الثلاثاء، 7 أغسطس 2012

على هامش الفيدرالية تابع : مذكرات برقاوي فيدرالي الجزء الخامس حلقة مستقلة



على هامش الفيدرالية
تابع : مذكرات برقاوي فيدرالي
7-8-2012                                 بقلم : إبراهيم السنوسي أمنينه
الجزء الخامس حلقة مستقلة
شئ من التاريخ (3)
واقرأ معي ماذا يقول د. محمد فؤاد شكري، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة في كتابه المعنون "ميلاد دولة ليبيا الحديثة" المجلّد الأول – القاهرة 1957 – مطبعة الاعتماد – شارع حسن الأكبر ما يلي : (وفي أغسطس 1946 ألقى واصف غالي باشا الذي ترأس وفد مصر إلى مؤتمر الصلح – خطاباً أوضح فيه ما يلي :
علاوة على ما تقدم : أولاً أن تعاد إلينا واحة الجغبوب التي إنسقنا إلى التخلّي عنها لإيطاليا في سنة 1925، وكانت هذه الواحة ضمن ممتلكات مصر دائماً كما يؤيد ذلك المصورات الموجودة بالمتحف البريطاني منذ عام 1866 وكما تشهد به التقارير الرسمية لهيئة أركان الحرب الإيطالية عام 1890 ثم أن هذه الواحة تعتبر مفتاح أحد الطريقين الذين يؤديان من "برقة" إلى مصر، والذين في حالة الحرب يمكن استخدامها طريق غزو .
ثانياً : ونحن نطالب لأسباب إستراتيجية أوضحتها الحرب أن تغدو من الآن فصاعداً هضبة السلّوم الصحراوية المسيطرة على البلدة المصرية المسماة بهذا الاسم، جزءاً لا يتجزأ من الأرض المصرية . فيصير تبعاً لذلك إرجاع خط الحدود إلى القرب من البردية) انتهى ما جاء في خطاب واصف غالي باشا رئيس وفد مصر إلى مؤتمر الصلح يوم 21 أغسطس 1946 .
ومع ذلك وبالرغم من كل هذه الاعتبارات، فقد اضطرت مصر تحت ضغط الحكمة البريطانية – يسترسل مؤلف الكتاب – إلى التنازل لإيطاليا عن واحة الجغبوب، بمقتضى اتفاق 6 ديسمبر 1952، ولقد عقدت هذه المعاهدة وسط ظروف سياسية خاصة، فإيطاليا كانت إحدى الدول الرئيسية المتحالفة في الحرب العالمية الأولى 1914 – 1918، وقد ساهمت في مجهود الحرب مساهمة كبيرة، وقد طلبت نظير هذه الجهود تعويضات في أفريقيا، بناء على اتفاق عُرف باسم "اتفاق ملتر – شالوبا" في أبريل 1921، إعترفت الحكومة اببريطانية لإيطاليا بملكية الجغبوب .
ثم تدخلت (الحكومة البريطانية) لدى الحكومة المصرية لإرغامها على قبول التنازل عن الجغبوب لإيطاليا، ولقد رفضت الحكومة المصرية بادئ الأمر الاعتراف لإيطاليا بسيادتها على الجغبوب وأعلنت حقوق مصر القوية على هذه الواحة، ولكن مصر لم يسعها – وقد أخذت بعين الاعتبار الموقف السياسي السائد في ذلك الحين – إلا أن تذعن وان تقبل التوقيع على اتفاق سنة 1925، وهو الإتفاق الذي وقعه كل من نغروتو كامبيازو وزير خارجية إيطاليا آنذاك مع علي زيوار باشا وزير خارجية مصر حول أحقية واحة الجغبوب بتاريخ 6/12/1925م بيد أن الرأي العام المصري وقتذاك لم يلبث أن أغضبه غضباً شديداً هذا التخلّي عن جزء من الأراضي المصرية، ولا يزال حتى هذه اللحظة (1957) يعتبر الجغبوب أرضاً فصلت عن مصر دون وجه حق .
أما بالنسبة للحدود الغربية لمصر، جاء في مذكرة بشأن تحديد حدود مصر الغربية ما يلي :
1- إن لكل دولة مصلحة أولى وأصيلة في أن يكون لها حدود يتألف منها خط دفاع استراتيجي (طبيعي)، وليست الصحراء بوجه عام ذلك الخط، ومن جانب حدودها الغربية تشمل الأراضي المصرية منذ أقدم الأزمنة هضبة السلّوم على ارتفاع 250 إلى 300 متر، وخط الحدود هذا الذي يبدأ من (رأس المالحة) ويمر بالبردية إنما يؤمّن لمصر خط دفاعها الطبيعي من الناحية الغربية .
2- وعندما كانت السيادة التركية منبسطة على مصر وعلى ليبيا كليهما، لم تكن هناك لهذه المسالة أي أهمية، وكان لا معدي عن خروجها إلى حيّز الوجود في اليوم الذي ينتهي فيه وجود هذه السيادة المشتركة .
3- وأمام الأطماع الإيطالية التي بدت نحو طرابلس الغرب، عمدت الحكومة البريطانية، وهي تعمل لما يحقق صالح مصر للدخول في مفاوضات مع الباب العالي (تركيا) في العام 1904 من أجل تخطيط الحدود المصرية، وأصرّت الحكمة البريطانية على إدخال إقليم السلّوم ضمن الأراضي المصرية، ولكن تركيا، وكانت لا تزال تملك طرابلس الغرب ، أرادت أن تبدأ الحدود المصرية من "رأس علم الروم" – الأمر الذي ترك الإقليم سالف الذكر خارج الأراضي المصرية .
تخلص المذكرة المصرية إلى :
ويترتب على ما سبق ذكره أن هضبة السلّوم وخليج السلّوم هما حدود مصر الطبيعية، وأنه يستحيل الدفاع عن بلدة السلّوم إذا كانت هضبة السلّوم في أيدي معادية . أما من الناحية البحرية فينطوي وقوع ميناء البردية على حدّ هضبة السلّوم ويحتلها العدو، على خطر جسيم يهدّد الانقضاض على بلدة السلّوم في كل وقت ويتهدد كل الدفاع عن مصر . انتهت إقتباسات د.محمد فؤاد شكري في كتابه ميلاد دولة ليبيا الحديثة . ونخلص إلى القول بأنه في يقيننا لا واحة الجغبوب لا البردية ولا هضبة السلّوم ولا بلدة السلّوم ولا بلدة البراني ولا محافظة مطروح كانت ضمن الأراضي المصرية بل كانت أراضي ليبية صرفة طبقاً لما ورد في  كتب ابن حوقل والعياشي والمقدسي منذ القرن الرابع الهجري ، لكن السياسة والحروب والعلاقات بين الدول والمصالح المنافع والخساسة في علوم السياسة، كما جاء في كتاب "الأمير" لنيقولا ميكافيلي، هي دائماً السبب في تغيير وجه الأرض، والواقع أن بريطانيا أرادت أن تكافئ إيطاليا على مساهمتها في إنجاح الحرب العالمية الأولى 1914–1918، فأقنعت مصر بالتنازل عن الجغبوب في العام 1925– نظراً لحاجة إيطاليا لحصار شرق ليبيا (أي برقه) بما في ذلك واحة الجغبوب التي كانت بمثابة مركز المقاومة السنوسية بزواياها ومقوماتها الدينية وجامعتها في الجغبوب التي كانت في مستوى الأزهر الشريف في تلك الآونة واعتباراً من هذا التاريخ بدأت نهاية المقاومة في الشرق تلوح في الأفق تدريجياً ، وكان السبب المباشر هو تنازل مصر عن واحة الجغبوب للمحتل الإيطالي وذلك توطئةً لهزيمة الثوار المجاهدين في ليبيا وإدامة الإحتلال الإيطالي حتى العام 1942م ، حين هُزمت إيطاليا مع دول المحور ، وبدأت مرحلة الإدارة العسكرية البريطانية في برقه وطرابلس والفرنسية في فزان لفترة عشر سنوات من التآمر من قبل الدول الاوربية لتحقيق وتفعيل مشروع الوصاية على ليبيا كافة ، وتلك قصة أخرى .
                      
   ؛؛؛؛ ولنــا عــودة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق