الأحد، 12 أغسطس 2012

بداية تعيسة لخطاب تعس للصّ الذي طفا عبر الجليد



بداية تعيسة لخطاب تعس
للصّ الذي طفا عبر الجليد
9-8-2012                                 بقلم : إبراهيم السنوسي أمنينه                                                                                                                               
خرج علينا المذكور أعلاه ليلة الثامن من الشهر الجاري أغسطس 2012 في حضور المؤتمر الوطني المنتخب، وذلك في حفل مهيب لرثاء المرحلية التي سمّيت بالانتقالية، ولتدشين مرحلة تالية كذلك تبدو انتقالية كما أراد لها المذكور أعلاه (وهكذا يبدو) في واقع الأمر– وطبقاً للإعلان الدستوري فإنه سوف تشكل هيئة تكون وظيفتها إخراج دستور للبلاد تقوم على دعاماته كافة الانتخابات البرلمانية والسلطات الرئاسية والتشريعية والتنفيذية والقضائية .
لكن المذكور أعلاه كان قد خرج علينا منذ شهور قليلة (بقرار) وهو ليس من صلاحيته اتخاذ مثل هذه القرارات المصيرية والتي هي من ضمن حقوق الناس أن يضطلعوا بها ويتخذونها، كما أنه ليس من حقه التوقيع على أي معاهدات تلزم البلاد بأي شكل قبل تشكيل مجلس الأمة (البرلمان) وبقية المؤسسات الديمقراطية الأخرى في البلاد – هذا القرار الذي خرج علينا به :
(تكليف) هيئة للبحث والموافقة على دستور للبلاد (مع الجهل والتجهيل والإيهام بمن هو المكلّف وصاحب قرار التكليف، للموافقة على دستور البلاد ولماذا لا تُنتخب مثل هذه الهيئة ؟) .
التاريخ يعيد نفسه
كنت تناولت هذا الموضوع بالتفصيل في مقالنا بعنوان "ليبيا تنتحب أو تنتخب" على حلقات نشرت على مدونتي على الشبكة العالمية Herodot17blogspot.com – وذلك خلال شهر يوليو الماضي.
ولتعميم الفائدة نذكر منها بعض المقتطفات فنقول :
دعونا نرجع قليلاً للوراء .. إلى العام 1949 و1950 من القرن الماضي حيث صدر عن هيئة الأمم المتحدة قراران أولهما عام 1949 وثانيهما عام 1950 لتقرير استقلال ليبيا ووحدتها وذلك في غضون فترة انتقالية مداها عامان .
حدث أنه في أثناء استمرار الإدارتين (البريطانية والفرنسية) في حكم البلاد في خلال الفترة الانتقالية (أرجو ملاحظة التشابه بين تلك الفترة الانتقالية التي عشناها عام 1949، عام الاحتلال الإداري الأجنبي، أي منذ 63 عاماً، وهذه الفترة التي نعيشها في ظل استبداد (المجلس الانتقالي الدائم) عام 2012، وإقامة المجلس الاستشاري لليبيا التابع لهيئة الأمم، ذلك بغية التمهيد لانتقال السيادة والإدارة إلى أيدي الليبيين، حدث أنه في أثناء استمرار الإدارتين البريطانية والفرنسية ظهرت نيات هاتين الدولتين في تعطيل قرارات المتحدة (مثل قرارات تأجيل الانتخابات لولا ضغوطات من قبل هيلاري كلينتون بضرورة إجرائها على وجه السرعة) فخلقت المصاعب في المجلس الاستشاري وذلك لضمان سير الأمور لمصلحتيهما – (وتأجيل تسليم ناصية الأمور (يعني السلطة) إلى المؤتمر الوطني المنتخب) إذا أنه كلما طال بقاء هذا المجلس مع حكومته الرعناء زادت أرصدتهم في البنوك الأجنبية ولن يطالهم قانون منذ أن حلّ علينا هذا المجلس كما يحلّ الضيف الثقيل، والله يطعمهم جميعاً بحجّة والناس راجعة – على رأي المثل السوري الشائع، هذا كل ما باستطاعتنا قوله، وحسبنا الله ونعم الوكيل فيهم .
ونـواصـل :
ونقول أن بريطانيا وفرنسا كانتا تخلقان المصاعب في طريق المجلس الاستشاري التابع للأمم المتحدة لضمان سير الأمور لمصلحتيهما، وجهدت كل منهما لتجزئة البلاد بالترويج للنظام الاتحادي الفيدرالي وذلك ضد رغبة الشعب الليبي بأجمعه وضد قرارات الأمم المتحدة لجميع أجزاء ليبيا . (وهنا يفعل المذكور أعلاه وحكومته في طرابلس نفس الشيء وذلك بتطبيق أبشع أنواع المركزية الاستبدادية – وكنت قد كتبت ونشرت مقالة في الخصوص بعنوان : "المركزية وطبائع الاستبداد – مذكرات برقاي حتى النخاع" وننصح بالاطلاع عليها – فهم ينتهجون سبيل المركزية الاستبدادية وهي ممقوتة عند الشعب ، مثلما كانت الفيدرالية موقوتةً لدى الشعب الليبي لظروف عالمية بذلك التاريخ بالنسبة لليبيا .
إذن فالنتيجة واحدة، فبريطانيا وفرنسا كانتا تريدان تطبيق الفيدرالية، رغم كونها ضد قرار هيئة الأمم المتحدة، وكذلك رغم أنها كانت ضد اختيار الشعب في ذلك الزمان حسبما يدعون، واليوم المجلس والحكومة الكيبية يمارسون المركزية وهي ضد خيار الشعب – فالنتيجة واحدة .) (انتهت الجملة الاعتراضية) وللتأكيد على التشابه بين توجهات كل من فرنسا وبريطانيا من 63 عاماً، وممارسات المجلس الدائم والحكومة الكيبية منذ 17 شهراً – وكون النتيجة واحدة – فكلا الإدارتين الأجنبية والانتقالية الحالية لا تسعيان إلا لإحباط الشعب وإذلاله وتثبيط هممه، ولا يوجد سبب لهذا السلوك والعمل والتوجّه إلا حقدهم على الناس، وسوداويتهم، وساديتهم وشعارهم الذي يقول : أنا وبعدي الطوفان كما قال لويس 14 ونواصل :
Moi et après Moi le deluge، فجهدت كل من الإدارتين لتجزئة البلاد بالترويج للنظام الاتحادي الفيدرالي وذلك ضد رغبة الشعب الليبي بأجمعه وضد قرارات هيئة الأمم التي نصت صراحة على الاستقلال والوحدة لجميع أجزاء البلاد . ولقد وضح جليّاً تنكّر الإدارتين البريطانية والفرنسية للوحدة الليبية في إقامة هيئة لم ينص عليها قرار هيئة الأمم – مؤلفة من واحد وعشرين عضواً (بواقع 7أعضاء عن كل ولاية) وكان تأليف هذه اللجنة يعتبر مخالفة لأبسط قواعد الديمقراطية وأصول التمثيل الأولية وذلك لتفاوت عدد السكان في الأقاليم الثلاثة .
(طرابلس 800 ألف – برقة 250 ألف – فزان 40 ألف) وكان ذلك خلال العام 1950، (وكانت الأرقام أعلاه حسب تعداد وإحصاء 1938)، وكانت نتيجة هذا الإجراء الشاذ أن تمكنت الإدارتان (البريطانية والفرنسية) من التدخل في كل ما حدث من تطورات بعد ذلك لتنفيذ قرارات هيئة الأمم المتحدة، وذلك بأن تجاوزت (لجنة الواحد والعشرين) مهمتها التي قرّرها مجلس ليبيا وقصرها على بحث الكيفية التي يجري بها تشكيل الجمعية الوطنية التي نصت عليها قرارات هيئة الأمم المتحدة لوضع دستور البلاد (مثل انتخابات المؤتمر الوطني التي بدأت يوم 8 يوليو 2012، في ظل المجلس الانتقالي) ولتقرير نظام الحكم – لقد تجاوزت هذه اللجنة مهمتها بفضل تدخل الإدارات في طرابلس وفزان وبرقة (كانت الإدارات هي فرنسا وبريطانيا – أما اليوم فهي مجهولة لكن يمثلها المجلس العتيد، ووراءه من راءه) واغتصبت لنفسها حق تأليف الجمعية التأسيسية والتي عرفت بجمعية الستين، (لتؤلفها) ولا ُتنتخب – من ستين عضواً بنسبة متساوية من الأقاليم الثلاثة (20 عضواً من كل إقليم) .
جمعية الستين
انبثقت الجمعية التأسيسية (وهي جمعية الستين) عن لجنة الواحد العشرين (خلافاً لصلاحيتها)، لم تراع في تأليف هذه الجمعية التأسيسية (رغبة الشعب) ولا رغبات (أحزابه) (وهيئاته)، وأختير أعضاؤها من الأحزاب الاسمية التي كان الشعب يدعوها بـ "أحزاب اللافتات" ومنها "حزب الاستقلال" الذي يرأسه سالم المنتصر، وهو العميل الأول للمحتل الإيطالي ، وهو أيضاً عم السيد "محمود المنتصر" أول رئيس وزراء لحكومة المملكة الليبية المتحدة بعد الاستقلال عام 1951، لا يتجاوز عدد أتباع هذه الأحزاب أصابع اليد الواحدة .
وكان قد عُهد باختيار أعضاء الجمعية عن طرابلس إلى أحد صنائع الاستعمار الإيطالي ثم البريطاني وهو المفتي الشيخ أبو الأسعاد العالم، الذي يلقبه الشعب للأسف بـ (أبو اللسعات) ورجل مثل هذا، وللأسف أيضاً هو واحد من الذين أصدروا فتوى بجواز بل بوجوب فرض الجنسية الإيطالية على الشعب .
ولقد تجاوزت الجمعية التأسيسية مهّمتها وذلك في الأمور الآتية :
1- إعلان مَلَكية السيد إدريس السنوسي التي هي من حق مجلس الأمة المنتخب (تقرير شكل الدولة واسمها) .
2- اختيار وتثبيت حكومة بمعاونة بريطانيا .
3- إصدار قرار وإلحاقه بالدستور  بفرض الحكم الفيدرالي على البلاد .
4- وضع قانون للانتخابات فيه مآخذ وعيوب مقصودة ومبيتة لغايات وأهداف ظهرت نتائجها فيما بعد.
والآن هل يعيد التاريخ نفسه، وهل من المحتمل أن يكون المجلس العتيد برئاسة المذكور أعلاه، وحكمته الكيبية الرشيدة، أصناء أو صنوان للحكومتين البريطانية والفرنسية أيام السير أنتوني إيدن وزير الخارجية البريطاني في ذلك الوقت ونظيره الفرنسي الذي لا أذكر اسمه ؟؟ ربما !!
دعونا من التاريخ، التاريخ المحزن، ولنروّح عن قلوبنا قليلاً، ساعة بعد ساعة فان القلوب إذا كلّت عميت !!
بدأ خطاب المذكور أعلاه بالتعليق على فتاة أو سيدة تقوم بدور الربط بين الفقرات أو تقديم الخطباء أو حث الحضور على التزام الهدوء أثناء انتظار الكلمات ، إذ قال : (نحن يجب أن نلتزم بتقاليدنا وشريعتنا التي توصي وتلزم المرأة بارتداء الحجاب، فكيف نسمح بظهور مثل هذه المرأة سافرة أمام هذا الجمع من الرجال؟) لقد تمنيت أن أكون من بين الحاضرين إذن لصفّقت لك طويلاً تعبيراً عن إعجابي بوقاحتك وجنحك عن أبجدية الذوق والمنطق في اختيار الكلمات والتوقيت عند توجيه الناس، هذا إذا كان لك الحق في توجيه أحد،  فإن الحقيقة التي يعلمها الناس وأنت تعلم أن الناس يعلمونها هي أنك فشلت حتى في توجيه أبنائك الوجهة الصحيحة وتركتهم في لهوهم يمرحون وأنت تعلم ماذا يفعلون خارج ليبيا .
وأنا لست بلائمك بقدر ما ألوم المنافق المسئول عن تنظيم ذلك المحفل (الماسوني) الذي وقفت فيهم خطيباً لأنه سرح تلك الفتاة فور تشريعك الفوري، وكأنها تعاليم وحي قد هبطت عليه من السماء ، وأتي برجل ليقوم بالعمل التي كانت تقوم به تلك المرأة الضحية البائسة !! 
وهل هذا توقيت صحيح ومناسب لتوجيه هذه الإرشادات لتلك المرأة وبمثل هذا الأسلوب وعلى المـلأ ؟ .. بالله عليك ماذا فعلت بنفسية هذه المرأة ؟ أنك أذيتها وقهرتها أيمّا أذية وأيمّا قهر نفس!!
لقد فتحت هذه الليلة فجوة نحن في غنى عنها، ولم تكن تتصدر أولوياتنا على قائمة التحديات .. إنها فعلاً بداية تعيسة لخطاب تعس، وأنها نهاية فجّة لأداء رخيص استمر 17 شهراً  .
       
    ؛؛؛؛ ونلتقي في خطبة الوداع إنشاء الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق