الثلاثاء، 24 يوليو 2012

ليبيا تنتخب أم هي تنتحب الحلقة الخامسة


ليبيا تنتخب أم هي تنتحب
الحلقة الخامسة                          بقلم : إبراهيم السنوسي أمنينه
24-7-2012  
وبعد تلك الحادثة حدثت ثورات وفتن وخطوب، وأقفلت على أثر ذلك جميع فروع حزب المؤتمر الوطني المنتشر في طول البلاد وعرضها وعّطلّت الصحف وصُودرت الحريات كافة .
3- هو الذي لم يراع أسس المساواة في عدد المقاعد بين الأقاليم الثلاثة فسمح لإقليم فزان بـ 38 مقعداً ولإقليم بنغازي بـ 60 مقعداً ولإقليم طرابلس بـ 102 مقعداً .
يعني : 19% فزان            30% بنغازي           51% طرابلس
يعني نسبياً 5 : 15 : 35
أي أن التمثيل في المؤتمر الوطني هو على أساس عدد السكان ليس على التمثيل الإقليمي المتساوي للأقاليم الثلاثة أساس  .
ويذكّرني هذا بيوم صدور قرار عن الأمم المتحدة بأغلبية ساحقة بتاريخ 21 نوفمبر 1949، وينص على : (وأصبح هذا اليوم عطلة رسمية للدولة ثم ألغاه انقلابيو سبتمبر 69) .
1- أن ليبيا أي (برقة وطرابلس وفزان) تصبح دولة مستقلة ذات سيادة .
2- يتحقق هذا الاستقلال بأسرع ما يمكن، ويجب ألا يتأخر عن أول يناير 1952 .
3- يجتمع مندوبون عن برقة وطرابلس وفزان بشكل جمعية وطنية ليقرّوا دستوراً للبلاد .
4- تعين الجمعية العامة للأمم المتحدة مندوباً عنها في ليبيا وتختار مجلساً يساعده، والغرض من ذلك مساعدة الليبيين في سن الدستور وإنشاء حكومة مستقلة .
5- يقدم مندوب الأمم المتحدة في ليبيا بالتشاور مع المجلس تقريراً سنوياً أو أي تقارير خاصة إلى السكرتير العام للأمم المتحدة .
6- يتألف المجلس من عشرة أعضاء على الأسس التالية :
( أ ) ممثل واحد تعينه كل من الدول التالية :
مصر – فرنسا – إيطالية – الباكستان – بريطانيا – الولايات المتحدة .
( ب ) ممثل عن كل من الأقاليم الليبية : برقة – طرابلس – فزان، وممثل عن الأقليات المقيمة في ليبيا (يهود وإيطاليون ويونان ومالطيين) .
7- بعد استشارة الإدارات القائمة في ليبيا وممثلي الدول المذكورة في الفقرة السابقة وأعيان البلاد، وممثلي الأحزاب السياسية، يعين مندوب الأمم المتحدة الممثلين الأربعة عن الأقاليم الليبية والأقلية المقيمة في ليبيا .
بالإضافة إلى هذا كله تضمن قرار الأمم المتحدة وجوب إعداد اللازم لنقل السلطات من الإدارات القائمة في كل ولاية من الولايات الثلاث إلى الحكومة الليبية المستقلة عند قيامها ، وتم تعيين المستر أدريان بلت (الهولندي) مندوباً للأمم المتحدة في ليبيا . 
وصل مندوب الأمم المتحدة المعيّن إلى ليبيا يوم 18 يناير 1950 وأخذ يتنقل في أنحاء البلاد متعرفاً إليها دارساً ومستشيراً، ثم أتصل بالحكومات الست المذكورة آنفاً لتعيّن هذه الدول مندوباً للمجلس كما نص عليه القرار آنف الذكر، والصادر من الأمم المتحدة يوم 21/ نوفمبر 1949. وفي 5 أبريل 1950 اجتمع هؤلاء في جنيف حيث وضعوا النظام الداخلي للمجلس، بعد ذلك انتقلوا إلى طرابلس التي كانوا قد اتفقوا على أن تكون مركز العمل . وأخذ المندوب يبحث مع المجلس قضية تشكيل اللجنة التحضيرية التي تختار بدورها الجمعية الوطنية التي ستقوم بوضع الدستور . وقد بدت مشاكل كثيرة تتعلق باللجنة التحضيرية، منها هل تختار اللجنة على أساس الانتخاب ؟ هل ذلك صالح في الظروف القائمة والإدارة أجنبية عن البلاد ؟ وهل يمكن تطبيق المبدأ الانتخابي في جميع أجزاء البلاد ؟ وهل يكون ذلك على أساس النسبة العددية ؟ أم يجب أن يكون التمثيل في هذه اللجنة بأعداد متساوية للأقاليم الثلاثة في ليبيا ؟
وبعد مناقشات واجتماعات دامت حتى أواسط شهر يونيو من نفس العام 1950، أقر المجلس اقتراحاً تقدم به مندوب الباكستان (جملة إعتراضية) ملحوظة موجهة في منتصف الطريق إلى السيد (المستشرّ) بأن الموضوع ما زال يتصل بك وبانجازاتك أنت والعصابة التي تتولّى أمرك وأنت تأتمر بما تمليه عليك وتنفّذ على شكل قرارات يصيغونها وتمهرها بتوقيعك وتصبح سارية المفعول إعتباراً من قرار إغتيال قائد أركانك إلى آخر قانون صدر عنك بعدم المساواة في مقاعد المؤتمر الوطني الذي جرى الاقتراع على مرشحيه إعتباراً من يوم 7/7/2012 واستشهد بسبب ذلك القرار من استشهد .
ونواصل : في أواسط شهر يونيو 1950 أقر المجلس اقتراحاً – تقدم به مندوب الباكستان – أساسه أن يتشاور المندوب مع السيد إدريس السنوسي رحمه الله الذي كان آنذاك أميراً معترفاً به على برقة اعتباراً من 1/6/1949، وهو اليوم بصدد تحديد البلاد بأقاليمها الثلاثة وينتزع استقلالها كاملاً ويكون بإذن ملكاً عليها – نقول أن المجلس قرّر أن يكلف مندوب الباكستان أن يتشاور مع السيد إدريس ليختار سبعة ممثلين عن برقة، وأن يتشاور نفس المندوب مع أحمد سيف النصر رئيس إقليم فزان ليختار سبعة ممثلين عن فزان، أما فيما يتعلق بطرابلس فيتشاور نفس المندوب الباكستاني مع الزعماء السياسيين فيها ليقدّموا له لائحة بأسماء سبعة من الأشخاص البارزين في المنطقة (يعني إقليم طرابلس) وتعرض هذه اللائحة على المجلس، ومتى تم إقرارها دعي هؤلاء إلى الانضمام إلى ممثلي برقة وفزان، فيكون عندها "لجنة تحضيرية" هي "لجنة الواحد والعشرين" الذي يجب أن تجتمع في تاريخ لا يتجاوز اليوم الأول من شهر يوليو 1950، وهذه اللجنة هي التي تضع القواعد الواجب إتباعها في سبيل الحصول على ممثلين لليبيا يكوّنون الجمعية الوطنية، التي يقع على عاتقها وضع الدستور الليبي .
غير أن هذا القرار الذي اتخذه المجلس (الذي تشكل من ستة دول حسب ما ورد في الفقرة ( أ ) من البند (6) من قرار هيئة الأمم المتحدة الصادر بتاريخ 21/ نوفمبر 1949 الذي وافقت بموجبه وبأغلبية ساحقة على منح ليبيا بكافة أقسامها استقلالها التام في موعد لا يتجاوز يناير 1950 – قلنا إن هذا القرار الذي اتخذه هذا المجلس كان مخالفاً بالمرة لرأي مندوب هيئة الأمم المتحدة ألا وهو (الهولندي المستر أدريان بلت) الذي كان يريد إتباع طريقة الانتخاب لكل هيئة ذات صلة بالدستور.
وكان المندوب المعني يريد أن تقوم هذه اللجنة المكلفة والمنوه عنها أعلاه – نفسها بوضع الدستور وليس تكليف من يقوم بذلك عن طريق اختيار سبعة من الأشخاص  البارزين من كل ولاية عن الولايات الثلاث ليكونوا لجنة تحضيرية هي لجنة الواحد والعشرين كما سبق وأن بيّنا.
هذا القرار دل على تفهم لجميع الملابسات للقضايا المختلفة التي كانت تحيط بهذه الخطوات في سبيل وضع دستور جديد كبلد مثل ليبيا ورغم ذلك فهناك مشكلة أخرى ظلّت قائمة وهي أن أكثرية أعضاء المجلس بما في ذلك مندوبا مصر والباكستان، كانت ترى وجوب اختيار ممثل للأقلية الأجنبية (الإيطالية) في ليبيا ضمن لجنة الواحد العشرين، غير أن ممثلي ليبيا أنفسهم رفضوا ذلك رفضاً باتاً، وكذلك حاولا ممثلا مصر والباكستان تولي إقناع الزعماء والمسئولين بوجوب تمثيل الأقلية في لجنة الواحد والعشرين حرصاً منهما  (أي مصر والباكستان) على السير في سبيل تحقيق الاستقلال لليبيا (؟) ، ساهم في هذه الجهود المندوب الهولندي بذاته (أدريان بلت) المكلف من هيئة الأمم المتحدة بتقديم استشارات في تقارير ترفع للأمم المتحدة للنظر فيها ضمن فترة زمنية محدّدة . وفي 24/ يونيو 1950 أشار المجلس على المندوب – بناءً على تحفظ بدأ من سمّو أمير برقة، بأن مساهمة الإيطاليين في لجنة الواحد والعشرين لا يمكن أن يعتبر سابقة فيما يتعلق بمساهمتهم في أي هيئة تعمل في سبيل ضع الدستور الليبي ! وقد أنشئت في برقة لجنة خاصة لدرس هذه القضية، وفي 27/6/1950 أبلغ رئيس وزراء برقة المندوب وجهة نظر هذه اللجنة التي يمكن تلخيصها في أن مساهمة ممثل للأقلية الإيطالية لا يمكن أن تعني مشاركة الإيطاليين أو أي أقلية أخرى في أي هيئة دستورية أو منظمة حكومية في المستقبل . وترى اللجنة أن الدستور الليبي سيحافظ على الحقوق المدنية لجميع الأجانب . ولا ترى اللجنة مانعاً  في سبيل تيسير الأمور، أن يكون أجنبياً ممثلاً للأقليات في لجنة الواحد العشرين على شرط أن يقبل الطرابلسيون بذلك، وأضافت اللجنة البرقاوية أمرين : الأول هو أن يترك للجنة الواحد والعشرين أن تقرّر فيما إذا كانت ترغب في أن يكون ممثلاً للأقليات في الجمعية الوطنية، والثاني أن الشكل الذي تميل اللجنة إلى الأخذ به فيما يتعلق بحكومة ليبيا المستقبلية هو النوع الاتحادي . (الفيدرالي) . وابتدأ المندوب حالاً في اختيار الممثلين السبعة من طرابلس، أو على الأصح المشاورات في سبيل اختيارهم .
وقد كان في طرابلس وقتها تسعة أحزاب سياسية، أكبرها وأوسعها انتشاراً وأقواها نفوذاً هو حزب المؤتمر الوطني . ثم يلي ذلك الجبهة المتحدة والحزب الوطني الطرابلسي حزب العمال وحزب الأحرار لجنة تحرير ليبيا . هذا فضلاً عن الأحزاب التي كان أعضاؤها من الأقليات الإيطالية واليهودية . مع أن اثنين من الأحزاب – حزب الاستقلال، وحزب الكتلة الوطنية الحرّة – رفضا تقديم أي أسماء – فإن الأحزاب الرئيسية الأخرى قدمت جداول متشابه بأسماء الممثلين بما في ذلك اسم الممثل للأقليات . وبعد درس الجدال قرّر المجلس اختيار سبعة يمثلون طرابلس! 
وفي 27/ يوليو 1950 عقدت لجنة الواحد والعشرين اجتماعها الأول في طرابلس، برئاسة الشيخ أبو الأسعاد العالم – مفتي طرابلس – وبدأت المناقشات حول عدد من المسائل : مثل قضية النصاب والأكثرية . "ونذكّر بأننا بدأنا هذه المقالة بقولنا أنه يتحتم علينا فتح ملفات لمعرفة من تسبّب في مقتل الشهيدين طارق الفيتوري ومحمد منير العبيدي في يوم 8/7/2012 ونحن بصدد ذلك" – وموقف ممثلي الأقاليم الليبية الثلاثة من شكل الحكومة ومنها رئاسة الدولة المقبلة، وقد اتضح أن الجميع كانون متفقين على أن تكن رئاسة الدولة للأمير السيد محمد إدريس السنوسي – ولكن بينما كان الطرابلسيون يطالبون بالتمثيل للجمعية التأسيسية على الأساس العادي للسكان، كان البرقاويون والفزانيون يطالبون بالتمثيل الإقليمي المتساوي . كذلك رغب الطرابلسيون في الدولة الموحدة بينما طالب الممثلون من فزان برقة بالدولة الاتحادية "أي الفيدرالية" . أما فيما يتعلق بالنصاب القانوني للجنة الواحد والعشرين والتصويت فيها، فقد أصرّ البرقاويون والفزانيون على أن يكون النصاب خمسة عشر عضواً والتصويت بأكثرية الثلثين، بينما كان الطرابلسيون يريدون أكثرية عادية، وقد قبلت لجنة الواحد والعشرين بالخمسة عشر عضواً نصاباً قانونياً، وأكثرية الثلثين للتصويت.
وضعت اللجنة يوم 3/ أغسطس 1950 جدول أعمالها على الشكل الآتي:-
1- عدد أعضاء الجمعية الوطنية .
2- هل يكون التمثيل في الجمعية الوطنية على أساس عدد السكان أم على أساس التمثيل الإقليمي المتساوي للأقاليم الثلاثة (أي على عكس ما فرضه وفعله "المستشّر" وتصريحه القائل حرفياً في مناسبتين متتاليتين : أعرف أن قرار تساوي المقاعد هو قرار ظالم وصارخ ولكن يجب على المحتجين أن يقبلوا به !! (أي خوذ والاّ خلّي) .
بالله عليكم توقفوا عند هذه العجرفة والوقاحة قليلاً لتتساءلوا أين هذا "المستشرّ" من ذلك الطاغية "المستبّر" وأجيبكم أنا بأنه قد تفوّق عليه بالفعل: الخلف على السلف : نفس الجينات يا سبحان الله ! 
ونـواصـل :
3- هل ينتخب أعضاء الجمعية الوطنية أم يختارون ؟
4- وإذا اتفق على مبدأ الاختيار فكيف يتم ذلك ؟
5- مكان انعقاد الجمعية الوطنية وتاريخه ؟
وقد تناقش الأعضاء في هذه الأمور طويلاً، وفيما يلي نتائج هذه المناقشات الطويلة حول هذا الموضوع :-
1- يوم 7 أغسطس أقرت اللجنة بأن تتألف الجمعية الوطنية من ستين عضواً على أساس التساوي الإقليمي بين المناطق الثلاث .
2- يوم 9 أكتوبر تم الاتفاق على أن يكون الاختيار لتشكيل الجمعية الوطنية بشرط أن تتمثل الأحزاب السياسية الرئيسية في طرابلس للاختيار، كما تمثل الفئات التي لم تكن منتمية إلى أحزاب. وقد كان موقف ممثلي فزان هو الذي أخّر العمل، إذ كانوا قد أصرّوا على الانتخاب، لكن تدخل السيد محمد إدريس مع أحمد بك سيف النصر – ممثل فزان - أدى إلى تبديل الموقف مع الاشتراط الذي ذُكر .  
3- تركت اللجنة للأمير محمد إدريس السنوسي اختيار ممثلي برقة وأحمد بك سيف النصر اختيار ممثلي فزان، وارتأت إلى أن يعهد إلى فضيلة أبي الأسعاد العالم مفتي طرابلس أن يعد لائحة بعشرين شخصاً من طرابلس ويعرض أسماءهم على اللجنة للبحث .
4- أقرت اللجنة يوم 25/11/1950 تاريخاً لانعقاد الجمعية الوطنية .
وما دمنا قد وصلنا لهذا الحد فإنه يجدر بنا أن نقيد الملاحظات التالية :-
1- أن المجلس (مجلس الأمم المتحدة) اعتبر أن لجنة الواحد والعشرين تجاوزت صلاحياتها وكان عليها أن ترجع إليه – أي المجلس – في كثير من الأمور، لكن الواقع أن اللجنة أخذت بكثير من المبادئ التي أقرها المجلس قبلاً . فمن ذلك مثلاً أن المجلس هو الذي اعترف باستحالة إجراء انتخابات حرة صحيحة في ليبيا مادامت الإدارة أجنبية ، وأقر طريقة الاختيار لأعضاء لجنة الواحد والعشرين .
         ؛؛؛؛ وإلى اللقاء في الحلقة القادمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق