الثلاثاء، 20 مارس 2012

ما هكذا تورد الإبل يا هيكل ! (الحلقة 4)


ما هكذا تورد الإبل يا هيكل (4) *
هيكل : الجذور والتربة Roots & Soil



24-11-2011                                                                    بقلم: إبراهيم السنوسي امنينة

كما سبق ووعدنا القراء الكرام في الحلقة الأولــي بأننا سنتناول تفكيك هذا المدعى ونعيده إلي عوامله الأولى ، وقمنا بالفعل بالتمهيد لذلك في حلقتنا الثالثة بذكر العموميات ، وثبت المراجع وإيراد مثال أو مثالين لإثبات بعض الصفات التي يتميز بها هذا الأستاذ بلا فخر، مثل الكذب بلا حرج ولا حياء .
ونواصل اليوم تفكيك هذا الهيكل قطعة قطعة  فنقول :
·       الخلفيه والتكوين : Background & "Genesis"
·       هذه صورة بانورامية بمراحل سيرة حياتةPanoramic Picture of phases Of his life
ولد محمد حسنين هيكل بالقاهرة بحيٌ باب الشعرية يوم 23 سبتمبر  1923 آي انه أمضي قرابة ثلاثين سنة من تكوينه التربوي والتعليمي والثقافي والفكري علي العهد الملكي عهدي الملك فؤاد الأول وولده فاروق، وأنه مضى قرابة خمسين سنة من حياته الصحافية والسياسية و التأليفية في العهد الجمهوري على امتداد حياة أربعة زعماء مصريين هم : محمد نجيب، جمال عبد الناصر، أنور السادات، وحسني مبارك .
  وعليه، يمكننا تقسيم حياته إلي عدة أقسام، علي التوالي :
1.    1923-1942 : مرحلة الدراسية الإبتدائيه  والثانوية والتوجيهية .
*إعتباراً من هذه الحلقة سيتغير عنوان هذه السلسلة (ما هكذا تورد الأبل) إلي عنوان يتناسب مع أحداث كل حلقة علي حده ويحمل رقمها، لكنه يبدأ بكلمة هيكل وذلك للاستدلال والربط .
2.    1942-1952 : مرحلة العمل الأولي في الصحافة الإنجليزية والعربية : صحيفة الإيجبشان غازيت "Egyption Gazette" ، مجلة أخر ساعة، صحيفة أخبار اليوم (( ولكن إذا كان هيكل قد دخل الحياة العلمية وعمره  19 سنه، فمتى يا ترى درس التجارة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة كما يدٌعى ؟)) .
3.    1952-1970 : مرحلة جمال عبد الناصر .
4.    1970-1981 : مرحلة توافق ومعارضة حكم أنور السادات .
5.    1981-1990 : مرحلة الإغتراب .
6.    1990-1999 : المرحلة الأخيرة "Last Episode" .


·       طفولة وديعة "Calm and Peaceful childhood"  :
يبدو واضحاً لمن يؤرخ لمحمد حسنين هيكل، أن طفولته في حقبة العشرينيات لم تكن قاسية في حواري باب الشعرية بقلب القاهرة النابضة بالحياة والذي كان ينبعث منه صوت خلاق كان فد ولد فيه هو الآخر وهو صوت الفنان محمد عبد الوهاب، والبيئة كما سماها لنا هذا المبدع الأخير في أحد لقاءاته التليفزويونية الممتعة، هي بيئة ثنائية التركيب ، أصيلة الأهل دينية الهوى... إذ تبدأ من مسجــد الشعرائي وتنتهــي عند أزقة وحواري سيدنا الحسين والسيدة زينب رضى الله عنهما . 
وفي خضم سنوات العشرينيات تنمو أظفار محمد حسنين هيكل في عائلة متوسطة الحل تمتد أصولها إلي الصعيد ، وبالذات إلي بلدة ديروط الشريف عندما يذكر هو بنفسه قائلاً "أتيناها قبيلة من العرب، عبرت وتركت فروعها في كل مكان حتى استقرت في صعيد مصر ثم هاجر جدٌه لأبيه إلي الشمال وجاء والده بتجارة للقاهرة" ويولد له فيها أولاد ومنهم الذي نترجم لـه الآن فينمو ويترعرع في ظل أبيه الذي كان يود أن يكون والده هذا في خدمة العلم إذ نذره للأزهر الشريف .

·       صبوٌة من نوع خاص "Special Kind Of Boyhood" :
استغلت والدته غياب والده أسبوعين فأسرعت في أتمام إجراءات إدخاله للمدرسة الأميرية ليس علي غرار أخوته غير الأشقاء ومن أم ريفية، ولم تمضي أيام قليلة حتى كان خاله قد أشترى له بذلتين صغيرتين أنيقتين من محل بالقاهرة أسمه "بلاتشي" وكان يجلس تلميذاً نجيباً في السنة الأولى بمدرسة خليل آغــــا .
ويعلق هيكل علي هذه الجزئية قائلاً "إن أمي عملت انقلاباً جذرياً في حياتي"  لا سيما أن مدرسة خليل آغــــا كانت تابعة للخاصة الملكية، وفيها ألتقي هيكل برفيق صبوُته (إحسان عبد القدوس) الذي كان يسبقه بثلاث سنوات .
وهكذا بدت حياة هيكل الصبي عند مطلع عقد الثلاثينات لتبدو أول تجاربه التربوية في تلك المرحلة التي قضاها بنجاح مستقطباً إهتمام معلميه بحركته السريعة و دقه عمله ونظافة مظهره، ولما يكمل متطلبات السنة التوجيهية تكون الحرب العالمية الثانية قد اندلعت واشتد أوارها علي مدى قرابة ثلاث سنوات من حياته عام 1942 ، وإذا علمنا أن وعي هيكل أول ما ظهر قد شبً ونما في عقد الثلاثينات بكل ما كان يزخر بمصر من النضال في الشوارع والمدارس والمقاهي والحارات ، علمنا أن صبوة هيكل قد نمت في ظل أحداث وواقع عناصر وعرض شعارات كلها تذكى الإحساس الوطني وتدعو إلي الاستقلال وبناء الأهداف النبيلة بأساليب سياسية وشعارات ساخنة .
·       تجربة شاب أنيق ""An Experience Of a Handsome Young Man :
وتلتها مرحلة آخري أكثر زخارة و أهمية بالنسبة لتكوين هذا "الرجل"، آي في عقد الأربعينات، بكل خصبه بمصر خصوصاً وأن هيكل الشاب الأنيق أختار طريق الصحافة بهدف بناء مستقبله، ولا ندرى لماذا أختار هذا الشاب مجال عمله في صحيفة "الإيجبشان غازيت" لكي يقضي فيها سنتين من حياته (من 1942- إلي 1944) أي في عز معارك الحرب قرب الجبهة المصرية ، إذ دارت معركة العلمين بين قوات الحلفاء وقوات المحور مسفرة عام 1942 عن انتصار الحلفاء ، في مناخ ملئ بدخان الحرب، كان هذا الشاب يروح ويغدو بين انتصار الجريدة الإنجليزية وتحريرها وهو يلتقط الأخبار من هنا وهناك ، ويقيم العلاقات مع هذا وذاك ولعل أكبر نفع أكتسبه هيكل من هذه الجريدة ليس اللغة الانجليزية فحسب بل تعلمه الجلَد والمثابرة في العمل والقدرة علي الانتشار بعمق في كل الاتجاهات الفكرية  واختراق كل المعسكرات السياسية فضلاً عن حقنه بعامل قوة الشخصية النافذة التي لها التأثير البالغ في النفوس والمدى الواسع من اختراق نسيج العلاقات مع الآخرين !


كما أن هيكل كان محظوظاً منذ بواكير شبابه بوقوعه بين آيدى أثنين من امهر الرجالات البراغماتيين Renowned Pragmatic Figures       
مثل سكوت واتسون Scott Watson وهو أستاذ في جامعة الأمريكية في القاهرة ومحرر صحفي في الإيجبشان غازيت ، ومثل Harold Earl هارولد ايرل ، رئيس تحرير هذه الصحيفة ، ومعروف طبعاً اتجاهها وطبيعة أهدافها ولمن تكتب وتنشر الأخبار ، وكان هناك محرٌر مسئول عن الشئون المحلية ، في نفس هذه الجريدة ، أسمه فيليب حنين ، صحب هيكل بمعيته إلي السيدة روز اليوسف ، في مطعم "الباريزيانا" وكانت زبونة فيه ظهيرة كل يوم لتتناول غذاءها ، ثم زادت لقاءات هيكل مع هذه السيدة ذات الشخصية النافذة القوية وكانت قد ألقت في روع هيكل كلمات تشجيع لا توصف وأسرت عقله كما فعلت مع أغلب الصحفيين و الشبان الذين كانوا يلتئمون حول مائدتها الكريمة ، ونشر هيكل في مجلة روز اليوسف عدة مقالات غلب عليها الطابع الأدبي و الرومانسي .
·       الخطوات الاولــي علي ابواب السلطــة في العــهد الملكــي "First Steps Towards Power Gates In The Monarchy Regime In Egypt" 
كان محمد حسنين هيكل قد انضم للعمل علي مدار سنتين (1944-1946 ) في مجلة "أخر ساعة" التي كانت اللسان المعبر عن حزب الوفد المصري برئاسة الصحفي المصري السابق محمد التابعي والذي كان قد أعجب بمقدرة هذا الشاب المتسٌم بالحركة والفعالية ، فسحبه إلي جانبه يتشبع تفكير هذا الشاب هيكل بالنزعة الوطنية المصرية ، وقام هيكل بأعمال سكرتاريه يلخص فيها تقارير المراسلين وينقل المراسلون الأجانب كما ويلعب دوره في ما يرويه التوسط بين التابعي والمحررين ، ثم إشتغل مراسلاً يكتب مقالاته الخاصة وتقاريره الصحفية الخبرية ، وفي تلك الإثناء بدا هذا الشاب يتعامل سياسياً مع اكثر من طرف بحكم تجربته المهنية .


إلي اللقاء في الحلقة (5)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق