الخميس، 18 أكتوبر 2012

المعادلـة The Equation الحلقة الخامسة


المعادلـة The Equation

17-10-2012                                 
الحلقة الخامسة                                          بقلم : إبراهيم السنوسى أمنينة                                                                                                            
(هل ينتمي السيد رئيس المنظمة العالمية لحقوق الإنسان HRW إلى" الأزلام " ؟)
هو سؤال لا يمكن الإجابة عليه بنعم أو لا !!
قرأت على شاشة إحدى القنوات بأن المنظمة المذكورة أرسلت مذكرة إلى المؤتمر الوطني العام ، قرأت شريطاً إخبارياً من سطر واحد على مدى ثلاثة أيام تقول :
يجب على الجيش الليبي رفع الحصار على بني وليد والتوقف عن قصفه والسماح للتموين بالغذاء والدواء بالعبور إلى المدينة .
ونحن بل وكل ليبي وطني يجب أن يكون ضد قتل أو حصار أو تجويع أي جماعة أو فئة أو قرية أو مدينة على الأرض الليبية ... ولكن وقبل اللجوء إلى مقابلة عمليات الخطف بالعنف ، يتوجب علينا أن نتأسّى بقول الكتاب الكريم بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنين أخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون صدق الله العظيم  (الحجرات ،آية : 9)
وهذا ما يقوم به حكماء الوطن في الوقت الحاضر . وبالفعل فقد جلسوا مع شيوخ وحكماء بني وليد الذين استقبلوا هؤلاء الضيوف الكرام بكل جود وأريحية واستمعوا إليهم بكل صفاء وإصغاء وصبر وأناة وطيب نيّات، وأروهم الحقيقة رأى العين وكشفوا لهم ما كان غائباً عن أبصارهم وبصائرهم من وقائع وحقائق في غياب حضرة إبليس الملعون وحضور رحمة الله بهم جميعاً، والحمد لله رب العالمين.
وبُهت الذين كفروا مثل رئيس منظمة HRW الذي اُسقط في يده بعد وقوع هذا الصلح مردّداً قول إبليس : بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ وقال الشيطان لما قُضى الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فأستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما انتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمونِ من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم صدق الله العظيم  (إبراهيم ،آية : 22) .
ولو كان هذا الطرف الثالث يضمر الخير والصلاح لكافة الأطراف لما تدخـّل دون أن يوغل في التحقق لمعرفة أصل النزاع ومهما تكن الأسباب التي أدّت إلى القتال والخطف والحبس والعنف وقطع الطريق، كائناً من كان البادئ بذلك ، فالأولى بالأجنبي أي الطرف الثالث أن يقول خيراً أو (يسكت) ، وأن يتحرّى من مصادر مؤكده وعليمة عدا كونها محايدة تعرف القسط والحق ، قبل أن يصدر أوامره لأحد طرفي النزاع بأن يعمل كذا وكذا .
فمثلاً فقد نما إلى سمعي (مع أخذ العلم بأنني محايد في هذه القضية وأتمنى ألا يقع نزاع أو قتال بين أبناء وطني ، لكي لا يشمت الأعداء) أن أحد طرفي النزاع أختطف أحد الشباب بعد أن كان عائداً من مهمّة وطنية إنسانية في فض نزاع وقع بين قبيلتين من (الزنتان) و(المشاشيه) على ما أظن وذلك بتكليف من الدولة يعني كان رسولاً للسلام – لا داعية للحرب .
وكنت قد قرأت في تاريخ الدعوة الإسلامية أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم جاءه رجل أرسله مدعي النبوة الملعون مسيلمة الكذاب يطلب من النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام أن يؤمن بمسيلمة فقال النبي الكريم والله لولا أن الله كان قد منع قتل أمثالك من مراسيل الشيطان لقتلتك ، أغرب عن وجهي.
وفي تاريخنا الحاضر سبق أن وقع نزاع بين قبائل صف الغرب وصف الشرق وحدث ذلك في العام 1811م ، والقبائل المتنازعة كانت من الحسون والقذاذفه، والهمامله والفرجان والمعدان والزواوات الذين هم من الزاوية يعني سكان واحة مراده جنوب مرسى البريقه، وكذلك تجدهم ضمن سكان (الهيشه) و (تاورغا) وهم تحت قيادة صالح بن رزق الله الحسوني ، ثم حموده بوصوكايه الفرجاني ثم بن اقدوره المعداني ثم الضبع الزواوي . هؤلاء كانوا على رؤوس القبائل الغازية لإقليم برقه في العام 1811م . أما القبائل البرقاوية التي وقع عليها الاعتداء والغزو الغاشم والظالم فهي قبائل المغاربه والعواقير والعريبات (وفي مجموعها تسمى قبائل العلايا) ومن رؤسهم الشيخ بو شنيّف الكزّه والشيخ محمد الباسل والشيخ علي لطيوش والشيخ حمد اللواطي، والشيخ الكاسح الكيلاني والشيخ حسن قادربوه والشيخ بو خريص الكزّه والشيخ صالح الحول .
وحقناً للدماء فإن قبائل برقه باشروا بالتفاهم مع قبائل صف الغرب تارة باتصال الزعماء وطوراً بواسطة الرسل من دعاة الخير ممّن لا ينتسبون لأي من الفرقاء.
غير أن صف الغرب برئاسة (بن رزق الله) الحسوني، كان قد إستضعف صف الشرق وأخذته الغطرسة والكبر أعماه، وكان آخر رسول للسلام بعثته قبائل برقه إلى صف الغرب هو الفقيه الفزاني الذي كان يعلّم أولاد الشيخ علي لطيوش وكان محل احترام الجميع، وهكذا من كان يحفظ القرآن ويتلوه ويعلّمه يكون محل احترام الغير فأرسله صف الشرق ومعه رجل آخر إلى الشيخ بن رزق الله، يطلب منه باسم صف الشرق (برقه) التفاهم للوصول إلى تحسين علاقات الجوار .
وكان موضوع التفاوض الذي اقترحته قبائل برقه هو طلبهم بقاء هذه القبائل البرقاوية في أرضهم حتى إتمام الحصاد بدون قتال بين الطرفين ويطلب كذلك صف الشرق من الآخرين أن يراعوا حرمة الزراعة ويمنعوا حيواناتهم من العبث بها، غير أن الشيخ بن رزق الله الذي لا يعبأ بصف الشرق وهو قائد صف الغرب، ويعتبر الطرف الآخر وهو قبائل الشرق البرقاوية هو الطرف المستضعف في نظره أبى واستكبر أن يستجيب لذلك الطلب المتواضع ورفض حتى يصغي إليه، ويا ليته وقف عند هذا الحدّ بل تعدّاه إلى ما هو أبشع فقد أمر بعض رجال قومه بذبح ذلك الرسول وهو الفقيه الفزاني المرسل إليه ورفيقه .
فقد ذبحهما كما تذبح الشاة وحملهما على جمل وأرسل من يرسلهما مصلوبين على جمل إلى منتجعات صف الشرق كتهديد وإنذار مع التنبيه بضرورة إخلاء القبائل لمنتجعاتهم وترك مراعيهم وكلئهم وآبارهم والزحف قدماً إلى الشرق، وأرفق مع الجثامين كتاباً يقول :
فقيهك اللّي قرّاك إن جيت يا لطيوش تلحقه
ولا يسكت التاريخ هنا عن سرد باقي هذه الملحمة التي انتهت بهزيمة الغازي الغاشم الظالم هزيمة نكراء، غير أنه لا مجال لسردها في هذا المقام، ونكتفي بذكر المغزى المقصود في هذا السياق وهو أن قتل الرسل يعتبر قتلاً غير مبرّر ويعتبر القاتل كأنما قتل الناس جميعاً، فما بالك بالخطف وانتزاع النخاع الشوكي، والتعذيب حتى الموت، فياليت رجل الـ HRW – أي منظمة حقوق الإنسان تحرّى جيداً لكي يخرج بنتائج أكثر دقة وصلاحاً ، أي أنه كان الأحرى به أن يستمع إلى كافة الأطراف ويلتمس الأدلة على أقوالهم ويرى بعينه ويتبصّر بقلبه قبل أن يوجّه خطاباته ويدلي بحكمه المعيب .
بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركاتٍ من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون
                                                                                                                                                                               صدق الله العظيم (الأعراف آية : 96)
                                                                                                                                                                              وإلى اللقاء في الحلقة القادمة  ؛؛؛؛

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق