الثلاثاء، 14 أغسطس 2012

تابع المؤامرة الكبرى على ليبيا خلال الأعوام (1914-1923) الحلقة السادسة


تابع المؤامرة الكبرى على ليبيا
خلال الأعوام (1914-1923)
الحلقة السادسة                        بقلم : إبراهيم السنوسي أمنينه                                                                                                                               
14-8-2012  
وكان قد رأى بشير السعداوى أن مخططات تركيا لم تكن واقعية إذ كان يعتبر أنه إذا ما بدأت الحرب ، فإن حربها لن تتجه إلا ضد الغزاة الإيطاليين . لأن دخول الحرب إلى جانب دول الإئتلاف ما كان ليحمل أي خير إلى ليبيا ، وكان ذلك هو السبب الذي جعل بشير السعداوى ، حسب ما كتب محمد فؤاد شكري في كتابه (ميلاد دولة ليبيا ، ص: 163) جعله يرفض مرافقة نوري بك إلى برقه. وفي بداية سنة 1915 وصل إلى برقه القائد العام التركي الأعلى نوري بك يرافقه جماعة من الضباط الأتراك في غواصة ألمانية ، وممثل عن هيئة الأركان العامة الألمانية واسمه (ك. مانيّسان) وذلك حسب ما ورد في كتاب : (عمر المختار ضحية الاستعمالر الوحشي ، تأليف : شلبي محمود – القاهرة 1957 ، ص: 163) .
وقد حمل نوري بك معه كمية متواضعة من السلاح والذخيرة والنقود بالإضافة إلى رسالة من وزير الحربية أنور باشا ، وكان من بين مهام نوري بك تنظيم هجوم على مصر من برقه ، ولتحقيق تلك الغاية كانت الخطة تتجه إلى عقد هدنة مع إيطاليا . (ونذكّر بأننا ما زلنا بصدد الحديث عن المؤامرة الكبرى ضد ليبيا 1914-1923) .
ومن إيجابيات الحرب العالمية الأولى التي نشبت ، أنها قد صرفت أنظار قوات الحكومة الإيطالية عن ليبيا بإنشغالها بدورها مع قوات الإئتلاف على جبهات أخرى ، مما حدا بالليبيين للإفادة من إمتداد خطوط المواصلات الإيطالية ومصاعب إيصال الذخائر والتموينات إلى مختلف المناطق فأخذوا يخوضون حربهم لإنهاك الوحدات العسكرية الإيطالية واستنزافها ، ويشنّون الغارات على القوافل والحاميات العسكرية الصغيرة . وراح أحمد الشريف يضع خطة لحصار الفيالق الإيطالية في فزان بهدف قطعها عن جميع أنواع الإمدادات والتموينات أو الأسلحة فأقيم في واحة زلـّة في قلب الصحراء معسكر كبير كان يجتمع فيه المجاهدون من منطقة سرت والجفرة برئاسة السيد صفى الدين السنوسي ، وهو الأخ الأصغر للسيد أحمد الشريف . وليس بمعزل عن الموضوع فقد كتب Mr. John Wright  يقول أن السيد أحمد الشريف كان يدرك أهمية العمليات الفعّالة في فزان وأن هذه المنطقة أخذت تلعب دوراً بالغ الأهمية في الحرب التي كان يخوضها المجاهدون ضد الطليان (LIBYA - ص: 123-1969 تأليف John Wright - London) وبتاريخ 26/8/1914 شنوا أول غاراتهم على الفرقه الإيطالية التي كانت تتجّه عبر مرتفع الحمادة الحمراء فأبادوها عن كاملها .
(نلاحظ هنا أن البرقاويين لم يركّزوا عملياتهم الجهادية في برقه فقط وإنما في مناطق أخرى نائية مثل سرت ونواحيها وفزان بقيادة السنوسيين مثل أحمد الشريف ومحمد صفى الدين فنذكر أن معركة القرضابية ضد الطليان كانت بتخطيط وقيادة السنوسيين – صفي الدين – وصالح لطيوش وأحمد التواتي وعبد الله بن إدريس وعبد الجليل وسيف النصر وغيرهم – هذه المعركة شُبهت بهزيمتهم في (عدوه) بأرتيريا وسمّوها عدوه الثانية) .
ويشير جون رايت John Wright في كتابه Libya ، بأن تلك المعركة كانت بداية النهاية بالنسبة لإحتلال الإيطاليين القصير الأمد لـ فزان ، ص: 134 – من الكتاب المشار إليه سلفاً .
وبعد هذه الغارة صارت الهجمات على القوافل والوحدات الإيطالية تتوالى بصورة مستمرة ، وما هي إلا فترة قصيرة حتى اضطرت الوحدات الإيطالية المتفرقة والمقطوعة عن التموين إلى الإستسلام للسنوسيين الذين كانوا يتمتعون بتأييد أهالي وادي الشاطئ وقبائل التبو والطوارق ، وهكذا سقطت حاميات إدرى وأوباري وسبها ومرزق ، أما غات فلم يخفق العلم الإيطالي فوق صواريها أكثر من أربعة أشهر ثم كان الإيطاليون بعدها مرغمين على الإنسحاب إلى جنوب الحزائر تحت حماية الفرنسيين .
وفي ديسمبر 1914 بدأ قائد القوات الإيطالية في فزان ، ويدعى (مياني) ، بالإنسحاب إلى الساحل ، فأخلى جيشه – الذي ما كان يصل تعداده إلى الألف مقاتل- أخلا (سوكنه) متجهاً إلى مصراته ، وسرعان بعد ذلك ما أضاعوا حتى غدامس . وقد قام سيف النصر قائد فزان – الطاعن في السن – بمقاومة فعّالة ضد الإيطاليين ، ففي يناير 1915 أرسل إبنه أحمد إلى واحة الجفرة لإسترجاع ودّانهونسوكنه – وأرُغمت الوحدات الإيطالية على الإنسحاب من هناك ، واستعادت قوات أحمد سيف النصر كذلك بو نجيم وبني وليد التابعة لقبائل ورفلّه .
وحسب ما يقوله John Wright في كتابه المُشار (Libya – 1969 في الصفحة: 133) أن الشيخ سيف النصر عبد الجليل قد تظاهر في الأول بالتعاون مع الإيطاليين الذين زجّوا به في السجن – ثم في ربيع عام 1914 سمحوا له بالعودة إلى الصحراء (فزّان) من أجل أن يعمل على وقف المقاومة إلا أن سيف النصر خيّب آمالهم .
                            ؛؛؛؛ وإلـى اللقــاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق