الخميس، 6 سبتمبر 2012

الطموحات التوسعية القاتلة للقذافي


الطموحات التوسعية القاتلة للقذافي
4-9-2012                                          بقلم : إبراهيم السنوسي أمنينه                                                                                                                               
الحلقة الثانية

الخلفية التاريخية للحرب مع الدولة الجارة تشاد
بلدة (بارادي) تقع جنوب قطاع أوزو وقد حررّها الجيش الليبي يوم 11/12/1987 بمعركة فاصلة، وهذا القطاع يعتبر جزءاً لا يتجزأ من ليبيا وما فتئت تطالب به حتى تم لها ذلك عن طريق الحرب. ويقع هذا القطاع شمال التشاد والنيجر وهو معروف بثرواته المعدنية من النفط واليورانيوم . وبالعودة للتاريخ، كانت هذه الأراضي قد مُنحت إلى إيطاليا بتاريخ 7 يناير 1935، وفقاً لمعاهدة (لاڤال – موسوليني) التي سرعان ما اعتبرت قديمة بعد عقد اتفاق بين فرنسا وليبيا يوم 10/8/1955 إبان العهد الملكي .
أما من ناحية تشاد فقد ساعدتها فرنسا على منع الجيش الليبي (عبر استئجار طائرتي ترنسڤال) من تجاوز الخط السادس عشر (16) وأنزلت 16 طناً من المواد الغذائية والذخائر والمحروقات إلى مناصري (كوكوني واداي) في جبال تبستي .
يوم 20/12/1986 حصل هجوم مضاد للجيش التشادي في (زاوار) وهي منطقة ينتشر فيها الجيش الليبي، فأوقع 400 قتيل ليبي . وفي 2 يناير 1987 قُتل 484 ليبياً مقابل 18 تشادياً في بلدة (فـادا) وُدمّرت 154 دَبّابة و في 21/1/1987، احتلت القوات التشادية بلدة (زوار) .
وعندما حرّر الليبيون إقليم أوزو كان شعارهم (إننا استرجعنا كافة الأراضي التي كانت محتلة من إيطاليا) وإنما تجدر الإشارة هنا إلى أن معاهدة روما تعود إلى العام 1935 .
في تاريخ 7/1/1915 دفعها – أي إيطاليا وشجعها – على المشاركة بالحرب العالمية الأولى ، وفي مقابل ذلك وعندئذ حصلت على مقاطعة أوزو ومساحتها حوالي 114 ألف كيلومتر مربع في واحات تسمى (أوزو وصوما وغوزنتي وأورى)، أما فرنسا فقد احتفظت بواحات (الوور، وبرايا، وتكرو ومناجم الملح في غورو) . لذلك يمكن اعتبار مقاطعة أوزو كانت محتلة من إيطاليا ثم عادت إلى ليبيا، وتجدر الإشارة إلى أن موسوليني لم يقتنع آنذاك بتلك المعاهدة فرفض احتلال الأراضي الممنوحة له مكافأة له على دخوله الحرب العالمية الأولى من قبل دول الائتلاف، وأعلنت بتاريخ 17/12/1938 أنها لن تقرّ بتلك المعاهدة فاعتبرت عندئذ غير صالحة أو قابلة للتنفيذ قانوناً .
هذا باختصار سبب الخلاف حول قطاع أوزو وحول انتمائه إلى ليبيا من عدمه لاسيما وأن موسوليني لم يقرّ بالمعاهدة – أو اعتباره ، أي إقليم أوزو، جزءاً لا يتجزأ من تشاد . لكن الحقيقة تظهر أن (الشعب) الليبي يطالب باسترجاعه      (مع وضع عشرة خطوط تحت كلمة الشعب) . والسؤال يطرح نفسـه : ما إذا كان هذا القطاع أو الإقليم قد يثير بلد من البلدان لو لم يكن غنياً بالموارد الطبيعية ؟ نفط ويورانيوم .
يوم 21/1/1988 احتلت القوات التشادية منطقة (ازوار) من القوات الليبية وتمكنوا من الوصول إلى (فايالارغو) البعيدة عن قطاع أوزو رغم العتاد الخفيف الذي كان يملكونه، أي التشاديين .
هذه المقدمة التاريخية كانت ضرورية لعرض واقع الحروب التي خاضها القذافي مع تشاد حول إقليم أوزو، الذي تم تحريره بالدم الذكي الليبي غير أنه سلّمه إلى تشاد مرة أخرى في إحدى نزواته يوم 30/5/1994 بعد نزاع استمر عشرين عاماً فوق أرض مساحتها 114 ألف كم . 
وقليل من يصدق أن كبار مسئولي تشاد تاريخياً هم أبناء الحركة السنوسية التي قامت كحركة إسلامية إصلاحية في ليبيا في القرن 19، وأن بعض هذه القيادات (كوكوني واداي) هو ابن حركة إسلامية معتدلة ومرتبطة دينياً بالسنوسية، وكان مقيماً في ليبيا منذ أختار والده الإقامة ضيفاً على الملك إدريس السنوسي ملك ليبيا السابق – رحمه الله .
نعم هناك حدود متنازع عليها بين ليبيا وتشاد كما بين ليبيا والنيجر وليبيا والجزائر وليبيا وتونس، كما هو بين كثير من الدول المتجاورة جغرافياً في العالم لا مجال لذكرها .
لكن ملكنا السابق رحمه الله كان يرى أن حُسْن الجيرة والتعامل وطبيعة الديموغرافية المشتركة بين ليبيا وتشاد من حيث انتشار القبائل العربية المشتركة عند حدود الدولتين مثل قبائل أولاد علي بين شرق ليبيا وغرب مصر كلها عوامل جمع وتقارب ومصاهرة واختلاط دماء ولا يمكن تصّور مواجهة بين البلدين في عهد حكم عاقل ورصين مثل العهد الملكي الأسبق، كما حصل في ثمانينات القرن الماضي وفق منهج القذافي في التعامل مع الجار الجنوبي .
والقبائل المشتركة بين تشاد وليبيا عديدة فمنها (المقارحة) التي ينتمي إليها مثلاً عبد السلام جلود، وعبد الله السنوسي، و(البشارة) التي ينتمي إليها إبراهيم البشاري وهو وزير سابق وسفير سابق ورئيس جهاز أمن سابق، وكان قد إتهم بقتله معمر القذافي الذي يقف اليوم في طابور طويل قبل أن يأتي دوره في الحساب مع زمرة القتلة والمجرمين والأفاكين وحلفاء الشياطين .

    ؛؛؛؛ وإلى اللقاء في الحلقة القادمة





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق