الخميس، 6 سبتمبر 2012

تاريخ الإسلام في ليبيا قديماً وحديثاً تتمّة المقال


تاريخ الإسلام في ليبيا
قديماً وحديثاً
3-9-2012                                         بقلم : إبراهيم السنوسي أمنينه                                                                                                                               
تتمّة المقال                  
... أما المرحلة الثالثة والأخيرة لتطور الدين الإسلامي في ليبيا، فهي ما أطلقتُ عليها : مرحلة أسلمة الإسلام وتحصيل الحواصل، وانطلاق الأنبياء الجدد، وانبعاث المسيلمات العصرية، والسجاحات الحديثة، والعنسي وابن نويره في آخر طبعة، وانطلاق دعوات التكفير والهجرة ونبش قبور أولياء الله الصالحين وشيوخ الصوفة ودعاة عقيدة الإسلام الذين كانوا قد قضوا منذ قرون .
ونحن إذا ما استثنينا فئتي الخوارج والشيعة، فإن ما تبقىّ من الفئات الضالة هي : التكفير والهجرة (طبعاً إلى أمريكا وليس إلى الله) لأن الحديث الشريف الذي رواه سيدنا عمر بن الخطاب عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بالنص هو :
(من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى مال يأخذه أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) .
يقول التاريخ بأنه لم تكن هناك أية تيارات أو طوائف أو أطياف معارضة وخارجة عن السنّة في العهد الإسلامي قبل نهاية العقد الرابع من القرن الهجري الأول، حيث تفجرّ تيار الخوارج الذين خرجوا على الإمام علي بن أبي طالب في العام 38 للهجرة – ذلك إثر تحكيم أبي موسى الأشعري خلال معركة صفين – بل وكفّروه بعد قبوله بنتيجة التحكيم إثر ما سمّي بخدعة (رفع المصاحف) – لما شعرت جيوش معاوية بقرب هزيمتهم أمام جيش علي وذلك باتفاق مسبق على التآمر من قبل معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص، (ألا لعن الله السياسة والسلطة والتسلط).
وبعد مقتل الإمام تفجّر تيار آخر هو ما سمّي(الشيعة) وهو أنكى وأمرّ لأنهم يتشيعون للإمام وحق أولاده في الخلافة من بعده ليس الأمويين فقط ولكن ضد العباسيين بصورة أساسية حالة كونهم قد استولوا على الخلافة بعد زوال الدولة الأموية . لكن أمرهم لا يعنينا نحن بصدد تاريخ الإسلام في ليبيا فهم ليسوا من النسيج الديني في ليبيا، لكن الخوارج نعم لأنهم يذهبون المذهب الأباضي في غرب وجنوب البلاد الليبية منذ منتصف القرن الهجري كما أوضحنا في الصفحات السابقة .
نقول استمرت الثورات والحركات والحروب بين الخوارج وآل أميّة مثل ثورة شُبيب في الكوفة، وثورة سهم بن غالب الجمحي والخطيم الباهلي، والمستورد بن علّفة، وفي العراق ثار زياد بن خراش العجلي – كل هذه الثورات وقعت في السنوات ما بين 42ﻫ - 52ﻫ - ثم قامت ثورة مرداس بن حذير في الأهواز في العام 61ﻫ ، وفي العام 68ﻫ كانت ثورة زعيم الخوارج نافع بن الأزرق قتل زعيم الخوارج الأزارقة عبيد بن الماحوز، واستمرت ثوراتهم إلى العام 131ﻫ حيث ثار الخوارج الأباضية التابعين إلى عبد الله بن أباض التميمي من بني مرّة، وهو رأس الأباضية وإليه نسبتهم، وكان معاصراً لمعاوية بن أبي سفيان وعاش إلى أواخر أيام عبد الملك بن مروان، وكان مع نافع الأزرق وهو من الخوارج الأزارقة ثم انفصل عنه وأسّس مذهباً للخوارج في غرب ليبيا (زوارة) وجنوب غربها (جبل نفوسه) أي زلّة – سوكنه – هون - ودان كما أسلفنا .
قلنا حيث ثار الخوارج الأباضية في تونس بزعامة عبد الجبار بن قيس المرادي وذلك في العام 131ﻫ والحارث بن تليد الحضرمي، واستولوا على طرابلس وقتلوا عاملها (وأظنه) يزيد بن مسلم وذلك على سبيل القصاص في قتل عبد الله بن مسعود التجيبي – إمام الأباضية – وقيام عبد الرحمن بن حبيب – أمير تونس – بقمع هذه الثورة وقتل زعامتها المتمثلة في (المرادي والحضرمي) .
فمثل الذين قتلوا الشيخ (الذهبي) في مصر في أواخر السبعينات في عهد الرئيس الراحل أنور السادات رحمه الله، وفي ليبيا خلال هذا العام تحديداً حيث تكرّرت مثل هذه الجرائم ضد مثل هكذا شخصيات عامة، فإنه يستحيل أن تكون هجرة هؤلاء القتلة إلى الله، لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي قال :
﴿ومن قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً (المائدة 32) والنهي عنه في القرآن الكريم في 170 أية ضمن 31 سورة ، ولقد ورد فعل القتل وتحريمه بالقطع صراحةً، إلا بالحق أي بالعدل ، أي بوجوب تفعيل القضاء عند وقوع هذه الحالات ومنح الفاعل كل الحق في الدفاع عن نفسه وإثبات براءته .
فبأي منطق وبأي تخرج تكون هجرة أمثال هؤلاء القتلة إلى الله بما اقترفت أيديهم من قتل وترهيب، ونبش رفات وهدم أضرحة ومساجد ؟ قال تعالى في محكم كتابه في سورة البقرة :
 ﴿ومن أظلم ممّن منع مساجد الله أن يُذكر فيها إسمه. (البقرة ،  آية :  114)
فإن الذي هدم مسجد الشعاب في طرابلس قد منع بالقطع الصلاة فيه بصورة واقعية وعملية إلى أن يشاء الله ويعاد ترميمه ليصبح صالحاً لأداء الصلوات فيه من جديد، وإلى أن يتم ذلك، فإنه يجوز، مع وجوب، توقيع العقوبة التي يستخدمها هذا الفاعل بحيث تكون متوازنة ومتناسبة مع مدى الظلم الذي حاق بالناس جرّاء عدم استطاعتهم الصلاة في ذلك المسجد عقب تدميره ، (ودرجته في أفعل التفضيل) ، بحسب نص الآية كما ورد ، والله أعلم .
أما بقية الفئات الضالة فتأتي تباعاً بتسميّات ومسمّيات ما أنزل الله بها من سلطان فهي على النقيض من الهدف الذي تنادت من أجله لتأسيس هذا الكيان الفئوي أو النشاط الحزبي مثل فئة التكفير والهجرة، وقد أوفيناها حقها حسب المستطاع .
أما الفئة الضالّة والمضلّلة التالية فهي (الجهاد) فإنك تجد أتباعها ومؤسّسيها في مصر وفلسطين وزعماءها مستريحين في أرضهم المحتلة وهم يراقبون العدو ينشط في تقتيل شعوبهم، واستقطاع ما تبقى من أراضيهم المحيطة ببيت المقدس لضمها إليه تدريجياً، ولا يحركون ساكناً إلا بشأن ما يتعلق باحتجاجات الشعب ومطالباتهم بالحد الأدنى من مستوى المعيشة أو الهامش المتواضع جداً من الحرية في التعبير، عندئذ تبدأ السلطة المحلية من أبناء جلدتهم في قمعهم وردعهم ذلك لاجتيازهم الخط الأحمر !!
وإنك لتجد زعيماً من زعماء هذه الفئة التي نحن بصدد الحديث عنها، وهو طبيب مصري يدعى (أيمن الظواهري) الذي هو ناشط الآن في أفغانستان، وأحد عناصر عدم الاستقرار وأحد أسباب التدخل الخارجي فيها كان قد التحق بعنكبوت يدعى (أسامة بن لادن) سنتحدث عنه في مكان آخر لاحقاً، وهذا المصري قد كان (أفتى) هو وغيره من زنادقة (طالبان) بفتوى تبيح قتل المسلمين ومن بينهم الأطفال والنساء إذا كانوا يقفون أو كُنّ يقفن في الطريق كمتاريس أو دروع أو عوائق بشرية في الطريق إلى الكفار في مواجهة المجاهدين !! تصوّروا (أين كفار قريش) من هؤلاء الذين قال فيهم سبحانه وتعالى في سورة يونس :
﴿ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلّهم جميعاً، أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين  الآية 99 .  أين هم من هذه الآية ؟
وأين هم أيضاً من توصيات رسولنا الكريم وتعليماته لجنده قبيل التوجّه في غزواتهم الفاتحة لبلاد الروم أو الفرس قائلاً ما معناه :
لا تقطعوا لينة (شجرة) لا تقتلوا طفلاً أو شيخاً .
إن الله حرّم قتل الكافر إلا إذا همّ بمقاتلتك ورفع السلاح في وجهك، فما بالك بالمؤمن الذي أغتيل عند خروجه من المسجد بعد صلاة الجمعة في حي حدائق في بنغازي منذ أسابيع ؟ فإذا كنت تظن إنك عاقبته بالقتل قصاصاً لأنه كان يعمل مع الطاغية المقبور فقط، فأبشر أيها القاتل فهو في الجنّة إذ دخلها شهيداً ومتطهراً، أما أنت فاقترح عليك أن تستفتي شيخكم (خالد تنتوش)، فإنه بالقطع سوف يقول لك أنك ستكون مثله خالداً ولكن في النار !! لأنك كما لو قتلت الناس جميعاً !! وبعد أسابيع تلا هذا الشهيد وإسمه (القندوز) شهيد آخر اسمه : اللواء محمد هديّة الفيتوري . آمر كتيبة التسليح والذخيرة في القوات المسلحة التي حاربت الكتائب وهزمتها، وهو الذي كان قد انشق عن المقبور في عزّ شأنه وانضم لثوار 17 فبراير والكل يشهد بأنه أبلى بلاءً حسناً، ولقد تم اغتياله هو الآخر بنفس الكيفية فور خروجه من المسجد بعد صلاة الجمعة، ألا فأبشروا فهو الشهيد الطاهر على مقعد صدق عند عزيز مقتدر، وأنتم ليتكم تعلمون بأنكم في الدرك الأسفل من النار لأن الله لا يحب المعتدين وانكم كما لو قتلتم الناس جميعاً فلا رحمكـم  الله * .
وحتى الآن فإن الجميع يجهلون هويتكم أو انتماءكم، غير أن دأبكم هذا لا يختلف عن دأب الطاغية وأسلوبه في الانتقام من معارضيه في الخارج، وأظنكم من فلوله، تذكروا معي الشهيد المؤمن الأستاذ محمد مصطفى رمضان، الذي إغتاله المقبور في العام 1979 عند مغادرته لمسجد في لندن عقب صلاة الجمعة هو الآخر لا لشيء غير كونه معارضاً شريفاً للمقبور وهو شهيد آخر انضم إلى الركب فهو المظلوم المغدور به المغترب الطاهر المتطهر .. غدر به أمام بيت الله – فليرحمه آمين .

          ؛؛؛؛ وإلى اللقاء في الحلقة القادمة















 *واليوم الأحد 2/4/2012، أغتيل ضابط آخر برتبة عميد كان يعمل في أمن الدولة وهو متقاعد ويدعى جمعة الكاديكي وذلك بتفجير سيارته وهو بداخلها في شارع جمال عبد الناصر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق