الخميس، 16 أغسطس 2012

تابع المؤامرة الكبرى على ليبيا خلال الأعوام (1914-1923) الحلقة الثامنة



تابع المؤامرة الكبرى على ليبيا
خلال الأعوام (1914-1923)
الحلقة الثامنة                                  م : إبراهيم السنوسي أمنينه                                                                                                                               
16-8-2012  
وبتاريخ 5/6/1915 أي بعد معركة القرضابية بدأ الإيطاليون انسحاباً جماعياً من منطقة طرابلس وصار المجاهدون يسدّدون ضربات أشدّ فتكاً، وقد دُمرت حامية ترهونة بجنودها الإيطاليين تدميراً كاملاً خلال انسحابها نحو البحر، أما الوحدات التي كانت متمركزة في بني وليد فاستسلمت دون مقاومة، أما حامية غريان فتراجعت إلى منطقة العزيزية ثم إلى طرابلس، وتم إجلاء 4500 جندي وضابط إيطالي عن مصراته إلى ميناء (قصر حمد)، أي مصراته البحرية .
أما حامية (زوارة) فقد تم إجلاء من فيها من عسكر بطريق البحر . وفي الأول من شهر أغسطس لم يكن الجيش الإيطالي، الذي يعدّ 40 ألفاً يمسكون إلاّ ببلدات الخمس وقصر حمد وتاجورا وطرابلس وهي البلدات الساحلية، وتكبّد الإيطاليون خسائر كبرى بين قتيل وجريح وأسير، وغنم المجاهدون كميات كبيرة من العتاد والعُدة والألبسة .  (ص LONDON - 1969-P. 136 - J. Wright –)
ولكي تبرّر روما هزيمتها بطريقة من الطرق، أعلنت بأن دخولها الحرب ضد الدولة النمساوية المجرية خلال شهر مايو 1915، لم يسمح لها بإرسال التعزيزات الكافية إلى طرابلس .
ولم يطل الوقت بهزيمتهم في طرابلس حتى انعكس الأمر على الوضع في برقة فأصدرت القيادة الإيطالية الأوامر بنقل الجيوش نحو الشمال وتركيزها في المناطق السكنية الكبرى، ونتيجة لذلك انحسرت الحاميات الإيطالية داخل شريط ساحلي لا يزيد عرضه على 35 كم وكانت النتيجة المباشرة لمعركة القرضابية هي إمكانية تحقيق فكرة رمضان السويحلي حول تشكيل أو تأسيس حكومة محلية في (مصراته) وإعادة بناء الجيش الشعبي ليكون جيشاً نظامياً . وبدأ تطبيق هذه الخطة بعد أن أُجلى الإيطاليون عن (قصر حمد) يوم 5/8/1915 .
كانت الحكومة التي شكلها رمضان السويحلي تعتمد في نشاطها على تنظيم العلماء برئاسة المفتي، الشيخ أبو الأسعاد العالم ، وكان رمضان السويحلي يركّز السلطة التنفيذية في يديه، كما شكّل بيت المال حيث كان يحفظ غنائم الحرب مع المحتل الإيطالي، كما أُلحق به قسم خاص بالحسابات المتعلقة بالواردات والمصاريف كما نظّم جهاز الشرطة واستتب النظام في منطقة مصراته وساد الهدوء – (أو هكذا تراءى للمراقبين) .
غير أن رمضان السويحلي كان يرمي إلى أكثر من ذلك – إلى توحيد (ولاية) طرابلس كلها تحت إمرته، وكان الوضع المتكوّن في طرابلس يساعد على ذلك .
فالسرعة الخاطفة التي كان يتم بها الانسحاب الإيطالي من الدواخل أوجد (فراغاً في السلطة)، كما كان عدد من زعماء طرابلس يرغبون في استلام السلطة وبدت البلاد مشرفة على حرب بين الأطراف ويمكن أن تتطور إلى حرب اهلية على الزعامة أو كرّ بعد فرّ من قبل العدو يؤدي إلى استسلام الثوار ووضعهم السلاح (كان ذلك حادث في القرن الماضي في العام 1915 – وما أشبه الليلة بالبارحة – وهو واقع أشبه ما يكون بحراك اليوم في شرق ليبيا وغربها بزعاماته وتياراته بعد مرور نحو قرن من الزمان وكلنا أمل في ألا يتطور إلى التدخلات الخارجية المؤدية حتماً إلى تقسيم البلاد وصوملتها - (بالتعبير المعاصر) لا قدّر الله) .
في الوقت الذي كان رمضان السويحلي يطمح إلى بسط نفوذه على طرابلس برمّتها، كما ألسفنا، فانه لم يكن يريد أن يقتسم السلطة مع زعماء السنوسية، لذلك كان ضد فكرة واقع تمركزهم بالقرب من (ممتلكاته) في مصراته – أي سرت ما جاورها جنوباً وغرباً وفي طرابلس (كمنطقة) كانت نجاحات او مؤثرات (السنوسيين) طفيفة ولا أثر لها تقريباً . (لا سيّما في الجزء الساحلي من منطقة طرابلس، حيث كان يسود النهج الإسلامي الصارم، وينشط عدد من الطرائق كالقادرية مثلاً) لكن بعد انتصار الطرابلسيين على الطليان وتعيين السيد أحمد الشريف نائباً للسلطان في شمال أفريقيا انفتحت أمام السنوسيين إمكانيات جديدة للتغلغل في طرابلس، فوجّه إليها السيد أحمد الشريف شقيقه الأصغر صفي الدين الذي راح يخوض صراعاً دءوباً من أجل تثبيت النظام في المناطق الحدودية بين طرابلس وبرقة . قد لقيت دعوته – أي صفي الدين – التي راح ينادي بها من أجل الإصلاح الاجتماعي صدىً لدى الأهالي، وبالنتيجة رسّخ السنوسيون أقدامهم في منطقة سرت وأقاموا هناك (زاوية النوفلية) .
وبعد انتصار القوى المتحدة لبرقة وطرابلس في القرضابية تهيأت الشروط الموضوعية من أجل تنسيق الأعمال المشتركة ضد المحتل الإيطالي .
وخوفاً من تحقيق ذلك أخذت روما تكثف جهودها الرامية لإشعال الحرب ؟ الأهلية التي هي تحت الرماد آنئذٍ فعلاً، فراح الإيطاليون يلعبون بمهارة على أوتار "خشية رجال الإقطاع الطرابلسيين (الأثرياء أبناء المدن) من الوقوع تحت سلطة الفئة الإقطاعية – الدينية العليا للسنوسيين ومن فقدانهم بالتالي لحقوقهم وامتيازاتهم، وكان رمضان السويحلي يبطن كراهية من نوع خاص للسنوسيين، ويفكّر بأن يتولى بنفسه رئاسة الحكومة المحلية التي ينتوي إقامتها وتأسيسها .
           
   ؛؛؛؛ وإلى اللقاء في الحلقة القادمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق