السبت، 15 سبتمبر 2012

الطموحات التوسعية القاتلة للقذافي الحلقة الرابعة


الطموحات التوسعية القاتلة للقذافي
10-9-2012                                            بقلم : إبراهيم السنوسي أمنينه
الحلقة الرابعة
وهذا بالضبط ما حصل حينما انقلب حسين هبري، وكان وزيراً للدفاع، علي كوكوني واداي، وكان من ضمن مبرّرات الانقلاب أن واداي وقع الاتفاقية عن التنازل عن أوزو لليبيا بسبب علاقته بالقذافي، وأن هذه الاتفاقية لم تحظ بقبول كل القوى التشادية .
وقد تسلم هبري الحكم في تشاد وهرب واداي للجزائر ومن الطريف أنه لم يذهب إلى ليبيا حليفته لأن القذافي كان يعامله باستهتار وإهانة وكان يكرّر أن تشاد هي الحديقة الخلفية لليبيا، وليست جارة أو شريكة أو دولة مستقلة .
وأذكر أني قرأت عن هذا (الشعار) ووجهة النظر هذه في أسلوب المعاملة الدونية والنظرة المتعالية، في مقابلة أجراها أحمد قذاف الدم، منسق العلاقات بين البلدين مع الرئيس الراحل أنور السادات وكان يبدي النصح لهذا الدبلوماسي، أن تُحسّن ليبيا من علاقاتها مع جارتهم تشاد، وأن المعاملة التي تتلقاها تشاد من ليبيا ليست كما يجب أن تكون، وعندئذ قاطعه الدبلوماسي قذاف الدم قائلاً : يجب أن تعرف أن تشاد هي الحديقة الخلفية Back Yard بالنسبة لليبيا، وليست دولة أو جارة . هنا قاطعه الرئيس السادات قائلاً : روح يا ابني أتعلم الأول إزاي تعرف تتكلم مع الرؤساء وبعدين تعالى .. اطلع برّة !!
وقد أضاعت ليبيا فرصاً عديدة على نفسها بسبب جهلها وتعالي موظفيها الرسميين وقصورهم عن إدراك أبسط قواعد التفاهم ومعرفة وإدراك ألف باء الرؤى المتعلقة بالاستثمار وانتهاز الفرص لاستغلالها، وإحدى هذه الفرص وليس آخرها أنه بعد اكتشاف النفط في جنوب تشاد، بدل لأن يعمل القذافي على إقامة سوق مشتركة مع تشاد، وبدل أن يدخل شريكاً أو ممّولاً بأن يقوم بنقل النفط التشادي عبر الأراضي الليبية إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط، لتتم تصفيته في ليبيا، ومنها ينقل بحراً إلى أسواقه الأوروبية القريبة جداً من مكان التصدير، قامت شركة أمريكية ودخلت على الخط، وبنت خط أنابيب يمتد من تشاد إلى سواحل أفريقيا الغربية لتتولّى شركات أمريكية تسويقه .
وفي فترة من الفترات أوقفت أمريكا تصدير النفط التشادي بعد أن كشفت أن رئيس تشاد – إدريس ديبي – يصرف كل مال النفط على قبيلته وأنصاره ومناطقهم، فأضطر لأن يقدم ميزانية يصرف منها على بقية المناطق بالتساوي .
لن تنسى أجيال ليبيا على مر العصور الجحيم الذي صنعه لها معمر القذافي في تشاد ليرمي فيه شبابهم وأولادهم وشيبهم، بحجّة تحرير إقليم أوزو المتنازع عليه مع الجارة الجنوبية، والذي لم يكن ليشكل أية مشكلة أيام العهد الملكي السابق، وكانت حرب تشاد إحدى وسائل معمر القذافي لإلهاء الليبيين عن مطالبهم وحقوقهم في وطن حر مستقل وحياة آمنة رغدة يعيشونها من وفرة النفط الكريمة مع قلة السكان التي تسمح لهم ثروة النفط بأن يحلموا وأن يبنوا ويتمتعوا بحقوقهم بنعمة الله عليهم في أرضهم الواسعة .وكانت حرب تشاد فرصة للقذافي كي يتخلص من خصومه وأن يدفع الشباب الصاعد إلى أتون نار تستقطع من حياتهم ضرائب غير مستحقة، كي يتجاوز التعليم إلى حمل السلاح، وكي يحرموا من النقاش إلى إطلاق الرصاص .
كانت حرب تشاد التي اصطنعها القذافي وخسرها وخسر نفسه في نهاية المطاف أكذوبة وسخرية ومهزلة حيث كان يصرف مال ليبيا على أحد قادتها .. (إدريس ديبي) مثلاً ليقاتل (حسين هبري)، وما أن ينجح لإيصال ديبي إلى السلطة في انجامينا حتى يبدأ في الإعداد لقلب نظام حكمه، واستقدام آلاف المقاتلين من جماعة (كوكوني) ليقاتلوا (ديبي) فإذا دخلت قوات (كوكوني) انجامينا بمساعدة القذافي بعشرات الملايين من الدولارات نقداً ومثلها أسلحة ومعدات ومؤن والآلاف من القتلى والمشوهين بدأ القذافي للإعداد لحرب أخرى بين التشاديين ليهدر فيها الملايين وليريق فيها الدماء الحمراء فوق التربة الصفراء ... فقد جاء الدور على (عبد القادر كوكوني) ليحكم، والقذافي يظن أنه بهذا يفرّق التشاديينويستنزفهم ويخضعهم لمشاريعه بحجة استرجاع إقليم أوزو المتنازع عليه مع تشاد، وهكذا دواليك .
لم يعد الليبيون يعرفون ما الذي يريده القذافي في تشاد، ولم يعد العالم يفهم ماذا يجري هناك، ولم يعد التشاديون يثقون بهذا الرجل الذي يؤلبهم على بعضهم البعض، ويساعدهم كل واحد بدوره كي يغرف المال ويأخذ السلاح ثم يذهب من ليبيا إلى تشاد ليقاتل من أجل تسلّم السلطة فإذا نجح كان عليه أن يستعد لمقاتلة زعيم تشادي أخر قادم من ليبيا أيضاً ليخلعه ويتسلم الحكم مكانه، فكل قادة الحركات المسلحة الذين قاتلوا بعضهم بعضاً في تشاد كانت طرابلس الغرب مقرات لهم فيها عاشوا ومنها انطلقوا للحرب في بلادهم لتسلم السلطة في انجامينا.
لن ينسى الليبيون أن معمر القذافي كان يرسل جماعاته إلى الجامعات والثانويات في عز المواسم الدراسية، ليقتحموا الفصول ويحملوا الطلاب إلى شاحنات خارج مؤسسات التعليم (المدارس – المعاهد – الجامعات) إلى المطار مباشرة ليتم شحنهم كأن لم يكونوا بشراً .
أشعل القذافي حروب تشاد من أجل شريط على الحدود مع تشاد اسمه شريط أوزو وأراد افتعال قضية وطنية ملهاة للناس والعرب والقوى التي يدعمها القذافي في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
وفي خطاب للقذافي في ميدان الشهداء في طرابلس قال :-   
         ؛؛؛؛ وإلى اللقاء في الحلقة القادمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق