الاثنين، 7 مايو 2012

المشهد الأخير ( الحلقة الثالثة )


                                      المشهد الأخير 

                                       خريف ليبيا
الحلقة الثالثة
            30-4-2012                                            بقلم : إبراهيم السنوسي أمنينه


هذه النماذج الأربعة من الحالات المرضية والشخصيات الهزلية الكوميدية هي الفئات التي تتركب منها شخصيات المجلس الانتقالي وما أفرزه من مجالس محلية وحكومة انتقالية ... مسرحية هزلية طال عرضها لم يسدل عنها الستار ، والمخرج هو الرئيس اللامنتخب ، وهو الذي ذهب إلى الجزائر واتفق مع عائلة الإمبراطور هناك .. عائلة الأرامل واللصوص – وبشرهم بأنه لن يسدل الستار على المسرحية الهزلية قبل ترتيب عودتهم للإقامة في ليبيا وبالتحديد في وطنهم الأم "البيضاء" وطن البراعصة لكي يعيشوا بسلام إن شاء الله .


ويطمئن السيد المستشار سيدته وربّة نعمته الإمبراطورة في المنفى Empress in Exile بأنه يعمل على تأجيل أو تأخير موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية إلى أجل غير مسمّى ذلك لكي يبقى على ذلك الكرسي الانتقالي ليفعل ما يشاء وما  يحلو له ويتم ما بدأه من ترتيب أوراق ويلعب لعبة الكراسي الموسيقية إلى أن يصل إلى مبتغاه وهو سرقة ثورة 17 فبراير  وتسليمها لهم في الوقت المناسب حسب ما اتفق عليه هو والإمبراطور المرحوم والسجين سيف الأزلام في منتصف فبراير 2011 عندما إستلم منه الحقيبة المترعة بملايين الجنيهات ليمنحها لشباب البيضاء مقابل ألا يتظاهروا يوم 17 فبراير إحياء لذكرى القتلى الشهداء يوم الجمعة 17 فبراير 2006 أمام للسفارة الإيطالية في بنغازي احتجاجاً على ما بدر من أحد النواب الطليان من إرتداء قميص عليه صور وعبارات تنال من سيد الخلق صلى الله عليه وسلّم .
والذي حدث أن شباب وشيوخ البيضاء – هذه المدينة التي تحتضن رفات الصحابي وعلى أرضها الزاوية السنوسية وجامعة محمد بن علي السنوسي – بشيوخها وشبابها رفضت رشوة الإمبراطور وردوه على أعقابه قائلين : قل للذي أرسلك أن شباب البيضاء لا يريد منك نقوداً إنما يريدك أن ترحل فقط !!
وكان ما كان بعدها من دماء أترعت وصوامع قصفت وأمهات ثكلت ونساء ترملت وأطفال تيتموا ، وحرائر اغتصبت ، ونفوس كُسرت ، وهامات تقّوست ، وأموال ضاعت ونهبت وفلول هربت إلى دول الجوار تحمل أموال الشعب المنهوبة اشترت بها مآوى لتأوى إليها ونفوساً مريضة تحميها .
وتحقق النصر بحمد الله والتكبير له نصر عبده وأعزّ جنده وهزم الكتائب وحده .
منذ يومين سمعنا عن خلاف حاد وسوء فهم بين الحكومة والمجلس الوطني الانتقالي ، وأن هناك إتجاه لإقالة وزارة الدكتور الكيب ، وكل من المجلسين يتهم الآخر بالتقصير .
الدكتور عبد الرحيم الكيب يتهم المجلس الانتقالي بوضع العراقيل أمام مجلس الوزراء ليتعثر في الأداء ولا يوجد مبرّر لذلك إلا توفير العذر والذريعة لتأجيل الانتخابات لكي تستمر الحالة الانتقالية للمجلس وتستمر الفوضى (حسب تصريح السيد الكيب) وأنا أوافقه الرأي لأن هذا التفسير يؤكد ما ذهبت إليه سلفاً من أن إحدى الخطوات المقترحة والمتفق عليها مع العائلة في الجزائر مؤخراً هي حالة اللاحراك ولا تقدّم ولا انتخابات ولا أمن ولا تفعيل للقضاء بل استمرار الفوضى لخلق المناخ المناسب لعودة الإمبراطورة الأرملة وأبناؤها والقطط السمان الهاربة .
وقبل ذلك بأيام استمعنا إلى الدكتور فتحي البعجة (بفانيلته الحمراء وصدره الفاتن) وهو يكيل للسيد المستشار بمكيال سيئ ، مكرّراً ذلك في هذه الليلة 26-4-2012 مما يؤكد أن الخلاف بين أعضاء المجلس قد تجذر وأصبح عميقاً ولا مجال للإصلاح ما بينهم إذ استشرت بينهم الفتنة وتعمقت الخلافات ، وخبثت النوايا  وفسدت الفطرة واقترب الشيطان من تحقيق مآربه ، واقترب  السيد الرئيس من إسدال الستار على المسرحية الهزلية وتسليم خشبة المسرح إلى الفرق الأخرى القادمة من الجزائر ومصر والنيجر ، لتدير المسرح وترفع الستار من جديد ولكن ليس على مسرحية هزلية كوميدية كما في السابق ولكن على تراجيديا اسمها "البؤساء" يستمر عرضها لعقود !!
نعود .. قبل ذلك بأيام شاهدنا واستمعنا إلى الدكتور محمود جبريل المستقيل منذ زمن وهو يقول – على شاشة العربية في حلقات مسلسلة (الذاكرة السياسية) – كلاماً خطيراً يهمّ الشعب أن يعرف مبعثه والهدف منه ومدى صدقيته . وقبل ذلك استمعنا إلى الدكتور الكيب وهو يشتكي من الدكتور محمود جبريل من أن هناك ملفات مهّمة بمواضيع خطيرة كان قد طلب من الدكتور جبريل العمل عليها وانجازها وتقديمها له (أي مجلس الوزراء) . على الهواء مباشرة يقول الدكتور الكيب ويؤكد أنه لم يستلم ورقة واحدة من تلك الملفات التي يؤكد جبريل أنه كان قد أرسلها إلى الكيب كاملة الدراسة للبت فيها .
وعلى الهواء مباشرة وفي اليوم التالي يظهر (نيافة) المستشار ليقول بالحرف : أنا شاهد على أن جبريل انجز العمل المطلوب منه في الفترة التي كان يشغل فيها منصب مدير المكتب التنفيذي ، وقام بتسليمها إلى الكيب .
والخلاصة الرديئة هي : الدكتور الكيب يقول أن دكتور جبريل (كذاب) والسيد المستشار يقول أن الدكتور الكيب (كذاب) وأن جبريل سبق أن صرح على شاشة العربية منذ أسبوعين بأن المجلس فاشل ، وهناك علامات استفهام حول الذمة المالية لأعضائه ، وعلامات استفهام حول توجهات وأهداف رئيسه ؟ ويتابع الدكتور جبريل في تصريحه للعربية : إن المجلس ضعيف ومفككّ . وأنا أقول : يا سلام ! ده أيه الهنا اللّي ليبيا فيه!!
وقبل شهور قليلة استمعت إلى الدكتور علي الترهوني صاحب حقيبة المالية والنفط ، وهو يتهم المجلس الانتقالي ورئيسه وأعضاءه بالتقصير والإهمال في نواحي خطيرة وكثيرة مثل سرقة ونهب البلاد ، وبيع النفط في عرض البحر وقبض ثمنه دون أن يمر على القنوات التقليدية والمستندية أو حتى العدّدات التي يُضخ من خلاها النفط !!
وقبل شهور نشرت صحيفة (قورينا) قائمة بأسماء أشخاص محسوبين على المجلس الانتقالي الوطني استلموا أموالاً في (شكل) قروض بعشرات أو مئات الألوف من الدينارات نشرت على شكل كشوفات حسابات بطباعة حاسوب صادرة عن مصرف التجارة والتنمية ذلك أيام انعدام السيولة النقدية في المصارف وطوابير المحتاجين للسحب من أموالهم المحجوزة في حساباتهم – مما تسبّب في ارتكاب جرائم قتل وسرقة ناتجة عن تلك الظاهرة .
بعيد اغتيال الشهيد عبد الفتاح يونس ، كنت قد استمعت إلى الدكتور المستقيل أو المقال علي العيساوي في إحدى القنوات الليبية وشاهدته وهو يقسم بالله بأنه لم يتورط في قضية مقتل المرحوم عبد الفتاح يونس وأن لديه الدليل والبرهان اليقيني على أن أشخاصاً آخرين هم الذين قاموا باغتياله ، سوف يدلي بشهادته ويقدم الأدلّة على ذلك إذا طلب إليه .
والسؤال هو : لماذا لم يطلب إليه الإدلاء بشهادته ؟
قبل حوالي شهرين إستمعت إلى وشاهدت المذيع نزار المتجول في قناة ليبيا أولاً يسأل صاحب النيافة المستشار : أرجو أن يكون الجواب سيدي المستشار على السؤال التالي بنعم أو لا لأن الوقت داهمنا . والسؤال هو : هل لديكم رغبة في الاجتماع بالأخوة المعتصمين بميدان الشجرة ؟ ويقاطع السيد المستشار المذيع قبل أن يكمل النطق بكلمة الشجرة ، قائلاً بحسم : لا .. لا .
بالله عليكم أي سياسة هذه ؟ وأي رئيس هذا ؟
يقول أبو العلاء المعرّي :
يسوسون البلاد بغير عقل  ***   فينفـذ أمرهـم يقـال ساسة
فأفّ من الحياة وأفّ مني  ***  وأفّ من زمن رئاسته خساسة
قام مجهولون منتصف ليل البارحة 26-4-2012 بتفجير محكمة شمال بنغازي بميدان الشجرة ، والتي كانت قبل ذلك مقراً لمحكمة استئناف بنغازي والتي احترقت ونهبت أراشيفها في الأيام الأولى لثورة 17 فبراير 2011 . ترى من له المصلحة في هذا التخريب ؟ وفي اعتقادي أن صاحب المصلحة الحقيقية هو الذي أوعز بفعل ذلك لكي يتحقّق هدفان :
الأول هو المضّي في عدم تفعيل القضاء واستمرار تعطيله . والثاني هو تأجيل الانتخابات إلى موعد غير محدّد ، وهذا ما يبتغيه السيد رئيس المجلس وأزلامه ، وبذا يزداد الشعور الدولي تأكيداً بانعدام الأمن وغياب العدالة في ليبيا ، ومن ثم تمتنع محاكمة سيف الأزلام في ليبيا مع بقايا زمر ورموز النظام المباد ،  ويمتنع تسليم المجرم عبد الله السنوسي من قبل دولة موريتانيا إلى ليبيا ، وكذلك اللاجئين من فلول الطاغية إلى مصر والنيجر والجزائر وتشاد والمغرب والبلد التي لجأ إليها المغتصب البغدادي المحمودي سواء كانت تونس أو أفريقيا الوسطى – ذلك بحجّة غياب القانون والعدالة وعدم استقرار الوضع الأمني في ليبيا – وهو المطلوب !
ما المطلوب ؟
المطلوب هو نشر الفوضى ، انعدام الأمن ، عدم الثقة في الثورة ، إرتكاب الجرائم ، والنهب والخطف والاغتصاب ، انتشار السلاح ، إطلاق النار العشوائي ، التهديد بالسلاح والسرقة بالإكراه ، الهجوم بالسلاح على السجون وتخليص المحكومين بأحكام جنائية ، توقف الأعمال وتقديم الخدمات الضرورية للمواطنين ، وتطال هذه الفوضى أمن المصارف لعدم توفير الحراسة ، ظهور مشاهد خطيرة مثل العربات تسير على الطرق لا تحمل لافتات بأرقام ترخيص بالتجول مما يسهّل هروب واختفاء سائقها على أثر ارتكاب جناية اختطاف أو سرقة أو حتى قتل خطأ أو بالقصد الجنائي ، كيف يتم العثور عليه وأداة الجريمة لا يوجد لها أثر لعدم وجود لافتة برقم رخصة تجول . وهكذا تنتشر الجريمة بأنواعها لعدم توفر الأمن بتفعيل القضاء والعدالة بأجنحتها الثلاثة : شرطة + نيابات + محاكم بمستوياتها الثلاث : ابتدائي (أول درجة) واستئناف وعليا . وهذا هو المطلوب لأنه إن تحقّق ذلك فإن الطريق سوف تكون ممهّدة سالكة لعودة المجرمين الأوائل وأزلامهم بمساعدة المجلس – وأقولها صراحة – المجلس الانتقالي بما فيه من متسلقين كانوا من سدنة وأعوان النظام المنهار – أقول تكون الطريق ممهدة وسالكة لعودة المجرمين الأوائل وأزلامهم بمساعدة دول الجوار التي أعانتهم وآوتهم وتأخرت طويلاً بالاعتراف بالثورة ورفضت حتى التحفظ على أموالهم أو تجميدها وهي استثمارات الشعب الثائر  ومن حقه استرجاعها بالكامل .
وأنا لست من المتشائمين ، بل مع القائلين تفاءلوا بالخير تجدوه ، إلا أن كثرة قراءتي للتاريخ ومحاولاتي لتفسيره ، خلقت عندي نوعاً من الحساسية المفرطة التي تعزز التشاؤم عندما أفرش أوراق الثورات على الطاولة وأبدأ في المقارنة بينها أي ثورة 17 فبراير والثورة الفرنسية والذي حدث هو أنني اصطدمت بالكثير من التشابه بين ثورتنا 2011 والثورة الفرنسية 1789 .
؛؛؛؛ وإلى اللقاء في الحلقة القادمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق