الاثنين، 6 أغسطس 2012

على هامش الفيدرالية مذكرات برقاوي فيدرالي حتى النخاع الجزء الثالث من حلقة مستقلة


على هامش الفيدرالية
مذكرات برقاوي فيدرالي حتى النخاع
6-8-2012                                 بقلم : إبراهيم السنوسي أمنينه
الجزء الثالث من حلقة مستقلة
الحمد لله وله المنّه !!
لقد جعلني سيف الأزلام وأسلافه منذ القدم وعبر التاريخ المعاصر- برقاوياً قحّاً أصيلاً ، وفيدرالياً بالعقيدة حتى النخاع ، أعادوني إلى فطرتي السليمة رغم أنفي ، إذ لم أكن حتى أعرف اسم القبيلة التي أنتمي إليها ، وحتى لا أهتم ولا أرى ضرورة لأن أعرفها . حقيقةً كنت أعرف فقط هويتي التي هي ليبيا والتي تمتد مساحة أرضها من حدود تونس غرباً إلى حدود مصر شرقاً ، وذلك كما رسمها المحتلون عبر التاريخ القريب – طليان وانجليز ومن قبلهم عثمانيون ، ورضيت بذلك دون اهتمام أو اقتناع . أما دول الجنوب فلم أستطع تحديد تخومها فقد سلبتني الجزائر وتشاد والنيجر أجزاء مهمة من أرضي على الحدود وهي الغنية بالموارد المعدنية كاليورانيوم والحديد فضلاً عن النفط والغاز- ولا أدري هل كان ذلك السلب والاستيلاء والاستحواذ برضا ولاة أمورنا أم غصباً. ليس مهماً !!!
كان ذلك قبل 17 فبراير 2011م بزمن !!
أما اليوم وبعد أن استشهد المهدي زيو برفقة الآلاف من الليبيين ، فلا أقل من أن أطالب الهيئات الدولية وحقوق الإنسان عن طريق ولاة الامر أو لصوص الثورة المنهوبة والمنحرفة عن مسارها الذي رسمه المهدي زيو ورفاقه في أدمغتهم وخطوه بدمائهم الطاهرة الزكية على الأرض الليبية- تلك الأرض التي سُلبت من ليبيا أو مُنحت إلى جارات ليبيا بواسطة المحتل أو ولي الأمر . وسواء كان عن رضا وطيب خاطر أو غصباً وقسراً ، وذلك لكي أرى أرواح الشهيد المهدي زيو ورفاقه الذين استشهدوا في سبيل تلك الأرض وذلك العرض الذي انتُهك في زوارة والزاوية واجدابيا وحتى طرابلس نفسها ونواحيها في تاجوراء وسوق الجمعة وبوسليم- أرى أرواحهم ترفرف أجنحتها وهي فرحة جذلى تتبوّء مقاعدها عن العزيز المقتدر . وأنا لا أقصد المساحات من الأراضي التي أُقتطعت من أرض وطني في هذا العصر... لا ... ولكنني أطالب بإعادة ترسيم حدود برقة من جهة مصر شرقاً لتصل إلى آخر نقطة وهي "بير العوسج" أو ما يعرف "بذات الحُمام" قرب الاسكندرية ، وبذلك ترجع إلينا كلٌ من : السلوم والبراني ومرسى مطروح وكل ذلك الشريط الساحلي إلى غاية حدود مدينة الاسكندرية في الشرق ، أما في الغرب فتمتد التخوم إلى تاورغاء أو صور حسّان في الغرب وليس في (الوادي الحمرفقط) وذلك طبقاً للترسيم والوصف الذي حصل إبان العهد الإسلامي إبتداءً من عصر اليعقوبي في القرن الثالث الهجري وحتى زمن الرحالة العياشي على الأقل ، وكذلك في عصر إبن حوقل في القرن الرابع الهجري وفي عهد المقدسي في كتابه (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم) في نفس القرن ولم يتغير هذا المفهوم في القرون التالية حتى ينتهي زمن العياشي في القرن الحادي عشر الهجري أي عام 1500م تقريباً ذلك لأن التمدد الجغرافي الأفقي لا تفرضه الظروف أو العوامل التاريخية ولكن تفرضه الوقائع السياسية ، ويحدده الساسة بحروبهم وجشعهم وطمعهم ولا تفرضه الشعوب على الشعوب ، لكن تفرضه السياسة والتلاعب كما قال "نيقولا ميكافيلي" في كتابه الشهير (الأمير) والذي صدر طبعته الأولى منذ حوالي خمسمائة عام أي في العام 1500 للميلاد .
شئ من التاريخ  (1)
إنه طبقاً لما ورد في كتاب (حرب يوغورتا) للمؤرخ الروماني SALLUSTUS فإن قرطاجنه أي (منطقة طرابلس وتونس) و(قورينا أي برقه) بامتدادها كما جاء في كتب الرحالة الأسبقين- بعد حروب ومصادمات طال أمدها ، إتفقتا على أن يكون الحدّ ما بينهما عند النقطة التي يتقابل فيها عدّاءان من (قورينا) وآخران من (قرطاجنه) أي من برقه اثنان ومن الغرب اثنان ، على أن يبدأ السباق من نقطة يتفق عليها في كل من البلدين في نفس اليوم والساعة ، غير أنه حدث أن تعرض (القورينائيان) لزوابع رملية عاقتها عن السير والاستمرار في السباق لفترة من الوقت .
ولما التقيا بالقرطاجينين اتهمامها بالبدء في المسير مبكراً ورفضا الاعتراف بالنقطة التي التقيا عندها وهي(رأس لانوف) كحد بين البلدين شرقاً وغرباً ، واقترحا أن يمكّنا من السير غرباً حتى يصلا منتصف المسافة ، وعندها يدفنان حيّين أو أن يقبل القرطاجينيان بهذا المكان فيدفنا حيين في ذات المكان الذي التقيا فيه ، ويكون قبراهما هو الحد ، فقبل هذان ، وبقبرهما تعينت الحدود عند (رأس لانوف) ومن هنا نشأ مصطلح "برقة طابّوهاروس" بمعنى أن سند التملك وهو (الطابوّ) في برقة ليس وثيقة رسمية يصدرها الحاكم ، وإنما هو (بالقبور) التي لأناس ماتوا في سبيلها .
وكان الطليان قد بنوا "قوساً" في ذلك المكان يخلّد الأخوين  Fileniالقورينائيينْ الذينْ اشتركا في السباق منطلقين من الشرق وعرضا على المتسابقين من قرطاجنة أن يدفنا حييّن حينما يبلغان منتصف المسافة بين قرطاجنة وقورينا ، وكان قد بنى في العهد الفاشستي أثناء زيارة قام بها موسوليني ، ليدشّن الطريق الساحلي المعبّد وذلك في العام 1936م وقد حافظت عليه الحكومة الاتحادية في ليبيا في عهد الولايات ، وهدمه انقلابيو سبتمبر وأزالت معالمه لأسباب دعائية تطبّل لمعتقدات الطاغية بإعتبار هذا القوس تجسيداً للتحيّز الجهوي المانع من انصهار الشعب الليبي في بوتقة الوحدة الوطنية ، الدعامة الأولى في وحدة عربية شاملة آتية بعد ذلك ، (وبعد ذلك بعشر سنوات اختلق الطاغية حرباً مع الجارة الشرقية ساءت على أثرها العلاقات لأن الطاغية أراد أن يفرض وحدة بين البلدين رغم أنف مصر . وكان قد نسى أن ليبيا إعتباراً من نوفمبر 1963م لم تكن في حاجة إلى تظاهرة وحدوية مسرحية مثل هدم أثر تاريخي فني غاية في الروعة والابداع يمثل مرحلة مشهودة في تاريخ تونس وطرابلس وبرقة – بل كانت دولة موحدة إسمها "المملكة الليبية").
إن تشييد ذلك القوس أو الصرح في ذلك الوقت 1936م ، وإن حكاية المؤرخ الروماني لحرب "يوغورتا" والأخوين فيليني الذين رضيا بأن يدفنا حيّين في قبرينْ في ذلك الموقع ليس آتياً من فراغ ، إنما كان هو الحل الوحيد لكل من البلدين لكي يعيش الشعبان القرطاجي والقورينائي في سلام ووئام دون الحاجة لإستمرار المنازعات والحروب .
وأنظر بعد هدمه بأثنتي وأربعين عاماً فقد تعالت أصوات جادة بمبرّرات معقولة تطالب ليس بالإنفصال وإنشاء السفارات بل فقط بترسيم الحدود لوضع حد للمركزية والتهميش الذي استمر على مدى ثلاثة وأربعين عاماً وذلك يعتبر حقاً مكفولاً لمن طاله الغبن والظلم .
فكفانا تهميشاً وظلماً وسخريةً وتصغيراً وتحقيراً وتقزيماً ، إذ أنه حتى بعد ثورة 17 فبراير 2011م وفي ظل هذا المجلس العتيد الانتقالي "الدائم" ليس هناك أي ضمان أو أمان من أن يجلس أحد أعضائه أو أبناء أعضائه على كرسي أمام منضده وعليها ناقل صوت تواجهه عدسات تصوير- وهذا كل ما هو مطلوب ، وطبعاً مع ربطة عنق وقميص فاخر ، وليس هناك داعٍ لإرتداء بنطلون لأن الطاولة سوف تحجب أي ملابس تقع أسفل القميص ، أقول أنه ليس هناك ما يمنع أي مسئول في طرابلس أن يجلس على تلك الطاولة حتى بدون ملابس داخلية ويهدد شعب بـرقـه بالإسم رافعاً سبابته قائلاً أنه سيحرقها بما فيها ومن فيها ويسوي بالأرض مبانيها .

                 ؛؛؛؛؛؛ وإلى اللقـاء


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق