حلقات ومراحل من
المؤامرة الكبرى ضد ليبيا (1914-1923)
ودسائس
الدول الغربية في برقه وطرابلس متمثلة في زرع الفتن
وترسيخ
القبلية والجهوية بين شرق البلاد وغربها
لتحقيق
مخططاتها الاستعمارية طويلة الأمد
وليبيا
تجني ثمارها اليوم
7-8-2012 بقلم : إبراهيم السنوسي أمنينه
الجـزء الأول
منذ بداية الحرب
العالمية الأولى في العام 1914م ، صارت ليبيا ميداناً لتصادم المصالح بين الكتلتين
الامبرياليتين المتصارعتين وهما (الحلف الثلاثي- ودول
الائتلاف) وكانت كل منهما تحاول أن تستخدم الشعب الليبي كبيدق على رقعة
شطرنج من أجل تحقيق مخططاتها الاستعمارية. فالامبريالية الانجليزية كانت منذ عهد
بعيد تحمل في أحشائها مخططات سلخ وفصل العراق وفلسطين عن تركيا ومخطط الاستعمار
الكلي لمصر .
ونتوقف هنا ، على أن
نعود لاحقاً ، بعد إلقاء الضوء على خلفية غزو ليبيا من قبل إيطاليا وانتزاعها من
تركيا بقوة السلاح في أكتوبر 1911 أولاً ثم بالدبلوماسية وعن طريق المؤتمرات
وتوقيع المعاهدات في (أوشي لوزان) في أكتوبر 1912
لاحقاً .
واتخذت المقاومة
المسلحة لسكان ليبيا ضد العدوان الإيطالي في بنغازي منذ بداية قصفه لموانئ درنه وطرابلس وجوليانا والخمس إتخذت طابعاً تحررياً
وشعبياً بكل معنى الكلمة ، وقد أبدت الوحدات الشعبية المكونة من أبناء المدن في
أول أيام الحرب مقاومة عنيفة ضد جيش الحملة الإيطالي في الغرب ولعب كل من سليمان
الباروني ، وفرحات بك الزاوي دوراً بارزاً في تنظيم مقاومة القبائل هناك . أما في
الشرق أي برقه فقد تشكلت فرق المقاومة الشعبية في موقع بنينه ، وكان عمران
الصكوري- شيخ زاوية المرج – أول من جاء إلى ذلك المكان بفرقة المقاومة للحرب ضد الإيطاليين ، ووقفت الزوايا السنوسية في
غالبيتها الساحقة إلى جانب المقاومة المسلحة ضد الجيش الغازى .
وحقيقة الأمر هي أن
عناصر المقاومة في طرابلس لم تلتف قبل عام 1914م حول زعامة واحدة .
ففي طرابلس أعلن سليمان
الباروني نفسه رئيساً لحكومة وطنية (وهو من نسل طبقة
الأعيان الطرابلسيين الذين ينتمي الكثير من أبنائها إلى أصل تركي استقر بالبلاد
وأختلط بأهلها) ، ثم ما لبث أن يئس وغادر إلى الاستانة . أما في فزان –
الأقليم الجنوبي الغربي – فقد تصدى سالم عبد النبي لمقاومة الطليان ، ولما كان هذا
الأقليم يمتد إلى واحات داخلة وبعيد عن البحر مثل غات وغدامس ومرزق ، فإن الطليان
بعثروا جهودهم بين هذه المناطق المتباعدة وعجزوا عن السيطرة عليها ، وكان لذلك
أثره البعيد في تشجيع عناصر المقاومة الأخرى ولكن للأسف لم تتحّد هذه العناصر لأن
محمد عابد السنوسي إبن عم إدريس السنوسي وممثل السيد أحمد الشريف السنوسي هناك
لاحق زعيم فزان وطالبه بتأدية الثروة المحلية مقارناً إياها بالاخماس في الغنائم
الحربية – مدّعياً أن السيد أحمد الشريف يستحق الخمس بحكم الشرع لأنه يمثل السلطة
الدينية والسياسية في البلاد .
وكان السيد أحمد الشريف
قد تولى زعامة الطريقة السنوسية منذ وفاة عمّه السيد المهدي السنوسي والد السيد
إدريس رحمهم الله جميعاً إذ لم يكن الأخير قد تجاوز الثالثة عشر في العام الذي
توفي فيه والده السيد المهدي أي 1902م . وبدأ السيد أحمد الشريف تجربته في الجهاد
ضد المستعمرين الأوربيين في الصحراء الكبرى الجزائرية بعد أن انتهت المعارك في (تشاد) بموت السيد المهدي الجزائرية حيث كان
الفرنسيون يتوغلون هناك فالتقوا ببعض الزوايا السنوسية التي رفضت التبعية لحكم
الدولة المسيحية إلا أن الخلاف مع الفرنسيين كان جانبياً فلم يتخذ شكلاً حاداً ،
ولعل هذا الخلاف من الأسباب التي دفعت فرنسا على تشجيع إيطاليا لغزو ليبيا .
أما الصدام بين
السنوسية والطليان الغازين فكان حيوياً وحتمياً لأن برقه هي قاعدة الطريقة
السنوسية ومتكئها . وقد بقى بعض المتطوعين العثمانيين وعلى رأسهم عزيز المصري
لمعاونة السيد أحمد الشريف السنوسي ضد الطليان غير أن إيطاليا استخدمت جميع وسائل
الضغط على الدولة العثمانية لسحب هؤلاء ، وأغرت الخديوي عباس رئيس مصر لكي يقطع
سبل الإتصال بهم. ولعب كتشنر الانجليزي دوراً أساسياً لتثبيط همم الضباط
العثمانيين. ويروي مجيد خدّوري أنه سأل عزيز المصري شخصياً عن سبب انسحابه من
ميدان المعارك في ليبيا سنة 1913، فأجاب بأنه فعل ذلك احتجاجاً وسخطاً على أساليب
الحرب العتيقة التي كان يتبعها السنوسيه وعدم تقبلهم لأنظمة الحرب الحديثة، وحسب
الرواية السنوسية أن عزيز المصري كان قد إنسحب فجأةً معرضاً المقاومة البرقاوية
بذلك للخطر (وكان السيد احمد الشريف قد شكاه للسلطان التركي آنذاك فأجريت له
محاكمة عسكرية وصدر حكم بادانته وحكم عليه بالسجن، ثم بعد فترة قضاها في سجون
تركيا أطلق سراحه وذهب إلى مصر حيث أمضى بقية حياته . وكان السيد أحمد الشريف قد
أرسل عمر المختار في أثر عزيز المصري وأمر بملاحقته قبل أن يشتكيه عند رؤسائه في
تركيا، وذلك لغرض استرجاع أسلحة المتطوعين على الأقل، غير أن البكباش (المقدم) كان قد اجتاز الحدود المصرية بأسلحة الثار ودخل
بها إلى السلّوم فتعذر الإتصال به) .
المـراجـع :-
1- الطاهر الزاوى – عمر
المختار- 1970- طرابلس ، الصفحات (46-47-54).
2- السنوسيون في برقه E.E.Evans-Pritchard
ترجمة عمر الديراوى أبو حجلة – مكتبة الفرجاني طرابلس OXFORD 1949 ، الصفحات (22-134-146-166).
3- الطاهر الزاوى- جهاد
الأبطال- 1950- مصر- مطبعة الفجاله ، الصفحات (148-149) .
4- محمد فؤاد شكري :
(السنوسية دين ودولة 1948- دار الفكر العربي ، الصفحات
(23-43-118-192-210-211-214-215-163-167-165-172-174-176-177-179-203-228-229-336-337-219-460-461)
.
5- محمود شلبي – عمر المختار – طرابلس ، ص: 163.
6- 1969-London- John Wright ، ص : 134 ، ص : 136 .
7- ممدوح حقى – ليبيا العربية كأنك تعيش فيها-
القاهرة 1962 ، ص : (70-79) .
8- سامي حكيم – حقيقة ليبيا – القاهرة 1968 ، ص
: 331 .
9- محمد رجب الزايدى – ليبيا المجاهدة – بنغازي
، ص : 338 .
10- ليبيا المعاصرة – د. صلاح العقاد – ليبيا
1970 ، ص : (17-18-19-20) .
11- تاريخ ليبيا – إيليتش بروشين – موسكو 1975 ،
ص : (137-166) .
12- حاضر العالم الإسلامي LOTHROP STODDARD – ترجمة عجاج نويهض مع هوامش للأمير شكيب ارسلان
– القاهرة- 1933 – مطبعة البابي الحلبي – مصر – الجزء الثاني ، ص : 127 وما بعدها
.
؛؛؛؛ وإلى اللقاء في الجزء القادم
أستغرب جداً وأنت الليبي كما يدل لقبك، أن تصف سليمان باشا الباروني بأنه من نسل الأعيان التي ترجع أصصصصولهم إلى النسل التركي. يا أخي إقرأ في التاريخ مجلدات قبل أن تكتب صفحة.
ردحذف