الأحد، 18 نوفمبر 2012

المعادلة حول انقلاب 17 فبراير

 
المعادلـة The Equation
حول انقلاب 17 فبراير
11-11-2012                                
الحلقة العاشرة                              بقلم : إبراهيم السنوسي أمنينه
علامات استفهام وأولويات وتصرفات مشبوهة في غير محلّها
لإنقلابْ فبراير 2011
حول أولويات مهملة من قبل الحكومة والمجلسين الإنتقالي والقومي – تأجيل المواضيع العاجلة والتعجيل في تبني قوانين وقرارات مشبوهة ولا داعي لها .
تصرفات في غير محلها تثير الشكوك وتنفض الغبار عن أجندات أجنبية خطيرة تمهد لعودة النظام المنهار بهياكله وأزلامه
1- وكانت تسمّى ثورة 17 فبراير، فكيف حدث ذلك ؟
لا يختلف إثنان من أن إنقلاب سبتمبر 1969 كان بكل المقاييس عبارة عن مؤامرة حنث في يمين الولاء للوطن وعهد بالمحافظة على النظام من قبل زمرة ضالة وطائشة من صغار ضباط الجيش تدعمها دولة عظمى، ولم تكن ثورة شعبية وطنية، وكنا قد ذكرنا ووثقنا هذه الحقيقة في سلسلة من المقالات نشرت على مدونتنا على الشبكة العالمية للتواصل بعنوان (ذاكرة الأيام) خلال العامين 2011 و2012 .
2- أما فيما يتعلق بثورة 17 فبراير 2011، والتي أضحت بمرور الأيام تسمّى بحق انقلاب 17 فبراير، فالأمر مختلف تمام الاختلاف حيث أن مخاضها كان قد بدأ بعد مرور أربعة أشهر على انقلاب سبتمبر 69، أي خلال أربعة أشهر – أي خلال شهر ديسمبر 1969 – توالت بعده الكثير من المحاولات الانقلابية التي تم قمعها كلها في مهدها وتلتها سلسلة من التصفيات لعدد من شخصيات المعارضة في الخارج، وحبس المخالفين في الرأي والفكر في الداخل وذلك بدون محاكمات حتى انتهت حياتهم بإعدامهم جملة واحدة وبدم بارد خلال شهر يونيو في العام 1996 وكان عددهم يربو على 1269 سجين كلمة أو فكر أو معتقد !!!
3- بداية شهر فبراير 2011 تنادي الليبيون على شبكة التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) وتم تحريضهم على التظاهر للتعبير عن سخطهم واحتجاجهم على ما حدث للمتظاهرين منهم يوم الجمعة 17 فبراير 2006 من قمع وتقتيل من قبل رجال الأمن في بنغازي بأوامر مباشرة صدرت من إمرأة تدعى هدى بن عامر، وها هي الذكرى الخامسة تمر على تحدّي أحد وزراء إيطاليا لمشاعر المسلمين بارتدائه لقميص يحمل رسماً ينال من قدسية النبي الذي أرسل للعالم كافة : محمد صلى الله عليه وسلم – مما أغاظ وأثار حفيظة الشعب الليبي واستفزّه فقرّر الانتقام لكرامة سيد الخلق نيابة عن مسلمي العالم، فانتفض على النظام خاصة بعد ظهور القذافي على شاشات التليفزيون الليبي ينتقد الشعب التونسي ويهاجمه لثورته على (صنيعته) و(عميله) زين العابدين، ويطالبه أي الشعب بتحكيم العقل، وينصحه بأن الرئيس بن علي هو أفضل من يحكم الشعب التونسي ناصحاً إياهم بالانتظار حتى عام 2013 عندما تنتهي ولايته كرئيس (منتخب) ؟؟ وإلى أن يتم ذلك، يمكن للسيدة الأولى (ليلى الطرابلسي)، وكأنه ولي أمر ذلك الشعب معلناً وصايته عليه، أن تتولى زمام الحكم بدلاً منه !! (وذلك إحترازاً من حدوث حراك وسريان عَدْوى الحراك التونسي إلى ليبيا) – ولو أن ذلك في رأيه من رابع المستحيلات لكن الاحتياط واجب !!
وكان موعد الثوار والثورة هو يوم 17 فبراير 2011 حيث انتهت الإرهاصات وفار التنّور .. وتقدم الثوار الأشاوس لا يلوون على شيء بصدور عارية وبدون سلاح أو قيادة وسقط الكثير من الشهداء واستجاب لهم في الحال السكان في مدن الشرق : المرج والبيضاء ودرنه وشحات وطبرق وبعد ذلك استجابت معظم مدن الجبل ومصراته والغرب بعد أن سقط العديد من الشهداء مقدمين أرواحهم قرابين للحرية . وبعد أن استمرت هذه المذابح والمجازر واغتصاب الحرائر في أجدابيا ومصراته والزاوية وازواره وطرابلس والجبل الغربي الأشم وفي مرسى البريقة وراس لانوف، وبترت الأطراف نتيجة لنشر الألغام وبعد تخريب المنشآت النفطية ومنشآت النهر ومحاولات تسميم المياه واستمرت هذه الأرواح تصعّد إلى بارئها وغصت المستشفيات داخل البلاد وخارجها بالجرحى والمصابين وبعد تدمير مطارات البلاد بل وطائراتها المدنية الرابضة بها وبعد حرق ودفن المجاهدين من الأسرى الثوار في حفر عميقة في الصحراء، وحرقهم للبعض وتقييدهم وحبسهم في حاويات ثم إغلاقها عليهم .
والذي حدث في خزان مياه سرت حيث قُيّد عدد كبير من الأسرى من الثوار وقُتلوا ثم ألقي بهم في ذلك الخزان المليء بمياه الشرب العذبة، ولما تم قصف الأنابيب التي تزوّد ذلك الخزان بالمياه مع إستمرار استهلاك تلك المياه وتوقف التزويد فرغ تماماً وظهرت جثث الشهداء من المجاهدين منتفخة متحللة .
واحتجنا إلى إجراء فحوصات الـ DNA للتعرف على هوّيات وذوي أولئك الشهداء في ذلك المكان وغيره في ليبيا حتى على الحدود مع الجزائر ولا يزال مصير المفقودين مجهولاً حتى اللحظة .
وبعد مرور ثمانية أشهر تحررت مدينة طرابلس في العشرين من شهر أكتوبر 2011 وبذا اعتبرت ليبيا كلها شرقها وغربها وجنوبها وجبالها .. قد تحرّرت .
4- ما الذي حصل وما الذي دعا إلى هذا التحول الخطير في التسمية من ثورة إلى انقلاب ؟؟
وقبل أن نلج في هذا العنكبوت من الأسباب والمسبّبات في الفوضى التي وصلت إليها إدارة (أزمة ليبيا)، دعوني أذكر شيئاً عن آخر القرارات العقيمة أو القوانين المتفسخة التي صدرت عن الحكومة الحالية عديمة الشفافية سيئة النيّة :
صدر مؤخراً قرار أو قانون يفرض بموجبه طلب الإذن بالاعتصام أو التظاهر من الجهات الأمنية قبل الموعد بـ 48 ساعة مع تحديد الغرض من الاعتصام أو التظاهر وكذلك المكان أو الشوارع التي تمر منها المظاهرة !!!
كما صدر في نفس الوقت تقريباً قرار أو قانون يحتم على الليبيين إعادة عقارب الساعة ستين دقيقة إلى الوراء لتطبيق التوقيت الشتوي . 
ولنا تعليق على ما تقدم :
أولاً : إن فرض الإذن بالاعتصام أو التظاهر يعني فتح الباب أمام إمكانية رفض الطلب في أول حالة وذلك توطئة لحظر مبدأ الاعتصام أو المظاهرات من الأساس مرة واحدة، وهذا ما سوف يحدث .
ثانياً : لا أستطيع أن أتصور كيف لحكومة لم تقسم اليمين بعد، أن تصدر قانوناً أو حتى قراراً يعالج موضوعاً كالاعتصام أو التظاهر أو تطبيق التوقيت الشتوي بإعادة عقارب الساعة ستين دقيقة للوراء .
وبغض النظر عن الجهة التي أصدرت ذينك القرارين وعدم شرعيتها فإن القرارين أو إن كانا قانونين لا سند لهما بدستور قائم، حالة كون حكومة السيد الكيب تعتبر ولايتها منتهيه ولا شرعية لها بمجرد انتخاب الحكومة الجديدة برئاسة السيد زيدان .
وإن كانت الحكومة الجديدة المنتخبة والمؤيدة من قبل المؤتمر القومي العام هي الجهة التي أصدرت ذينك القرارين أو القانونين فإنه لا صحّة لهما ولا شرعية ولا قوة نفاذ لأن الحكومة الجديدة لم تقسم اليمين أمام المؤتمر بعد، ولا يغيّر من ذلك تكليف الوكلاء الحاليين بتسيير دفة الأمور في الحكومة المنتهية ولايتها باعتبار ذلك تحايلاً وأن تفويض وكلاء الوزارات لا يشتمل على إصدار القوانين بل التسيير الإداري الروتيني فقط .
5- وعودة إلى موضوع قانون ضرورة أخذ الإذن للاعتصام :-
يقول عنترة بن شدّاد العبسي في مطلع معلقته :
هل غادر الشعراء من متردّم              أم هل عرفت الدار بعد توهّم ؟
هل أخذ الثوار الإذن من اللواء علي هويدي واللواء السنوسي الوزري والتشادي عبد الله السنوسي صهر معمّر، أو المخبول الساعدي أو سيف أبيه يوم انتفاضتهم وتجمعهم أمام السفارة الإيطالية في بنغازي يوم الجمعة 17 فبراير 2006 احتجاجاً على إهانة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حيث سقط الثوار برصاص المذكورين وبإيعاز من الراهبة هدى بن عامر ؟ بالطبع لا !!!
وبعد ذلك بخمس سنوات وبالتحديد في 17 فبراير 2011، نتساءل هل أخذ عادل الحاسي والمهدي زيو، ونبّوس وتربل وغيرهم من الأحياء والشهداء الإذن من المذكورين أعلاه أم كانوا قد عرفوا الدار أي (الكتيبة) بعد طول توهمّ، ثم هاجموها ودمّروها وأصبحت قاعاً صفصفاً بفضل الله ؟ والمغزى هو أن ثوار ليبيا لاسيما الشهداء منهم كانوا قد أرسوا القاعدة الذهبية التي تقول :لا ضرورة ولا جدوى لأخذ الإذن من الحكام الظالمين للتعبير عن طلب الحرية باعتصامات أو تظاهرات أو اضرابات بل اختطاف الحرية من أيديهم كما يختطف العقاب فريسته ويطير بها ليقضي عليها ، لأن الأصل هو أن الحرية تُفتكّ لا أن تُطلبْ .
أيها الحكام أيتها المجالس :
إن من تبقى من الثوار على قيد الحياة لقادرون على تكرار ما فعل الشهداء بدون سلاح حيث انتزعوا الحرية ممن هم أقوى منكم وأشدّ طغياناً وأوردوهم قيعان المهالك فخذوا حذركم، لأنهم اليوم يملكون ليس الإرادة فقط بل السلاح أيضاً، أو ليس لكم في اقتحام مجلسكم المتهالك ومحاصرتكم وفرض إرادتهم عبرة تُعتبر ؟
إتقوا الله يا حكومة الفرز والتهميش
ونهب الأموال وقهر الرجال
واتقى الله يا مجلس المركزية الجبان
قال الإمام علي بن أبي طالب :
أشدد حيازيمك فالموت لاقيك ولا تجزع منه إن جاء واديك
وقال أيضاً :
انتهزوا الفرصة فإنها تمرّ مرّ السحاب ولا تطلبوا أثراً بعد عين
وقال حكيم آخر :
انتهز الفرصة فإنها خلسة ، وثب عند رأس الأمر  ولا تثب عند ذنبه
والآن نتحدث عن الأولويات التافهة لمجلس وحكومة إنقلاب 17 فبراير ومواضيعه المطروحه  فقط في صالونات ومرابيع النقاش واتخاذ قوانين وقرارات بشأنها مثل موضوع الاعتصام والتوقيت الشتوي دون الاستعانة بالخبراء والمتخصصين بتلك الشؤون .
تحدثنا فيما سبق من سطور  عن قرار أو قانون (تقنين) الاعتصام والتظاهر وأوضحنا مخاوفنا مما يهدف إليه هذا القانون أو القرار .
أما الآن فسنتحدث عن القرار أو القانون المتعلق بتطبيق التوقيت الشتوي الذي يقضي بتأخير عقارب الساعة 60 دقيقة اعتباراً من يوم السبت 10 نوفمبر الجاري ، فنقول :
أولاً :- يجب أن لا يعتبر تغيير التوقيت من الأولويات ومن بين المواضيع المطروحة إذ لا يشكل أي عائق لمشاريع التنمية والتطور ولم يكن أبداً مصدر إزعاج أو قلق لسكان ليبيا شرقاً وجنوباً وغرباً ، وذلك بسبب موقعها على البحر المتوسط ولا حاجة لتأخير التوقيت في الشتاء أو تقديمه في الصيف وذلك لإعتدال المناخ . إن الإعلان عن التوقيت الشتوي كان مدعاةً للتندّر عندما قام بفرضه النظام المنهار في الثمانينيات ، وأؤكد على ذلك فنقول :
إن ليبيا كانت متخلفه مدة 42 سنة يوم قيام ثورة 17 فبراير ، أما اليوم وبعد مرور 21 شهراً من ثورة 17 فبراير يصبح زمن التخلف بالساعات : 42 عام + 21 شهر + ساعة ، وبصورة أكثر دقة :


42 عام X 12 شهر X 30 يوم X 24 ساعة = 362880 ساعة تخلف
21 شهر X 30 يوم X 24 ساعة               = 15120 ساعة تخلف زائداً ساعة تأخير بسبب اختراع التوقيت الشتوي الجديد فيبقى عدد ساعات التخلف بالنسبة لليبيا في عهد 17 فبراير = 15121 ساعة تخلف .
ثانياً :- يتحتم طرح مواضيع ومشكلات تكون بالفعل أولويات مثل ملف الجرحى وتسليم الأسلحة وتفعيل القضاء والشرطة والشروع في تأسيس الجيش الوطني وإقامة حرس الحدود وحرس المنشآت وتعجيل محاكمة رجالات العهد المباد المقبوض عليهم وكيفية التعامل مع الدول التي تؤوي سدنة النظام وأزلامه مثل فرنسا التي تؤوي صندوق القذافي الأسود (بشير صالح) ، والجزائر التي تؤوي هانيبعل المطلوب دولياً وعائشة القذافي التي رصدت مبلغ 5 ملايين دولار أو دينار لا أذكر لمن يقتل أحد (الجرذان) الذين قتلوا أبيها ، وبرّت بوعدها عندما تم خطف الشاب الثائر عمران جمعة شعبان وتعذيبه واستخلاص نخاعه الشوكي إلى أن فقد حياته ، وقبض الجناة المكافأة المعروضة ، كذلك محمد معمر لص الإتصالات الذي هرّبه اللص الكبير الذي سرق ثورة 17 فبراير ، الذي حكم ليبيا مدة 20 شهر وغيّب خلالها الأمن والعدل وأشاع الفوضى والسرقة والاغتيالات وسرق من بين ما سرق هو وعصابته ما لا يقل عن 90 مليار دولار ، وأمر بقتل الشهيد رئيس أركان جيش ليبيا وقدم إستقالته واختفى كما اختفى يوم الأرتال 19 مارس 2011 والآن هو مطلوب من قبل المحكمة التي شُكلت للنظر في الدعوى المرفوعة لمعرفة من الذي قتل عبد الفتاح يونس .
والمغرب إن كان لا يزال يؤوي الخويلدي وولديه أبطال مذابح الزاوية . والنيجر التي تؤوي المخبول الساعدي والكادر المرافق له . وجارتنا مصر التي تؤوي أحمد قذاف الدم مع المئات من أزلام النظام السابق الذي يموّل عصابات التخريب والخلايا النائمة في شرق ليبيا للقيام بالتفجيرات والاغتيالات وآخرها محاولة تفجير سجن الكويفية  والعثور على عدد 90 لغم لتفجير سور السجن حسب اعترافات المجرمين الذين تم القبض عليهم وذلك على سبيل المثال لا الحصر .
تلك هي الأولويات التي يجب طرحها على طاولة البحث والقرار وليس المواضيع التافهة مثل التوقيت الشتوي الذي نقول فيه ما يلي لكي تتثقفوا قليلاً يا أمة ضحكت من جهلها الأمم :
إن مشروع التوقيت الشتوي لا يخدم إلا الكسالى الذي يفضلون النوم ويغطون في سبات عميق وعندما يسمعون وعندما يسمعون آذان الفجر وفيه نداء يقول :
الصلاة خير من النوم ، فإنهم يجذبون اللحاف وينقلبوا على الجانب الآخر ويغطون رؤوسهم قائلين :
حتى النوم ما عندك ما تقول فيه يا بوصاحب .
وأنا أقول : إن الاستيقاظ المبكر يزوّد الجسم بطاقة كافيه نتيجة الاستفادة من غاز الأوزون الذي يغلف القشرة الأرضية طيلة الفترة من الفجر  إلى طلوع الشمس فهو الذي يمنح الطاقة اللازمة ، وبعد بزوغ الشمس يختفي هذا النوع من الغاز ويتبخّر .
وهذه هي الحكمة من النصح بعدم العودة إلى النوم بعد صلاة الفجر والانتظار حتى طلوع الصبح وصلاته ، ولذلك فإن أكثر أنواع الرياضة الخفيفة التي ينصح بها الأطباء وخبراء التغذية مثل المشي فائدة وصحة تكون ما بين صلاة الفجر وصلاة الصبح أو قراءة القرآن : 
سم الله الرحمن الرحيم ﴿إن قرآن الفجر كان مشهودا صدق الله العظيم (الإسراء : آية :78)



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق