السبت، 24 مارس 2012

إحياء علوم السياسة (الحلقة 4)

إحياء علوم السياسة
الحلقـــــة (4)                                                             بقلم : إبراهيم السنوسي إمنينه
10/3/2011 م    


بسم الله الرحمن الرحيم
(إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون) صدق الله العظيم
الأنفال الآية (22)

تكلمنا في الحلقات الثلاث الماضية عن نشأة علم السياسة وتطوره وقلنا أن هذا العلم يتداخل مع علوم الاقتصاد والاجتماع والاعلام وذكرنا أنه لا يجب تجاهل (المال) و(الطمع) في السلوك السياسي ... فهو هناك . وقلنا أن هذا العلم يتطور وينمو بوتيرة سريعة بسبب اتساع مواضيعه وأن ميادينه شاسعة ومتمدده .

وأن الاعلام وهو الضلع الرابع لهذا العلم يمارس الكذب والغش والخداع على نطاق واسع ، وأنه لا يتسم بالموضوعية وختمنا تحليلنا بالقول إذا كان بلوغ الحقيقة قد يكون متعذراً فإن بلوغ الكذب يمكن أن يتم بسهولة حسب رأي نيقولا ميكافيللي في كتابه "الأمير" وذلك منذ خمسة قرون ، وأيضاً قال : إن صفة السيادة حين تطبّق على الشعب تكون سخرية مؤلمة تماماً مثل شعار (الشعب سيد الجميع) الذي رفعته عصابة سبتمبر 1969 عند انقضاضها على دستور 1951م في ليبيا ، فالشعب يرسل في كل الأحوال (ممثليه أو نوابه أو أعضاء لجانه الشعبية) إلى المجالس والبرلمانات مثل مؤتمر الشعب العام فيبدو المشهد كما لو أنهم يمارسون السلطة والديموقراطية في جو من الشفافية ، وقلنا أن النظم التمثيلية البرلمانية هي تخص الآلية أكثر مما تخص الأخلاق ، وقلنا في النهاية كما يقول (ميكافيللي) ويؤكد من بعده الدكتاتور موسوليني : الشعب يُؤمر إما لثورة أو لسلم ، أو المضي نحو حرب مجهولة ولا إجراء آخر– فليس للشعب سوى الرضوخ والطاعة وإذا كنت أنا قد قرأت كتاب "الأمير" لميكافيللي في طبعته التاسعة عشر فإن الزعماء العرب والملوك العرب والأجانب كانوا قد قرؤوه في طبعته الأولى ، ليس قراءة فقط بل وحرصوا على تنفيذ ما جاء فيه بالحرف تطبيقاً ، وقلنا فيهم أنهم :
يسوسون العباد بغير عقل       فينفذ أمرهم ويقال ساسة
وكنا قد ذكرنا أن فرق القمصان السوداء أي اللجان الثورية التابعة مباشرة للدكتاتور موسوليني قد أهدوا له عام 1924 فاشيستيسيفاً منقوشاً عليه قول مأثور لميكافيللي نصّه :
"ليست المحافظة على الدولة بالكلام" ففرح موسوليني وانتفخ ريشه كالطاووس وأخذ السيف والكتاب وقتله قراءة وتطبيقاً إلى أن قضى عليه شعبه عام 1945م .
وبعد ذلك بربع قرن كان الطاغية قد تلقى نسخة من كتاب "الأمير" لميكافيللي من عرّابه اليهودي برونوكرايسكي مستشار النمسا السابق كهدية طالباً منه قراءتها بتمعن مؤكداً له أنه سوفيحتاج إليها في المستقبل وسوف تنير له الطريق ... وبالفعل فلقد قرأها وهضمها فأنارت له الطريق التي أوصلته إلى جهنم بعد اثنتين واربعين عاماً ازدادت عشرين يوماً – من 1/9/1969م إلى 20/10/2011م .
فيما تقدم كان تلخيصاً لما ورد في الحلقات الثلاث الماضية لمن فاته الاطلاع عليها – وذلك لتعميم الفائدة .
أما اليوم ، ولازلنا في موضوع علوم السياسة ، سنتحدث عن المؤتمر الذي عقد اليوم والقرار أو الإعلان الذي صدر عنه وهو إعلان قيام دولة برقة وبعث دستور 1951م وتطبيق النظام الفيدرالي (الاتحادي) . ونتيجة لذلك كثر اللغط وشوهدت مسيرة أو اثنتين في بنغازي يقولون "لا للفدرالية" .
وفي المساء خرج علينا الولىّ الإنتقالي السيد المستشار صاحب النيافة والعظمة الذي لا يخرج للشعب عندما يعتصم في الميادين سواء في بنغازي أو طرابلس ويخرجوه من مكتبه عنوةً ويحرقون ما في طريقهم من مستندات وملفات وأثاث ... بمكتبه – حتى يقابلهم ويعرضون عليه مطالبهم ومشاكلهم بدون نتيجة .
أما اليوم فقد شرفنا بطلعته البهية على شاشة التلفزيون فماذا قال ؟ وماذا حدث ؟


؛؛؛؛؛ وإلى اللقاء في الحلقة القادمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق