الأربعاء، 23 مايو 2012

المشهد الأخير ( الحلقة الرابعة )

المشهد الأخير
خريف ليبيا

        الحلقة الرابعة
19/5/2012                                       بقلم : إبراهيم السنوسي أمنينه                                                                     
       الملفات العالقة لثورة الكآبة والارتياب
  Revelution of Depression and Suspicion The Yet Unsolved Issues -

للثورات وجوه ومراحل ، كما كان في الثورة الفرنسية في العام 1789، ثم الثورة البلشفية والمنشفية التي مرت بها روسيا القيصرية في العام 1917، والثورة الأهلية التي مرت بها أسبانيا في العام 1936، بقيادة أصغر جنرال في العالم في ذلك الوقت إذ كان يطلق عليه : Generalissimo Francisco Franco وكان معه آخرون، وحتى في الانقلابات العربية ولا أقول ثورات، فليس هناك في العام العربي في التاريخ المعاصر إلا ثورتان : ثورة 17 فبراير 2011 التي فجرها الشهيد المهدي زيو رحمة الله عليه، والتي انحرفت عن مسارها، والثورة العربية في الجزيرة العربية ضد الاستعمار التركي والبريطاني ، في بداية القرن العشرين .
وأول وجوه ومراحل تتشكل فيها الثورات والانقلابات عند انطلاقاتها في العادة تكون الارتياب والشك والخوف والتردّد وعدم الثقة والمصداقية ، غير أن تلك المشاعر لا تلبث أن تنقشع لتسفر هذه الثورات عن الوجه الحقيقي لها، وبتوجهاتها وسياساتها : إما واضحة وضوح الشمس .. شفافة ، أو غامضة .. ضبابية تغّلفها الريبة وتحيط بها الكآبة إلا أن ذلك لا يلبث أيضاً أن يختفي بمرور الوقت ممهداً لثورة مضادة بثوار آخرين وبعباءات مختلفة تماماً مثل ما حدث في فرنسا حيث عادت الإمبراطورية برئاسة نابليون في العام 1804 بقيام الإمبراطورية الأولى بعد انهيار الجمهورية الأولى في نفس العام ، برئاسة نابليون بونابرت واستمرت لغاية العام 1814 حيث اُعلن لويس الثامن عشر ملكاً على فرنسا ، وهو شقيق الملك المخلوع والمعدوم لويس السادس عشر ثم في العام 1824 ، أعلن تشارلس العاشر شقيق لويس السادس عشر الأصغر، ملكاً على فرنسا، وتم خلعه في العام 1830 .
وفي العام  1830 تم تولية لويس فيليب ابن دوق أورليان وتم خلعه في العام 1848 .
حيث قامت الجمهورية الثانية في العام 1848 تم انتخاب لويس نابليون رئيساً إلى العام 1852 .
وفي العام 1852 قامت الإمبراطورية الثانية تم انتخاب نابليون الثالث وخلع في العام 1870 .
قامت الجمهورية الثالثة في العام 1870، ومنذ العام 1871 أي على مدى 69 عاماً تقلد رئاسة الجمهورية في فرنسا عدد 8 رؤساء فقط، استقال منهم 5 رؤساء ، واغتيل منهم اثنان، ومات في مكتبه واحد .
وفي العام 1940 إلى العام 1944 كانت حكومة فيشي العميلة للنازي . وفي العام 1958 قامت الجمهورية الخامسة برئاسة الرئيس المنتخب شارل ديغول وانتهت ولايته بعد ثمان سنوات في 1964 .
وليس هنا مجال للحديث عن كيفية انحراف مسارات الثورات والانقلابات الأخرى التي حدثت خلال الحقب الماضية واكتفينا بالمثال الفرنسي لأننا وجدنا فيه ما يشبه أو يتشابه مع ما حدث أو يحدث أو ما سوف يحدث في ليبيا : انطلقت الشرارة الأولى للثورة الفرنسية يوم 14/7/1789 وسقط سجن الباستيل أو قلعة الرعب بالنسبة للشعب الفرنسي . والذي يقع في إقليم "سان أنطوان" شرق العاصمة باريس .
وانطلقت الشرارة الأولى للثورة الليبية يوم 17/2/2011 وسقطت كتيبة الذعر والقهر والعهر التي تقع في مدينة بنغازي شرق العاصمة طرابلس ...وبسقوط سجن الباستيل اندلعت الثورة الفرنسية لتشمل كافة الأقاليم في فرنسا ، وبسقوط كتيبة الذعر في بنغازي (الفضيل) اندلعت الثورة شرقاً وامتدت غرباً وجنوباً كالنار في الهشيم ، وسقطت كل الأقاليم الواقعة إلى الشرق من بنغازي في أيدي الثوار الذين واصلوا زحفهم غرباً وجنوباً ليلتحقوا بباقي الثوار هناك ويتم لهم تحرير ما تبقى من التراب الليبي بالكامل في غضون ثمان أشهر .
بعد أربعة أعوام على نشوب الثورة الفرنسية تم إعدام الملك لويس 16 وزوجته الملكة أنطوانيت بالمقصلة وذلك يوم 21/1/1793 !!
أي بعد قيام الثورة بحوالي ثلاث سنين ونصف .
وبالنسبة لثورة 17 فبراير فانه بعد ثمانية أشهر وثلاثة أيام على اندلاعها تم إعدام الطاغية وابنه المسمّى بالمعتصم يوم الأحد 20/10/2011 ، ولكن بالبارود وليس بالمقصلة .
دعونا نتحدث أولاً عن الشخصيات والعناصر المتركبة منها فرنسا والثوار خلال القرن 18 الذي نشبت فيه الثورة الفرنسية عام 1789 :
1- البلاط : الملك لويس 16 الذي كان ملكاً على فرنسا منذ العام 1774 ، وفي عهده نشبت الثورة، وقد أعدمه الثوار مع زوجته الملكة ماري أنطوانيت يوم 21/1/1793 بالمقصلة.
2- الملكة أنطوانيت : وهي التي بولغ في وصف سلوكها ، واشتطّ في وصفها الشاعر "بالسامو" باللعوب والداعرة والمنغمسة بشكل مفرط في الملذات ، والمسرفة في كل شيء ، غير أنني كنت قد قرأت في كتاب "أحجار على رقعة الشطرنج" للأدميرال ويليام غاي كار، يقول أن هذه الأوصاف مبالغ فيها جداً من قبل اليهود كونهم المحرضين على الثورة لمصلحتهم في زعزعة الإستقرار الأمني لفرنسا ، وبالتالي تدمير إقتصادها لتدعوها الحاجة على إثر ذلك إلى الاستنجاد بهم ، أي اليهود المرابين والاقتراض منهم لإصلاح حال الاقتصاد الفرنسي الذي كان يتهاوى آنذاك وأشرف على الإفلاس ، وقصة (عقد الملكة) تبين لنا ذلك التحامل والإفراط والمبالغة في توجيه أرذل الإتهامات في صورة أهازيج وأشعار تندد ساخرةً حاقدةً على الملكة زاعمةً أن عشيقاً سرياً لها هو الذي أهداها ذلك العقد الشهير الذي يحوي أثمن وأنفس المجوهرات الكريمة النادرة ، وذلك إعجاباً بمفاتنها المبذولة له وثمناً للإستمتاع بهذه المفاتن ، ولقد ثبت للمؤرخين بما لا يدع مجالاً للشك بأن هذه القصة كانت مؤامرةً ولم يكن هناك لا عاشق ولا ملكة في الواقع ، ولقد قام بفبركتها "بالسامو" اليهودي لمصلحة المرابين من اليهود وهم من يُسمّون بالنورانيين* والماسون والهدف منها إسقاط النظام بعد تحقيق إفلاسه .
وليس هنا مجال للإسهاب في هذا الموضوع ، إلا أنه قد توجب عليّ ذكر بعض التفاصيل حول إتهام وتبرئة الملكة التي وصفتها الانسايكلوبيديا الإنكليزية "كوليير" بأنها كانت رمزاً للخلاعة والدعارة والإسراف في الملذات في البلاط الملكي ، وقد ورد السطر الآتي القول بالحرف الواحد:
" The Queen was a symbol of the wanton extravagance of the Monarch's Court "
3- ماكسميليان روبسيير Maxmilien Robespierre
وهو من أبرز رجالات الثورة الفرنسية وهو الذي بدأ عهد الإرهاب وقاد حركة "اللجان الثورية" الدموية التي اُطلق عليها إسم حركة " اليعاقبة " Jacques ، وهو المؤسس لهذه الجماعة السياسية الإرهابية المتطرفة التي عُرفت بنشاطها الإرهابي خلال السنوات الخمس الأولى للثورة وكان قد قضى على خصومه السياسيين . أعدمه الثوار بالمقصلة في العام 1794 .
4- ميرابو الكونت Mirabeau Compte de
وكـان ينتمي لطبقة النبلاء ، ويتمتع بنفوذ كبير في البلاط الملكي ، وكانت حياته المشينة الإباحية قــد
-----------------------
* هامش : تعني كلمة نوراني الشخص الملهم الذي يتلقى النور ، وكانت قد أنشئت منظمة خاصة خاضعة للحاخامات وظيفتها تمكينهم من التنفيذ الفعلي لمشيئتهم التي يزعمون أنها من وحي إلهي ، وهكذا إئتمر عدد من كبار حاخامات الكنيس اليهودي وكبار المرابين ورؤوس اليهودية العالمية ، وقرروا تأسيس مجمع سري يعمل على تحقيق أغراضهم إسمه (المحفل النوراني) وقد اشتقت كلمة النوراني من المثيولوجية اليهودية من كلمة "Lusipher" وهو إسم الشيطان في الأناجيل اللاتينية ومعناها الحرفي "حامل النور أوالمضيئ" .
طوّقت عنقه بالديون ، وكان إلى جانب هذا خطيباً مفوهاً وبليغاً ، وعموماً فإنه لا يزال الغموض يكتنف حتى الآن الدور الحقيقي الذي لعبه هذا الشخص في الثورة الفرنسية .
ولقد تم تسميمه بحيث يبدو الأمر وكأنه إنتحار .
5- دي لاكلو
وكان قد إشتهر بأنه كان قد حوّل قصر الباليه رويال الذي هو ضمن أملاك دوق دي أورليان الذي عهد به إليه أضخم وأشهر دار للتهتك والفجور عرفها العالم حتى ذلك الحين .
6- دوق دي أورليان
وهو الذي عُرف في التاريخ بإسم "فيليب المساواة" وكان قد صوّت على إعدام إبن عمه لويس 16 ملك فرنسا الأسبق ، لعب دوراً هاماً بتوجيه الشكوك والغموض إلى الثورة الفرنسية باسم لويس فيليب ، وكان قد نُصب إمبراطوراً على فرنسا في العام 1830م ، وتمّ خلعه في العام 1848م .
7- جورج دانتون Georges Jacques Danton  
وهو أحد زعماء الثورة الفرنسية . اُعدم بالمقصلة عام 1794م .
8- كالبسترو "جوزيف بالسامو"
وكان يهودياً وأصله من مدينة برما في إيطاليا ، وإشتهر بإسم "الساحر" قبل الثورة وإشترك في فضائح إجتماعية كثيرة ولطخّت فضائحه أكثر من أسرة من سيدات الطبقة الراقية ولم تنجُ منها الملكة ماري أنطوانيت نفسها وقد أثارت شهرته بالسحر ضجه كبيرة في فرنسا وإنتهى أمره بالإعدام.
وعوداً على بدء والحديث عن الشك والخوف والتردّد وعدم الثقة وإنعدام المصداقية ، والقول بأن هذه المشاعر لا تلبث أن تنقشع لتسفر عن الوجه الحقيقي لها ، بتوجهاتها وسياساتها إما واضحة وضوح الشمس شفافة ، أو غامضة ضبابية لأنها تغلّفها الريبة وتحيط بها الكآبة . إلا أن ذلك لا يلبث أيضا أن يختفي بمرور الوقت ممهّداً لثورة مضادة بثوار آخرين وبعباءات مختلفة حسب الظروف والمؤثرات ، مثل ما حـدث فـي سـوريـا وانقـلاب الشيشكلـي عـام 1949 ، وما تلا من إنقلابات متتالية من أمثال سامي الحناوي وصلاح جديد وحافظ النعجة الذي ورثّ البلاد لولده بشار الجزار الذي خلف جمال "التركي" والذي كان قد لُقب بالجزار والذي حكم سوريا في بدايات القرن العشرين ، من كثرة الدماء التي تلطخت بها يده ولكن مهما بلغت غزارتها لم تصل إلى ما وصلت إليها اليوم على يد إبن البلد وليس إبن الترك !!
وفي مصـر وانقـلاب عبـد الناصر واتفاقه المسبق مع الـ CIA ، وفيما بعد عام 1954 مع الانجليز ليتنازل عن السودان الذي كان هو الإقليم الجنوبي من مصر، وكان الملك فاروق الأول يقال له رسمياً : الملك  فاروق الأول ملك مصر والسودان .
كانت اتفاقية الجلاء عن مصر قد وقعت بين الجيش البريطاني وعبد الناصر على أساس يفصل السودان عن مصر، واضطر عبد الناصر لتوقيعها بفصل السودان عن مصر لتسجيل موقف دعائي والفوز بلقب "بطل الثورة ومحقق الجلاء" مثلما حققه الطاغية عام 1970 ، في مفاوضاته مع جوزيف بالمر السفير الأمريكي في طرابلس لجلاء القوات الأمريكية من قاعدة ويلس ، التي أطلق عليها اسم " امعيتيقة " لاحقاً، إذ ذكر له هذا السفير أننا راحلون خلال العام القادم أي 1971 ، حين تنتهي اتفاقيتنا مع جلالة الملك إدريس التي وقعت في العام 1951، ومدتها عشرون عاماً ، سوف نجلو عن تلك القاعدة ونترك كل شيء فيها . رد عليه  الولد الصغير قائلاً : لابد من الجلاء يوم 11/6/1970 لتسجيل النصر عليكم منذ 165عام أي يوم 11/6/1805 حيث أغرق الليبيون للمرة الثانية باخرتكم فيلادلفيا بشواطئ درنه . عندئذ رد  عليه  السفير الأمريكي قائلاً : إذاً أيها الكولونيل عليكم دفع تعويض مالي تنص عليه هذه المعاهدة في بنودها الخاصة بتوقيع الجزاءات ، هذا المبلغ يبلغ حوالي 750 مليون دولار (في ذلك الوقت) ووافق المفاوضان وهما الغبيّان : عبد السلام جلود ، اللص الملياردير الهارب ، والعبيط المقبور بطل الثورة وبطل الجلاء !! "ودقي يا مزيكا" .
ولا زلنا بصدد ما يحدث للشعوب الغافلة في شك وخوف وتردّد إنعدام الثقة والمعرفة حول ما يحدث من تعتيم إعلامي وتغييب ودق طبول ومزامير لتمجيد التافهين من أولئكم الطغاة من العرب وغير العرب .
فالكثير من حوادث الخيانة والتقتيل والإعدامات والتصفيات سواء بالمقصلة أو بإطلاق النار على من يخالفهم كانت من سمات الثورات التي حدثت في فرنسا ، وروسيا وأسبانيا ثم الانقلابات التي حدثت في سوريا ومصر والعراق واليمن وليبيا . 
وكما للثورات وجوه ، فإن للسياسات أيضاً وجوه لا تعكس جوهرها، ذلك لأن ظاهرها هو اللين واللباقة والكياسة، وباطنها هو الخبث والدهاء والعمالة والوصولية والميكافيلية والذرائعية وتبرير الوسائل بالغايات .
ففي حلقات سابقة تحدثنا عن "السياسة في غياب الكياسة" هي سياسة مجلسنا الانتقالي الذي لم ينتقل إلى رحمة الله حتى تاريخه رغم وعوده .
ومهما بلغت درجة القصور في إدارة الأزمة التي تمر بها ثورة 17 فبراير ، ومهما بلغ فشلها ، أي هذه الثورة ، والحصول على درجات متقدمة في العمالة للنظام السابق ، وغضّ للبصر عن فلوله وبقاياه بل وتهريبهم أو المساعدة في تهريبهم للخارج فإننا بالرغم من ذلك لا زلنا ميالون للقول التاريخي الإسلامي :
 
( دعوها فهي مأمورة )
لم يسقط  النظام بسهولة بل استغرق أكثر من ثمانية أشهر ليجرجر وراءه الألوف المؤلفة من الشهداء الطاهرين ، ويتسبب في جرح الآلاف المؤلفة أيضاً من الشباب ولا يزالون يعانون من إبطاء في المداواة .. كانت القبور الجماعية تُحفر لهم ويُدفنون فيها أحياء ، وكانوا يُكبّلون ويطلق عليهم الرصاص ويُقذف بهم في حوض سرت لمياه النهر ولم تُكتشف جثثهم إلا بعد أن قُصفت أنابيب المياه التي تزود هذا الحوض ، حتى نضبت المياه التي بالحوض وبذا ظهرت الجثث متحلّلة !!
كان الطاغية يسوس البلاد بدون عقل أو تعقل وكان أمره ينفذ ويقال عنه قائد وزعيم وبطل وسياسي ويخشونه الساسة والزعماء . ويحسبون له ألف حساب لقد اشترى أنفس الكثير من الليبيين ليحاربوا الشعب ويقتلونهم دفاعاً عنه وبالنيابة عنه "إن الطاغية قد إشترى من الليبيين أنفسهم بأن لهم الويل".
كانت القوى غير متوازنة أو متكافئة، وكانت الأرتال تلي بعضها مدججّة بأحدث أنواع السلاح .. إذ لم نرى من قبل دبابات من ذوات الطابقين لقد شاهدناها قرب جامعة بنغازي يوم السبت 19 مارس 2011 ، أو إطلاق الدانات والمقذوفات ، وعملياتها المبرمجة الكترونياً سواء فيما يتعلق بالاستهداف أو بالقيادة . وبالرغم من ذلك الاختلال في ميزان القوة بين كتائب الطاغية الجرّارة بعدّتها وعددها وبين جيش التحرير الذي تشكّل بتلقائية وتنادى أفراده بعفوية وفي البداية بسلاح بدائي ليس غير ذلك إلا إيمانهم بأن الوقت قد أزف للتحرّر من نير العبودية الذي طوّقهم لردح من الزمن ، وطفح الكيل وبلغ السيل الزبا عندما أعلن الطاغية بجلبه لجيوش من المرتزقة من أفريقيا وبقناصين من أوكرانيا وما جاورها من الدول الأوروبية المتفككة والتي كانت تعرف بيوغوسلافيا ، وأعطى بصراحة وبوقاحة إشارة البدء بالهجوم على شرق ليبيا وقال لهم ما قال المستنصر بالله وهو الخليفة الفاطمي عام 1050 ميلادي لجيوش المرتزقة من بني هلال وبني سليم الذين دُحروا من الجزيرة العربية واستقروا على ضفاف النيل ، إذ أعطاهم ديناراً واحداً وجملاً لكل فرد منهم قائلاً لهم : "قد أعطيناكم الغرب وملك ابن باديس العبد الآبق فلا تفتقرون بعد ذلك أبداً والأرض وما عليها لكم"، وبعث إلى ابن باديس حاكم البربر في شمال أفريقيا برسالة يقول فيها : "أما بعد فقد أنفذنا إليكم خيولاً فحولاً وأرسلنا عليها رجالاً كهولاً ليقضي الله أمراً كان مفعولاً" كان ذلك في العام 1050م الموافق 446 هجري تقريباً . غير أن الخليفة الفاطمي المستنصر بالله، والحق يقال لم يزوّد هؤلاء الغزاة بحبوب "الفياغرا" المنشطة جنسياً ، لأنها لم تكن قد اخترعت بعد . هذه الحبوب وجدت بكميات هائلة في السيارات التي عطلّها المجاهدون وقتل ركابها من مرتزقة وأسر ما شاء الله لهم أن يأسرون، وجدوا ذلك العقار معبأ في "صفائح" و"جرادل" وليس في علب من ورق مقّوى كالذي يباع في الصيدليات، ذلك بالإضافة إلى الكميات من الخمور "لزوم الشجاعة والتهوّر" . وكان ما كان من اندحار جيوش المرتزقة من الأجانب والليبيين الذين جاءوا معهم من الغرب وفشل خطتهم لغزو الشرق واغتصاب حرائره وكسر أنفسهم لأن الله أرسل ملائكته المجنحّة لتحسم الأمر وكلنا نعرف بقيّة القصة ، وكيف انتهى هذا الطلياني ابن اليهودية نهاية مأساوية بل غير مشرّفة هو وابنه !!
وعوداً على بدء، "إذن فهي مأمورة فدعوها" ومعها "المجنّحة" .
أقول لم يسقط ذلك النظام ببساطة ، إذ كان في وقت مضى قد اشترى من الكافرين أنفسهم بأن لهم اللعنة بدءاً بقارة أفريقيا ونصّب نفسه إمبراطوراً عليها . كما اشترى في العام 2003 جورج بوش الابن ، وباع له العالم النووي "قادير" الباكستاني ، وبرنامجه النووي ، كما باع من قبله الرئيس "بوتو" أيضاً ببرنامجه النووي في وقت سابق ، وباع لهم أسرار مصر وسوريا النووية إن وجدت، كما باع لإسرائيل "خطة" عبور قناة السويس في العام 1973، والتي كان الرئيس السادات قد أطلعه عليها وهي عبارة عن "فـخ" نصبه له لكي يختبره وبالفعل وقع "الغبي في الفخ" ، إذ لم يكن هناك لا خطة ولا غزو (في ذلك الوقت) وفهمت إسرائيل أن القذافي كان "غبياً" ولا يصلح أن يكون عميلاً أو جاسوساً لها في المنطقة، لفظته كما لفظت الملك حسين من قبل إذ كان قد انطلق بطائرته العمودية إلى مطار اللّد ليقابل "جولدا ماير"  لإبلاغها أن السادات يحشد جيوشه غرب القناة ليعبر خط بارليف إلى الشرق، وكان ذلك أيضاً فخاً نصبه السادات للملك حسين، ولم تعبأ رئيسة الوزراء الإسرائيلية ببلاغ الملك حسين ولم تلتفت إليه . وكان نيرون العبيط قد ألقى في حضن الرئيس بوش الابن كل ما عنده من برامج نووية ومشاريع يورانيوم مخصّب أو في طريقه للتخصيب لم يكن يتوقعها الغبي بوش الصغير، وقال معبّراً عن دهشته وإعجابه بالأهوج الصغير القذافي : "أنه ولد جيّد He is a good Boy إذ كنا نتوقع أن لديه مكان أو مصنع واحد للبرامج النووية ، وطلبنا منه تسليمه لكنه قام بتسليمنا خمسة مصانع نووية لا علم لنا بها إطلاقاً ، نحن نشكره على ذلك" .
وكان قد اشترى بريطانيا في وقت سابق بتسليمها الملفات الكاملة للجيش الايرلندي IRA ،  في صفقة كان البطل في إتمامها ربيبه "عبد العاطي العبيدي" عندما كان يشغل وظيفة وزير خارجية في نظام "نيرون" المنهار، تلك هي الصفقة التي أسدلت الستار على نشاط الجيش الايرلندي تماماً وإلى الأبد ، وفي المقابل أصبحت المخابرات البريطانية بجناحيها MI5 MI6 في خدمة "العبيط" وطوع إرادته ومنها اغتيال بعض عناصر المعارضة الليبية في بريطانيا ، والتجسّس عليهم ونصب الفخاخ لهم وتسليمهم له وآخرهم كان عبد الحكيم بلحاج، وهو الذي عرضت عليه بريطانيا مؤخراً مبلغ مليون جنيه إسترليني مقابل تنازله عن دعواه ضد المخابرات البريطانية .
                          ؛؛؛؛؛ وإلى اللقاء في الحلقة القادمة
                                            حول الملفات العالقة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق