد بأسُنا عن القوم المجرمين ﴾ صدق الله العظيم (يوسف،آية 112)

 


على هامش الفيدرالية
( مذكرات فيدرالي حتى النخاع )
     ﴿ وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين صدق الله العظيم
حلقة مستقلة                                                بقلم : إبراهيم السنوسي أمنينه
30-7-2012  
حالة "صفّ الغرب" في العام 1947 في ظلّ القحط الذي أصاب إقليم طرابلس في ذلك العام
﴿ وهل جزاء الإحسان إلاّ الإحسانصدق الله العظيم
هذه  الترنيمة مهداة إلى سيف الأزلام
الذي ظهر على شاشة التلفاز يوم 20/11/2011 مهدّداً شعب (برقه) بالذات بحرب أهلية وحرق النفط والغاز مستعملاً سبّابة يده اليمنى للتأكيد على نواياه بالترهيب :
            يا لويـلا من بـاب الله        إتحّجي بيـت رسول الله
            لا تكشّـي ولا اتنشّـي         ولا اتقولي ما عندك شيّ
            وراس اوليدك ما نمشي         نين نأخـذ من حـق الله
شرح الأبيات :
(المتسوّلة، وهي من صف الغرب، وقد أتى بها الجوع القارص الكافر من غرب البلاد في العام 1947 عندما أصاب القحط والمجاعة تلك النواحي – تخاطب هنا في بنغازي صاحبة المنزل، ويفترض أن اسمها "ليلى"، (ولويلا هو تصغير لإسم ليلى) وأنها تقف أمام منزلها الذي فتحت بابه لتجيب الطارق والذي هو امرأة في حالة يرثى لها ترتدي رداءً على لحم التصق بعظام مكتسباً لونها الرمادي الشاحب، وهي تترنمّ : يا بُنيتي يا ليلى إعطني مما أعطاك الله، وأنا سوف أدعو الله أن يسهّل لك زيارة لبيت الله وقبر رسوله . أرجو ألاّ تقولي أن ليس عندك ما تعطيني، كما أرجو ألا تنهريني أو تعبسي في وجهي وتتولى وأنا أحلف برأس إبنك هذا بألاّ أبرحَ حتى نأخذ نصيبي مما رزقك الله) .
وأنا كنت قد سمعت هذه الترنيمة وعمري لم يتجاوز الثامنة في شوارع وأزقة العقيب وبن زبلح والدرفيلي وبسيكري وطرابلس والحشر وفياتورينو، ومحمد موسى سمعتها من نسوة كنّ يرتدين أردية على  جلود برزت من تحتها عظام نخرة بفعل أثر الجوع الكافر، وينتعلن نعالاً (سبابيط) مصنوعة يدوياً من الدواليب المطاطية لعربات جيوش رومل المحترقة التي دمّرها جيش المارشال مونتغمري الانجليزي. كان ذلك بسبب القحط الذي أصاب الغرب الليبي عام 1947 وكان والدك في تلك السنة لم يتجاوز عمره العاشرة، غير أنه كان أسعد حظاً من غيره من أفواج المتسولين والمتسولات من (صف الغرب) ولا أخال الكثير من هذا الجيل بما فيهم أنت يعرف ممن كان يتركب (صف الغرب). وأنا أقول لك لعلّك تذكّر وتتفكر وتتعلم إنهم من قبائل الحسون والقذاذفة والفرجان والمعدان والزواوات (غير الزاوية غرب طرابلس) يعني سكان واحة مراده جنوب مرسى البريقة، وكذلك تجدهم من سكان الهيشة وتاورغا وقادتهم كانوا بالترتيب هم صالح بن رزق الله الحسوني، ثم حمودة بوصوكايه الفرجاني ثم بن اقدوره المعداني ثم الضبع الزواوي ، هؤلاء هم كانوا رءوس القبائل الغازية لبرقة بغية احتلالهما في العام 1811 ، وكان عام قحط أيضاً أصاب غرب طرابلس - ظناً منهم أنهم مستضعفون وهم من يدعوهم "صف الشرق" نسبةً لموقعهم شرق طرابلس ويتكونون من قبائل العلايا أي المغاربة والعواقير والعريبات، ومن بين رءوس وشيوخ هذه القبائل : الشيخ أبو شنيف الكزّه ، والشيخ محمد الباسل والشيخ صالح الحول والشيخ حسن قادربوه والشيخ علي لطيوش والشيخ حمد اللواطي والشيخ الكاسح الكيلاني والشيخ بوخريص الكزّه وغيرهم كثر.
أقول أن والدك كان أسعد حظاً من هؤلاء المتسولين وتلكم المتسولات الذين غزوا الشرق كالجراد بحثاً عن سدّ الرمق – ذلك لأن الكنسية في بلدة سرت – لا عُمرت – كانت توفر له العيش الطيّب الرغد والرعاية والحنان في كنف عجوز من الغابرين تدعى عائشة بالنيران زوجة الأعور بومنيار جدك لأبيك ، وذلك بناء على توصية أبويه العاشقين سفاحاً قبل رحيلهما من ليبيا في العام 1943 مع فلول جيش الاحتلال . أقول : حاولتم غزو الشرق ظلماً وعدواناً وردّكم على أعقابكم خاسئين في العام 1811 . ولمن يريد المزيد من التفاصيل حول جزئية الغزو الغربي الغاشم للشرق الكريم القوي أن يرجع لمقالنا بعنوان : " في الفيدرالية – نحن لم نستخدم القوة بعد" الحلقة الرابعة على مدونتنا هذه . ونكتفي في هذا المجال أن نقول فقط :
برقة تموت قعصاً ولا تموت حتفاً ، كما يموت البعير
واسمح لي يا سيف الأزلام أن أذكّرك بما ورد على لسانك على شاشة التلفاز ليلة 20/11/2011 بعد نجاح الثورة في شرق ليبيا عندما قلت : سوف تكون هناك حرب أهلية، سوف لن يكون هناك بترول ولا غاز، ونحن معنا الجميع الجيش بتشكيلاته، فتراجعوا خير لكم يا "عرب برقة" فنحن لم نستخدم القوة بعد ! والسؤال هو : من الذي هدّد بالانفصال وباستعمال القوة ؟ ويحبذه يوم 20/11/2011 ؟ إنه أنت طبعاً .
والأنبياء أنزلت عليهم الكتب السماوية في الشرق -  وليس في الغرب والتاريخ يعيد نفسه .
لو عدنا إلى غزوة الغرب العدوانية الغاشمة في العام 1811، وما جرى في بداية المفاوضات، نجد قائد الجيش المعتدي وهو صالح بن رزق الله الحسوني يقول – بعد أن عرض عليه مشايخ الشرق أن يتقاسموا معاً المرعى والكلأ والماء على الرحب والسعة ويعيشون إخوة – قال صالح رزق الله عندئذ : " برقه ظهر حمار لا يتسع لأكثر من واحد " . عندئذ رد عليه أحد شيوخ قبائل الشرق بعد أن فاض به ولم يعد يحتمل صلف هذا الرجل ، قائلاً : صدقت إن ظهر الحمار لا يتسع لأكثر من واحد، والواحد هم نحن ... "وعليّ الطلاق" ما يقعد في برقة إلا نحنا .. ونحنا هلك يا برقه.. واشتعلت الحرب واشتد إوارها وانهزم طابور الغرب وقُتل قائده صالح بن رزق الله الحسوني وولداه وفرّت فلوله تجر ذيول الخيبة أبداً .
حتى الشمس تشرق من الشرق والخير في أعماقه كامن ، فانظروا أيها الأخوة : حاول إقليم الغرب إحتلالنا عام 1811 ففشل ونكص على عقبيه .
ثم حاول سيف الأزلام أن يهدّد بالسلاح ليحتل الشرق بعد قرنين من الزمان ففشل، وقُتل أبوه وأخوه وتفرقت عائلته أيدي سبأ . وبُترت سبابته في اليد اليمنى التي كان يهدّد بها وهو الآن قيد المحاكمة ، وندعو الله ألا ينجح MR. Boofa في تهريبه قبل أن تبدأ محاكمته كما فعل مع بقية الأسرة ، ومنذ 65 عاماً أي عام 1947 ابتلاهم الله بالقحط فجاءوا يتسولون سد الرمق من الشرق : أرأيت ؟! انه غضب الرحمن دائماً The Wrath of God ﴿واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكاناً شرقياًصدق الله العظيم أرأيت يا سيف الشيطان !! إنها برقة الشرقية الصامدة المنتصرة العظيمة دوماً ، ولا تنسى يوم الأرتال – يوم السبت 19/3/2011، وان ذلك الجيش العدو كان طابوره يمتد عشرات الأميال، والبعض يقول أوله في ريف بنغازي يعني قاريونس وآخره في أجدابيا (عاصمة برقه) في زمن مضى .
وكانت نواياه سيئة ومبيره مهلكة، أهلكك الله كما أهلك ذويك، أوَ تعرف يا سيف أبيه ممّ كان يتركب ذلك الجيش الغازي ؟ كان يتركب من نفس العناصر والقبائل التي كان قد تركب منها جيش الغزاة القراصنة في العام 1811، وأنها ليست صدفة بل هو معدنكم الخبيث الحسود على مر الزمان أيها اللصوص القتلة ، وازدادو عبيداً وقناصة من شتى الأجناس والجنسيات والألوان مأجورين مزودين بأشد الأسلحة فتكاً جسدياً واجتماعياً، وأن غايتهم كانت – حسب وصية أبيك المقبور – تدمير الحجر والبشر عن طريق تسوية المباني بالأرض، وقتل النفوس وكسر الأنوف ولكن ما شاء الله، والحمد له، فعل، رغم كيد الكائدين.
والحكمة المراد والواجب استنباطها من كل هذا هي :
المشرق هو موطن الإبتلاءات وشرّها، وأولها الحملات الصليبية الظالمة والمبيره على الشام وفلسطين وبيت المقدس التي بدأت مع مستهل القرن الحادي عشر الميلادي، انظر كيف دُحرت وكيف كان الله مع المسلمين بريادة البطل صلاح الدين الأيوبي . وكان ثانيها وآخرها إن شاء الله قدوم عدوّ الله الملحد والمارق والمبير الذي كان يطلق عليه اسم معمر القذافي، وانظر كيف كانت نهايته ، ﴿ فستعلمون كيف نذير
بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذبوا جاءهم نصرنا فنُجّي من نشاء ولا يُرد بأسُنا عن القوم المجرمين . صدق الله العظيم
                                                                                                                                                                                                  (يوسف،آية 112)
وهنا يجدر بنا أن نعيد بعض فقرات مما كنا قد نشرناه في السابق تحت عنوان " نحن لم نستخدم القوة بعد " وذلك للتذكر والتفكر وأخذ العبر . ونواصل :
يا ترى من هو صاحب هذا الشعار الديمقراطي ؟
كثيرون هم أصحاب هذا الشعار أو الذين استخدموه في الزمن الحاضر، ولكنهم استخدموا القوة والعنف بالفعل ، غير أننا نكتفي بذكر ثلاثة زعماء – طبعاً ديموقراطيون بامتياز – وهم :-
1- حسني مبارك، وساعده الأيمن رئيس المخابرات عمر سليمان ، أو كيسنجر المصري في العلاقات بين الفلسطينيين وإسرائيل ، ووزير حسني مبارك للشئون الداخلية السيد حبيب العادلي، وعنوان المعركة هي :
"وقعة الجمل" ، ودهس المواطنين الثائرين بالعربات المصفحة ، والمخطوفة من أمام السفارة الأمريكية في القاهرة بموافقة وزير الداخلية حبيب العادلي المذكور خلال 2011 ، أما 2012 فإن الوزير الحالي إشتهر بتحريض البوليس المصري الذي ينفذ أوامره بتعرية الفتيات في ميادين التحرير أو في شوارع القاهرة والتسبب في فقدانهن لعذريتهن بواسطة أحد الضباط الذين يتبعون هذا الوزير الجديد !! والدعوى ماثلة أمام المحاكم ، والعبث بأوراقها وتخويف الشهود جارٍ .
2- زين العابدين بن علي، وصهره شقيق ليلى (ماري أنطوانيت) العصر في تونس . ففي خطابه خلال شهر فبراير 2011 ، أصدر أوامره إلى قائد الجيش السيد رشيد بن عمار بقمع المتظاهرين بشتى السبل حتى ولو بالرصاص الحي .
وفي يوم 23 من فبراير 2011 حضر إلى قصره قائد الجيش وقال له في كلمتين : إن الشعب يا سيدي يحاول إقتحام واحراق وزارة الداخلية وقصر الرئاسة هذا ، أما الجيش فهو ليس مستعداً لقتل الشعب لأن واجبه هو الدفاع عن البلاد وشعبها وحمايتهم من أي اعتداء خارجي ، ويقول لك الشعب والجيش معاً : De' gage يعني إرحل . وإن الجيش رفض الاستماع إلى أوامرك يا سيدي الرئيس بقتل المتظاهرين ، وأنا أنصحك بالرحيل ، طالما الوقت يسمح بذلك .
3- صاحب النيافة السيد المستشار مصطفى عبد الجليل كان قد تفوّه مساء يوم 6/3/2012 عقب إجتماع طيف من أطياف الشعب وعبّر عن رأيه معلناً وليس في الخفاء بشأن تطبيق الفيدرالية "الاتحاد" ، خرج علينا المستشار متوعداً ومهدداً يقول "إننا لم نستخدم القوة بعد" وكررها وزير داخلية النظام المؤقت – فوزي عبد العال عندما صفع إعلامياً ومراسلاً لقناة ليبيا الأحرار يدعى عوض البرغثي صفعه على وجهه ،ولا اعرف السبب الذي أدى إلى ذلك ، ولا أريد أن أعرف لأنه مهما يكن السبب فلا يعتبر مبرراً للاعتداء حتى على كلب ضال ينبح ويمرح في شوارع المدينة – فما بالك بإنسان ، وشاب ، صحفي إعلامي يمثل السلطة الرابعة، يسالك فما كان عليك ألا أن تجيب أو تعتذر عن الاجابة مثل الناس المحترمين المؤدبين الذين يشغلون مناصب رفيعة – لا تستحقها أنت ، كونك قمامة يجب أن تزال من الشارع فوراً .
وأسألك أين الاعلامية (شريفة الفسييّ) التي خطفت يوم 20/3/2012 ؟ كيف ومن هم المكلفون بخطفها وتعذيبها وهي اليوم نزيلة مستشفى الأمراض النفسية (والاغتصاب وارد) هل هم من أزلامكم ؟ أم من أزلام القذافي ؟ ومن الذي خطف وعذب الناشطة السياسية (عزة العرفي) ؟ وفي كلتا الحالتين فأنت المسئول عن تلك الجريمة مباشرة . الآن هناك دعوى مرفوعة ضدكم ، ولكن أين القضاة المغيّبون الذين غيبهم كبيرهم الذي علمهم السحر صاحب النيافة المستشار والآن عرفت السبب في عدم تفعيل القانون والقضاء ، لأنه لو كان مفعلاً لحملوك مكبلاً إلى "دار خالتك" أنت وسيدك المستشار لأنه هو الذي عزّز ووافق ووقع على القائمة التي أتى بها (عبد الرحيم بيك كبير الرحمية قبلى) .
4- قال المرحوم التنين الأحمر معمر (ولد مزّالة) خلال النصف الثاني من فبراير العام الماضي أنه لم يستخدم القوة بعد !! ووصف الثوار بالجرذان !! وتساءل : من أنتم ؟ كفى بمقتله دليلاً على هوية من قبض عليه وقتله !! بالتأكيد ليسوا بجرذان .
5- الولد سيف الأزلام – بعد نجاح الثورة في شرق ليبيا – قال :-
سوف تكون هناك حرب أهلية ، وسوف لن يكون هناك بترول ولا غاز ، ونحن معنا الجيش بجميع "تشكيلاته" ، تراجعوا خير لكم يا (عرب برقه !) فنحن لم نستخدم القوة بعد !!
والسؤال هو : من الذي يقترح بل يهدد بالانفصال ويحبذه يوم 20 فبراير 2011م .
انه سيف الأزلام بحد ذاته – كان ذلك يوم 20/2/2011 ليس يوم 6/3/2012 أي منذ عام و 13 يوم ، اليوم الذي خرج فيه علينا صاحب النيافة قائلاً بأنه لم يستخدم القوة بعد – بل ينذر ويهدد ، ويوجه التهم بالعماله لدول الجوار والعمل بأجنده خارجية . وضمن نشاطات هذا السيف حشد السلاح والأزلام بين (المايا) والزاوية وماتلا ذلك من قبل خالد الخويلدي الحميدي وأبيه – بكتيبته المحشوة بالمرتزقة من ترويع لسكان الزاوية وزوارة واغتصاب وتحرش بنسائها ، وكذلك حشد رجال تاورغاء بالسلاح والمال والهجوم على مصراته لقتل السكان واغتصاب النساء ، وكذلك ايقاظ الفتنه التي كانت نائمة في عقول الورفلله ومصراته من أيام رمضان شتيوي السويحلي ويونس عبد النبي بالخير وبين عرب سرت مع بن جواد ضد عرب الشرق إحياءً لأحداث وحروب إنفصالية مخزية وتفصيلها أنه في عام 1811م جاء بعض البدو الرحل من سكان طرابلس وهم الحسون والفرجان والمعدان والزواوات جاءوا إلى برقه برئاسة زعيمهم صالح بن رزق الله وأعوانه من الشيوخ حمودة بوصوكايهالفرجاني ، وبن اقدورهالمعداني والضبع الزواوي . جاءت المنتجعات بعدتها وعديدها لاتخاذ برقه موطناً لهم لاجلاء قبائل المغاربة والعواقيروالعريبات (ويطلق عليهم "العلايا" يعني أولاد جبريل من عاليه) المستضعفة في نظرهم . ولما سمعت هذه القبائل بوصول هذه المنتجعات والتي تعرف باسم (صف البحر) الغربي انتقلوا إلى برقه الحمراء ، ووصل صالح بن رزق الحسوني وهو القائد المحرض لهذه المنتجعات إلى موقع متاخم لهذه القبائل المهاجرة ، وحط بالقرب منهم ، فأوجسوا منهم خيفة وأرادوا التفاهم معهم أي (صف الغرب) بالتي هي أحسن فتوجهت سرية من أعيان وشيوخ العلايا ويقال عنهم (صف الشرق) ومن بين فرسان هذه السرية الشيخ بوشنيف الكزة الذي يعتبر أكبر شيوخ المغاربة والعواقيروالعربيات – سناً وأحسنهم كياسة وتجربة وأكثرهم ثراءً والشيخ محمد باسل وصالح الحول والشيخ حسن قادربوه والشيخ علي لطيوش وكان هذا الأخير أصغر المشايخ سناً والشيخ حمد اللواطي والشيخ الكاسح الكيلاني والشيخ بوخريص الكزه والكثير غيرهم . توجه كل هؤلاء للتفاهم مع (صف الغرب) .
وباشروا التفاهم معهم تارة باتصال الزعماء وطوراً بواسطة الرسل من دعاة الخير ممن لا ينتسبون لأي من الفريقين "المحايدين" ، ولكن صف الغرب كان قد استضعف صف الشرق وأخذت الغطرسة والكبر منهم كل مأخذ ، وكان آخر رسول بعث به صف الشرق هو (الفقي الفزاني) الذي كان يعلّم أولاد علي الطيوش وكان محل احترام كل من يعرفه وهكذا من كان يحفظ القرآن ويتلوه يكون محل احترام الغير فأرسله صف الشرق ومعه رجلاً آخر إلى الشيخ بن رزق الله يطلب منه باسم صف الشرق التفاهم للوصول إلى تحسين العلاقات والجوار .
والمقصود من طلب التفاهم هو أن يبقى صف الشرق ببرقه حتى إتمام الحصاد بدون قتال بين الطرفين ويطلب أيضاً صف الشرق من الآخرين أن يراعوا حرمة الزراعة ويمنعوا حيواناتهم من العبث بها، ولكن الشيخ بن رزق الذي هو لا يعبأ بصف الشرق وأيضاً هو قائد لصف الغرب ، ويعتبره الطرف المستضعف في نظره أبى أن يستجيب لذلك الطلب المتواضع ورفض أن يسمعه ويا ليته وقف عند هذا الحدّ بل تعداه إلى ما هو أبشع وأفظع ، فقد أمر بعض رجال قومه بذبح الفقيه المرسل إليه ورفيقه – ذبحهما كما تذبح الشياه وحملهما على جمل وأرسل من يرسلهما مصلوبين إلى منتجعات صف الشرق كتهديد وإنذار إذ أرفقوا بالجثامين كتاباً يقول :
فقيهك اللي قراك إن جيت يالطيوش تلحقه
 فاشمأز صف الشرق من هذه العملة النكراء ، وهذا التهديد المر، وأراد رجاله أن يبادلوا صف الغرب بالجزاء من جنس العمل والمعاملة بالمثل ، غير أن المفكرين منهم رأوا أن يتخذوا طريقاً وسطاً يضمن النجاح في المستقبل القريب بالتؤده والصبر وليس بالعجلة التي تأتي أحياناً بالضرر ، فأراد شيوخ صف الشرق أن يذهبوا بأنفسهم .
كان الشيخ أحمد اللواطي قوياً شديد الانفعال عصبي المزاج فطلب منه أخوانه ألا يذهب معهم تفادياً للشر وخوفاً من بادرة تبدر منه يصعب ردها لكنه حتم رأيه أن لا بد من مصاحبة قومه في تلك المهمة إلى زعماء صف الغرب ، لكنهم اشترطوا عليه ألا يشترك في المفاوضات وأن يحضر كمستمع فقطع على نفسه عهداً بذلك . ولما وصلوا إلى منتجعات صف الغرب تباطأ الشيخ بن رزق الله عن قصد في مقابلتهم . وبعد فترة قابلهم مقابلة تكلّف وكان ممسكاً بيد عصاة صغيرة من ذهب يداعبها بيديه ويدون أن ينطق ببنت شفة ، وكان ملثماً ، يترك الكلام لأعوانه . لما وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود ، أزال ابن رزق الله لثامه عن وجهه ونطق قائلاً: (اسمعوا يا سعادي: برقه ظهر حمار لا تسعنا جميعاً) المقصود بهذه العبارة بأن برقه مساحتها مثل مساحة ظهر الحمار فإنها لا تسعنا جميعاً، عند ذلك أجابه الشيخ احمد اللواطي قائلاً : (إن كانت برقة ظهر حمار فلا يمتطيه إلا نحن)، وأردف بالقسم "بالطلاق" ، ويعتبر هذا القسم بمثابة اليمين الحاسم في ذلك الوقت ، وانفض الاجتماع عند ذلك في شيء من الاضطراب فركب أهل برقه خيولهم وذهبوا سراعاً إلى أهليهم وبقي شيوخ صف الغرب في محلاتهم . وكان ابن رزق الله قد أرسل إلى قبائل الجوازي – وكانوا قد هاجروا عنوة وقسرياً – أرسل إليهم بن رزق الله يطلب منهم القدوم إلى برقه ليتحالفوا سوّياً على محق هذه القبائل البرقاوية ثم بعد محقهم يتقاسم مع الجوازي ملكية برقه . عندما علمت قبائل برقة بذلك تأكد لهم أن لا حيلة للبقاء في برقه دون القتال وخشوا أن تصل قبائل الجوازي (وهم أبناء عمومتهم إذ هم أبناء جبريل أيضاً) التي تريد الانتقام ممن تسبّب في هجرتهم إلى مصر – فتقوى عندئذ شوكة بن رزق الله، فاتفق شيوخ برقه على إرسال الشيخ بوخريص الكزة إلى زعيم قبائل (الحرابي) ، وهم أولاد حرب: أولاد حمد ويطلق عليهم تجاوزاً "البراعصه"
... وأولاد إدريس ، وهم "الدرسه" وأولاد حواس ويسمون "الحاسه" ثم أولاد عُبيد ويطلق عليهم "العُبيدات" ثم أولاد "فايد" ويطلق عليهم "فايد" . فهؤلاء الخمس قبائل وبطون أبوهم يدعى "حرب" وجدهم "عَقّار" بن الذّيب بالليل وأمهم – إلا فايد – سعْدا أو سعْده – الزناتية التي سباها "الذيب" بعد مقتل زوجها "الزناتي" في غزوة من غزوات قبائل بني هلال وبني سليم لقبائل البربر – هذه القبائل العربية التي كان قد جنّدها الخليفة الفاطمي المستنصر بالله عام 1050م لغزو البربر في شمال أفريقيا عندما دعا ابن باديس زعيم البربر في الخطبة للخليفة العباسي ورفع راية العباسيين السوداء وتمرد على الفاطميين.
هُزم البربر وتفرقت هذه القبائل في شتّى الأصقاع في الشمال الأفريقي من موريتانيا حتى مصر مروراً بالمغرب الأقصى والجزائر وتونس وليبيا .
وعوداً على بدء : أرسلت قبائل برقه . وهي للتذكير : المغاربة والعواقير والعريبات (وهم الجبارنه أبناء "عاليه" من جبرين بن برغوث بن الذيب بالليل) قلنا أرسلت القبائل المذكورة الشيخ بوخريص الكزه إلى زعيم الحرابي يستنصرونه فأرسل مع الشيخ بوخريص كوكبة من الفرسان وفي طليعتها ولديه "الجالي" و "أبو بكر" وكذلك شقيقه "جلغاف" ، وفي هذه الثناء وصلت سرية أخرى من قبيلة العبيد لمساعدة قبيلة العريبات وذهب أفراد هذه القبيلة لمخازن القبيلة المضيفة ويسمونها "كهوف" يخزنون فيها القمح والشعير والعلف والتمر" لكي يأتوا ببعض التمر ، فلحق بهم بن رزق الله وعصابته وأبادوهم عن آخرهم ، وقال الشاعر في رثائهم :
سِرية العبيد إفداك إتريد تَمرْ راحت كِلّها
ونواصل : «للتذكير لا زلنا بصدد السؤال : من الذي بادر بالانفصال وهدّد به، وهو سيف الأزلام» ، لما رجع شيوخ صف الشرق إلى أهلهم من منتجعات بن رزق الله أراد هذا الأخير أن يجامل "العلايا" ويرد بذلك ايهامهم كسباً للوقت حتى تصل قبائل "الجوازي" فوصل إلى منتجعات "العلايا" الذين أكرموه وبنوا له بيت الكاسح الكيلاني لينزلوه ورفاقه ، وهذه عادة البدو العرب المتأصله فيهم إذ يشيّدون خيمة خاصة بالضيف كاملة المرافق لينزل بها ويقيم ما شاء له أن يقيم ، وينحرون له الذبائح  كل يوم . ولقي هذا الضيف ومرافقوه من اكرام ما لقيه بعكس ما صدر منه من معاملة دنيئة آخرها كان اغتيال المراسيل . وأعمال القرصنة وقطع الطريف .
وبعد تناول الطعام والراحة التي أعقبت طلب ابن رزق الله من شيوخ "العلايا" فتح باب المفاوضة وكانت العادة المتبّعه عند العرب أن افتتاح الجلسة وابتداء الكلام أمر صعب لا يتولاه إلا دهاتهم ومن بين الصفات التي يمدح بها عظيم البدو هي (ان فلانا فارس في الميعاد وفلان قدير في فتح الكلام) .
تكلم الشيخ حسن قادربوه ردّ عليه الشيخ صالح بن رزق الله فأسكته هذا الأخير بتهديد قائلاً : لا يحق لك أن تتكلم ولا أطلب الكلام من أمثالك . فتكلم غيره وغيره لكن رزق الله أسكتهم جميعاً بتوجيه كلمات عيب يصف بها المتكلم بأوصاف غير لائقة وكان غرضه أن لا يتكلم إلا الشيخ بوشنّيف الكزه لما يعتقده رزق الله في "أبي شنّيف"  من حب المسالمة واللين ويعتبرهما ضعفاً أو جبناً بأبي شنّيف فيصل معه وتحت الضغط إلى ما يريد . بعد أخذ ورد طويلين وبدون جدوى كررّ الشيخ بن رزق الله كلمته السالفة وهي "برقه ظهر حمار ما تشيلش إلا واحد" فرد عليه اللواطي صاحبه المتكلم الأول بجوابه الأول هو شاهرا السلاح في وجه بن رزق الله قائلاً : (علي الطلاق لا يركب ظهر الحمار إلا نحن ، لو لم تكن بين نسائنا وأولادنا وفي محلاتنا كضيف لقتلتك تأديباً لك يا وضيع الأصل) فركب بن رزق الله وقومه مغادرين وفي أنفسهم ما فيها وهناك طلب الشيخ بو شنّيف من شيوخ العلايا أن نُضم جميع الحيوانات والاّ يذهب أحد من المنتجعات والعمل بجدّ للدفاع عن الوطن والأهل، وأن المسألة وصلت الذروة القصوى من التعقيد فلا فائدة في علاجها دون قتال ولا أمل في الوصول إلى اتفاق وفي هذه الأثناء وصل الشيخ بوخريص ورفاقه من البراعصه إلى المنتجعات كما سبق ذكره الأمر الذي زاد في اطمئنان العلايا وتشجيعهم وبينما كان العلايا يستعدون وصل الخبر إلى الشيخ حمد اللواطي أن الشيخ صالح بن رزق الله ومعه ابنه في كوكبة من الفرسان بموقع كذا فاغتنم الشيخ حمد اللواطي هذه الفرصة وركب في سريّة خصوصية بدون أن يعلم بذلك قومه وخفّ بمنازلة بن رزق الله ، وكان من بين رفاق اللواطي فارس اسمه "محجوب دواس" فالتقى بابن رزق الله واشتبك معه في معركة لم تطل حتى أسفرت عن أسر بن رزق الله ابنه المسّمى (شيناه) وقتل جميع رفاقه، ولما علم بن رزق الله أن لا مفرّ من الموت قال للشيخ حمد اللواطي لا تقتلني مرتين ، وهو يريد بذلك أن يقتله قبل ابنه بحيث لا يرى ابنه صريعاً فأجابه الشيخ حمد ، وكان قد جرح أحد رفاقه الأعزاء عليه : ان مات فلان فلا مناص من قتلك مرتين وإن نجا من جراحه فسأقتلك قتلة واحدة . وفي النهاية قُتل بن رزق الله وابنه بموقع اسمه (الصواكي) . وكان في انتصار حمد اللواطي تفاؤلاً حسناً لصف الشرق، وانتقلت منتجعات صف الغرب إلى جهات برقه الغربية وقد استولى عليهم الرعب والذعر بالرغم من أنهم أقوياء لكن كُسرت شوكتهم بمقتل زعيمهم بن رزق الله وولده .
وقد اقتفى صف الشرق أثرهم ، وهكذا كلما انتقل صف الغرب من دياره ينتقل صف الشرق في أثره مطارداً يوماً فيوم حتى وصل الأولون موقع يسمّى "زغباً" فماذا حدث؟ يا أيها الانفصالي المنذر والمهدّد بالتقسيم يوم 20 فبراير 2011 يا سيف الأزلام .

  ؛؛؛؛ ولنا عودة

الاثنين، 30 يوليو 2012

ليبيا تنتخب أم هي تنتحب الحلقة الثامنة



ليبيا تنتخب أم هي تنتحب
الحلقة الثامنة                                            بقلم : إبراهيم السنوسي أمنينه
30-7-2012  
نعم كانت تنتخب بحرّية وجدّية، وتناضل في جو من الحماس وتحتفي بالنصر وهزيمة المحتل بل وإندحاره – كانت تناضل في الوقت ذاته ضد مؤامرات ودسائس حبكت في الخارج، أما اليوم فهي تنتحب بحرقة وتلطم خدودها وتشقّ جيوبها وتدعو بدعوى الجاهلية بسبب قوافل من فيروسات كانت متجمدة تعيش حياتها كاملة تحت درجة الصفر، وبعد أن دبت فيها الحياة على أثر شروق شمس 17 فبراير 2011 عندها شعرت بالدفء إنتعشت مشرعة حرابها مستلّة سيوفها من أغمادها بقيادة لص طفا عبر الجليد لمواجهة الشرفاء !
وعندما انحسر اللثام عن وجهه الصفيق وسقط القناع وبدت للناظر عيناه كعيني الذئب أو كعيني الطاغية (ضيقتان) تبثان الشرّ والشرار، ولما لامه وعاتبه من تبقى من الشرفاء الأحرار البرقاويون  إنتفض من مجلسه كالملدوغ صارخاً : ﴿ إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم، ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ﴾ فجاء الرد توّا من الأشراف المجاهدين الحقيقيين:
قالوا : ﴿ هذا فراق بيننا ﴾ فلتكن حرباً إن شئتم لتحقيق ما كان قد صبا إليه الصف الأول من شهداء برقة من آمال في الوحدة والاستقلال التام أو الموت الزؤام على مذبح الحرية والتحرّر في اليوم المشهود يوم ﴿ قتل أصحاب الأخدود بالنار والوقود ﴾ يوم 17 فبراير 2011 .
ونواصل من حيث  انتهت الحلقة السابقة وهي السابعة :
هذا ما تطالب به البلاد الآن : يجب أن نشير إلى أن مفاوضات كان قد دارت في بنغازي خلال شهر يونيو 1946 ويناير 1947 لمحاولة التوفيق بين وجهات النظر بخصوص الإمارة السنوسية التي كان الكثيرون من زعماء طرابلس يقاومونها لأسباب شخصية وغايات خاصة لا تمت في كثير من الأحيان إلى المصلحة العامة بسبب، التي كان يقاومها أيضاً الأمين العام لجامعة الدول العربية آنذاك المدعو عبد الرحمن عزام باشا غير أن هذه المفاوضات لم تؤد إلى نتيجة قط .
ولعل مذكرة الكتلة الوطنية الحرة التي قدمتها ليبيا إلى جامعة الدول العربية في سنة 1946 حول القضية الليبية هي التي بلورت الأهداف السياسية الليبية كما تراها طرابلس والمؤيدون لها في برقة، فقد جاء فيها :
"فالكتلة الوطنية الحرة ترفع صوتها باسم العروبة إلى أمانة الجامعة العربية مستنكرة كل تفكير في تقسيم ليبيا ومعلنة عزمها الأكيد على نيل حقها الكامل في الوحدة والاستقلال، وتتشرف الكتلة الوطنية بأن تبّلغ الجامعة العربية القواعد التي تريد ليبيا أن تبني عليها مستقبلها ولن تحيد عنها قيد أنملة هي :
أولاً : وحدة ليبيا بحدودها من مصر شرقاً إلى تونس غرباً ومن السودان جنوباً إلى البحر المتوسط شمالاً .
ثانياً : استقلال ليبيا التام الذي لا تشوبه شائبة .
ثالثاً : الانضمام إلى جامعة الدول العربية .
وقد كان آخر تكتل سياسي في ليبيا هو : "هيئة تحرير ليبيا" وهو الذي ورد ذكره في الترجمة العربية لتقرير اللجنة الرباعية باسم "المجلس الوطني لتحرير ليبيا"، فقد شكلت هذه الهيئة في القاهرة في مارس 1947 من السادة:
بشير السعداوي، وأحمد السويحلي ومحمود المنتصر وجواد زكري وطاهر المريّض، ومنصور قداره، وكان غرض الهيئة الدفاع عن حقوق الوطن المقدسة، ومن المعروف أن هذه الهيئة تقدمت بمطالب البلاد أمام لجنة التحقيق الرباعية : وهي  المركبّة من وزراء خارجية الدول الغربية الكبرى: بريطانيا وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية .
ويمكن القول إجمالاً بأن الوضع في الوقت الذي وصلت فيه لجنة التحقيق إلى طرابلس كان قد تبلور حول أمور واضحة، فقد جاء في تقرير اللجنة الرباعية ما يلي : "ويهدف برنامج جميع الأحزاب السياسية فيما يتعلق بمستقبل طرابلس إلى هدف واحد هو الاستقلال التام ووحدة طرابلس وبرقة وفزان والانضمام للجامعة العربية وقد رفعت مذكرة جماعية بهذا البرنامج مفصلاً إلى اللجنة، ويطالب "حزب الاتحاد المصري الطرابلسي" بتوحيد ليبيا ومصر تحت التاج المصري، بينما يفضل "حزب الأحرار" إمارة السيد محمد إدريس السنوسي وجميع الأحزاب – ما عدا حزب العمال الصغير – فهو يؤيد "المجلس الوطني لتحرير ليبيا" أي هيئة تحرير ليبيا والتي سبق ذكر أسماء أعضائها الست وعلى رأسهم السيد بشير السعداوي .
غير أن هيئة تحرير ليبيا لم تقم بأي عمل في برقة، والمؤتمر الوطني الذي مثل تلك المنطقة أمام لجنة التحقيق الرباعية طالب بالاستقلال والوحدة والملكية السنوسية ، وكان ثمة من يأخذ برأي الأمير السيد محمد إدريس السنوسي أيّاً كان هذا الرأي .
وقد حاول السيد بشير السعداوي مرة أخرى أن يرأب الصدع فحصل على بيعة للأمير من جماعة من الزعماء الطرابلسيين خلال شهر يونيو غير أن الأمير محمد إدريس كان يعرف أن هذه البيعة الجديدة تمثل وجهة نظر هؤلاء الأشخاص فقط وان الخصومة له من الكثير من الطرابلسيون لا تزال قائمة .
                                                                                       ؛؛؛؛ وإلى اللقاء في الحلقة القادمة

الخميس، 26 يوليو 2012

ليبيا تنتخب أم هي تنتحب الحلقة السابعة


ليبيا تنتخب أم هي تنتحب
الحلقة السابعة                                           بقلم : إبراهيم السنوسي أمنينه
26-7-2012  
متى نكتب عنواناً يقول : ليبيا تنتخب ، وليس تنتحب !؟
أفلا يكفيها نحيباً بل ونواحاً وحسبها ذلك منذ العام 1943 أي منذ تسعة وستين عاماً ذلك بقيام أول ناد سياسي في طرابلس، وقيام نادي عمر المختار في بنغازي وكان هذا الأخير يعني بالنواحي الرياضية والاجتماعية والثقافية سواء خلال مركزه الرئيسي في بنغازي أو الفروع المتعددة التي أنشئت في الجهات الأخرى من برقة، وكان الملك إدريس رحمه الله قد باركه سنة 1944 على أنه كذلك وعلى أنه رمز للتآخي ومعهد للرياضة والثقافة والأعمال الخيرية، إلا ان هذا النادي كان منذ إنشائه تقريباً يعني بالنواحي السياسية يطالب بوحدة ليبيا، وكان من المتربعين على قمته : المرحوم الأستاذ مصطفى بن عامر والمرحوم الأستاذ محمد بشير المغيربي وآخرون كلهم في ذمّة الله .
نشطت الحركات السياسية في ليبيا بعد احتلال الحلفاء للبلاد .
يمكن القول بأن هذه المرحلة الأولى كانت تتميز برغبة المشرفين على النشاط السياسي في أن يكون للبلد الحق في إنشاء الأحزاب والتنظيم السياسي وحرية الصحافة . ويبدو هذا بشكل واضح في إنشاء النوادي السياسية التي تضطلع بمثل هذا النشاط .
وإذا عرضنا للنشاط السياسي لما يبدو في قيام الأحزاب ونشاطها في طرابلس بالتحديد لوجدنا أن "الحزب الوطني"، وهو أول حزب أنشئ هناك، جاء في بيانه الذي أذاعه عام 1945 ما يوضح الاتجاه المعتدل في السياسة الليبية . ولم توافق الإدارة البريطانية على إنشاء الحزب إلا في أبريل 1946.
وفي السنة نفسها تألفت في طرابلس "الكتلة الوطنية الحرة" و"الجبهة الوطنية المتحدة" وينتمي زعماء هذه الجبهة إلى عائلات معروفة وهم أثرياء أو تجار أو شيوخ دين، أما "الكتلة الوطنية الحرة" فكان فيها جماعة من أعيان مدينة طرابلس ومثقفيها . وقد ظهر في أواخر عام 1946 "حزب الاتحاد المصري الطرابلسي" الذي كان يرى وجوب الاتحاد بين مصر وطرابلس (ليبيا) إلا أن هذا الحزب لم يجد تأييداً كافياً لا في ليبيا ولا في مصر، إذ كانت هذه الأخيرة قد تغيّر هذه النغمة أيضاً .
وفي  العام 1947 أنشئ "حزب العمال" لكنه ظلّ في عزلة تقريباً عن الميدان السياسي الصحيح بسبب تشكيله وأعضائه وبسبب الإدارة البريطانية التي كانت ترفضه أصلاً . أما "حزب الأحرار" الذي تأسس في العام 1948 فقد يقبل بإمارة السيد محمد إدريس السنوسي على ليبيا كلها .
وعندما نعود إلى برقة نجد أن "نادي عمر المختار" لم يلبث أن دخل المعترك السياسي، وكان نشيطاً فعاّلاً مع فروعه الخمسة عشر . وبسبب المقاومة لجمعية عمر المختار قامت "الجمعية الوطنية" وهي لم تختلف عن الأولى إلا باسمها . ولعل "رابطة الشباب" كانت الجمعية التي جرّبت أن تضاهي الجمعية الأولى تنظيماً وغاية، وقد أوقف الأمير نشاط هذه الجمعيات كلها في ديسمبر 1947 فحلّها، وفي أوائل السنة التالية أقام مكانها "المؤتمر الوطني" الذي أصبح بعد قليل مكوناً من 71 عضواً "يمثلون وجهات النظر في البلاد" وهو الوحيد الذي قدم "للجنة التحقيق الرباعية" وجهة النظر عن برقة .
ويمكن القول إجمالاً أن هذا النشاط العام في ليبيا دار حول قضية الاستقلال والوحدة السنوسية، وإذا جاز لنا أن نلخص الموقف عامّة قلنا أن الاتجاه العام في طرابلس كان يهتم بالوحدة والاستقلال تاركاً أمر شكل الحكم إلى المستقبل، بينما كان "المؤتمر الوطني" في برقة يرى أن الوحدة بين برقة وطرابلس يجب أن ترتبط بقبول الطرابلسيين للإمارة السنوسية . وكان لهذا الرأي بعض التأييد في طرابلس ، ويبدو الرأي البرقاوي الرسمي في مذكرة رفعت في شهر مارس 1946 جاء فيها ما يلي :
"ولهذا قد استقر الرأي على أن نطالب نحن ممثلو الأمة البرقاوية مجلس هيئة الأمم المتحدة بتحقيق مطالبنا الوطنية وأهدافنا القومية وحقوقنا الشرعية الغالية، تاركين للشعب الطرابلسي الشقيق بدوره تقديم مطالبه التي يرغبها إلى سمو الأمير محمد إدريس السنوسي مباشرة :
أولاً : إستقلال البلاد سياسياً وإدارياً تحت إمارة سمو الأمير محمد إدريس السنوسي .
ثانياً : تكوين حكومة دستورية وطنية تدير شئون البلاد .
ثالثاً: قبول هيئة وطنية تمثل الشعب الليبي في مؤتمر الصلح للدفاع عن قضيته ينتخبها سمو الأمير .
رابعاً : منح البلاد حقها في التعويض عن الأضرار التي لحقت بها من جرّاء الحرب .


             ؛؛؛؛ وإلى اللقاء في الحلقة القادمة